في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
القدّيس أونسيموس الرّسول *القدّيس البارّ أفسافيوس القورشيّ *الشّهيد ماجور الغزّاوي *القدّيس البارّ ثيوغنيوس بتاليا *الشّهيد الجديد يوحنّا التّسالونيكي *القدّيس البارّ دالماتيوس السّيبيريّ *القدّيس البارّ أنثيموس خيو.
* * *
✤ القدّيس البار دالماتيوس السّيبيري (+1697 م)✤
ولد في مطلع القرن السّابع عشر في مدينة توبولسك، وهي المركز الثّقافي والسّتراتيجي لسيبيريا. نشأ في عائلة كوزاكية من أصل تتري حديثة الهداية. تربّى على الإيمان ومخافة الله. فلما بلغ سن الشّباب انخرط في الجندية الملكية. أبدى من البطولة قدرًا فائقًا فجعله القيصر أحد نبلائه. تزوّج وعاش في رغد في مدينة توبولسك إلى ان جاء يوم بهت فيه العالم في عينيه فزهد في الحياة الدّنيا. حدث هذا إثر حريق كبير أتى على قسم من المدينة في شهر آب من العام 1643. على الأثر هجر عائلته وتخلّى عمّا يملك وما تمتّع به من ألقاب وطلب الحياة النّسكية. اعتزل في أحد ديورة الأورال. لم يأخذ معه من حطام الدّنيا شيئًا سوى ايقونة لرقاد والدة الإله نجت عجائبيًا من الحريق الكبير. ترهبن باسم دالماتيوس وانكبّ على الجهادات النّسكية بهمّة وعزم كبيرين. وقد بدا مبرِّزًا، منذ أول الطّريق، حتّى اتجهت إليه أنظار بقية الرّهبان هناك ورغبوا في اختياره رئيسًا عليهم. خشي المجد الباطل وحمل مسؤولية النّفوس فهرب حاملًا ايقونته والتمس موضعًا معزولًا يرضي فيه ربّه بسيرة الصّمت والصّلاة المتواصلة. وجد، بعد لأي، مكانًا مناسبًا يقع عند ملتقى نهري تجيشا وإيسات، على هضبة تحمل اسم المدينة البيضاء. هناك هيّأ لنفسه مغارة. ولكن لم يتمكّن، في ذلك الموضع، من الاستمتاع بالهدوء طويلًا لأن النّعمة الإلهية هدت أقوامًا إليه. وقليلًا قليلًا ذاع صيته وقصده المؤمنون من أماكن بعيدة طلبًا لصلاته والتماسًا لمشورته وانضمامًا إليه. وان عددًا من الوثنيّين اعتمدوا بيده. وإذ ضاق المكان بمن فيه، طلب القدّيس من رئيس أساقفة توبولسك البركة ليشيد كنيسة خشبية وبعض القلالي. تلك كانت بداية الدّير الّذي عُرف، فيما بعد، بدير الرّقاد، المسمّى أيضًا دير القدّيس دالماتيوس. فلما عاين عدو الخير نجاحات رجل الله، حرّك مزارعين كانوا قد ضمنوا الأرض من أميرها لصيد الأسماك والحيوانات البرية. هؤلاء خشوا ازدياد عدد الرّهبان لدرجة يستولون معها على الأرض فاشتكوا إلى الأمير ان هؤلاء القوم يرومون الاستيلاء على الأرض. خرج الأمير إلى موضع الرّهبان في حنق شديد وسيفه في يده. فلما دخل على رجل الله طالعه انسان وديع أربكه. وإذ تبادل وإياه الكلمات فهم منه أنهم أقرباء من جهة والدة القدّيس. للحال ألقى الأمير سيفه أرضًا وانسحب بصمت.
ولم تقف مؤامرات عدو الخير، على رجل الله ورفقته، عند هذا الحدّ فإن خصومه اتهموه بالتّآمر على حياة الأمير الّذي كان مسلمًا. فما كان من هذا الأخير إلا ان جمع عسكره ورام ضرب الرّهبان والقضاء عليهم. في تلك اللّيلة الّتي سبقت المواجهة، نزل الأمير وعسكره الشّاطئ المقابل للنهر وكان الرّهبان يرون نيرانهم ويسمعون أناشيدهم. وإذ تحوّل الرّهبان إلى الصّلاة لوالدة الإله طلبًا لمعونتها، أمضوا اللّيل بطوله في الضّراعة. فأتت والدة الإله إلى الأمير في الحلم وفي يديها سيف وسوط وحرّمت عليه وعلى جنده التّصدّي لدالماتيوس والرّهبان وأمرته بالتّنازل لهم عن تلك الأصقاع. فلما كان الصّباح تغيّر قلب الأمير فخرج إلى القدّيس وصنع لديه سِلمًا مبديًا احترامًا كبيرًا وسخاء فيّاضًا. ثم في السّنة التّالية 1646 انتهى عقد المزارعين، ضامني الأرض، فتوجّه الأمير إلى حيث كان القدّيس وقدّم له تلك البقعة هبة.
وتعرّض القدّيس ورهبانه للمزيد من مؤامرات عدو الخير. ففي السّنة 1651 هاجمت الدّير جماعة بربرية فأحرقت وقتلت. وحده القدّيس نجا. فلما عاد إلى المكان وجد الأيقونة، ايقونة الرّقاد، بانتظاره دون ان ينالها أذى. فعاد وبدأ ببناء ما تهدّم. وإذا بتلاميذ جدد ينضمّون إليه. غير ان المكان تعرّض لهجمات البربر عدّة مرات. ولم تتوقف إلا بعدما نجح الرّهبان في إقامة التّحصينات حول الدّير ابتداء من العام 1682. هناك قضى دالماتيوس سنواته الأخيرة ورقد بسلام في الرّبّ سنة 1697 م. ويبدو ان ولده إسحق هو الّذي اتمّ العمل من بعده فبنى كنيسة حجرية، وأدخل الأيقونة العجائبية إليها، وكذا رفات قدّيس الله. بعد ذلك أضحى المكان محجّة.