في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*وضع زنّار والدة الإله الكلّية القداسة في كنيسة خالكوبراتيا *الشّهداء أندراوس وهيراكليوس وفوستوس وميناس *الشّهيد فيليوروتوس *الشّهيد ديادوخوس *الشّهيدات العذارى السّبع في غزّة *الشّهداء الثّلاثمائة والسّتّة والسّتّون في نيقوميذا *الشّهداء الأربعة في برجة بمفيليا *القدّيس البارّ إيدان، أسقف لينديسفارن الإنكليزيّ *الجديد في الشّهداء الرّوس ميخائيل كوسوخين.
* * *
✤ القدّيس البارّ إيدان، أسقف لينديسفارن الإنكليزيّ ✤
لما قرر القديس أوزوالد (5 آب)، ملك نورثامبريا، أن يواصل العمل الرسولي الذي انقطع بموت الملك أدوين (+633م)، استجار برهبان دير أيونا الشهير، حوالي العام 635م. لكن المُرسل الذي بُعث ليبشر الساكسونيين ما لبث أن عاد إلى بلاده. فاجتمع آباء الدير لينظروا في أسباب فشل الإرسالية فرأى القديس إيدان أنه لا يوافق أن تُفرض، دفعة واحدة، على هذه الشعوب الوثنية، كل صرامة شريعة الإنجيل، بل، بالأحرى، كتوصيات رسول الأمم، أن يصار، أولاً، إلى تغذيهم بـ “حليب” الإيمان ليؤتى بهم، قليلاً قليلاً، إلى حفظ الوصايا الأسمى (1كو2:3). وإذ أُعجب الآباء بحسن تمييزه، والتمييز هو مبدأ كل الفضائل المقدسة، فقد قرروا للحال أن يجعلوه أسقفاً ويوفدوه رسولاً إلى نورثامبريا. ما إن وصل إلى هناك حتى أسّس، في جزيرة لينديسفارن، الواقعة بمحاذاة المقر الملكي في بامبورغ، ديراً كان، وفقاً للتراث السلتي (أي تراث الكنيسة التي انوجدت في الجزر الإنكليزية قبل وصول القديس أوغسطينوس كانتربري سنة 597م)، في آن معاً، مقر الأسقفية. وبمساعدة الملك شرع إيدان يقوم بزيارات رسولية في أسقفيته المترامية الأطراف مركزاً جهوده، بخاصة، على برنيقيا. كان يسافر، دائماً، على قدميه متبوعاً بفريق من الكهنة والرهبان الذين حافظوا، خلال الترحال، على كل واجباتهم الرهبانية. كان يعظ لا فقط في الأماكن العامة بل ينتقل من بيت إلى بيت أيضاً ليبث نور الإيمان للذين كانوا، بعد، وثنيين، أو ليثبِّت المؤمنين. كان يعيش في فقر كبير وتنزّه عن كل الدنيويّات، الأمر الذي أتاح له أن يوبِّخ، بكل حريّة الكلمة، الأغنياء والأقوياء. أعظم فرحه كان أن يوزّع على الفقراء كل ما يُقدَّم إليه، أو أن يفتدي الأسرى والعبيد، ويُعِدّ خير من فيهم للكهنوت. حيثما عبر إيدان كان يؤسّس الكنائس والأديرة. وفيها كان يترك الرهبان ليعلموا الأولاد، كما كانت العادة في الأديرة الإيرلندية. كان مثار إعجاب الجميع لجهة أصوامه، كما كان أول من يطبِّق ما يعلم. وقد كان، بمثاله، يعكس، لتلك الشعوب القاسية، وداعة الأخلاق الإنجيلية. كذلك كان يشجّع العامة على إتباع الأصوام وأشكال صلاة الرهبان حاثّاً إياهم على الامتداد صوب الكمال. كان الأب الروحي للقديسة هيلدا (17 تشرين الثاني) وأسّس الأديرة النسائية الأولى في مملكة تورثامبريا. كانت حمية القديس الرسولية شديدة لدرجة القول إنه هو رسول إنكلترا الحقيقي دون القديس أوغسطينوس كانتربري (26 أيار) كما هو شائع.
بعد موت القديس أوزوالد (642م)، كسب القديس إيدان صداقة الملك أوزوان (642 – 651)، ملك داييرا. ذات يوم،قدّم له الملك هديّةً، خير حصان لديه مُسْرَجاً على أفضل ما يكون. أما الأسقف، فإذ التقى، بعد قليل، رجلاً يطلب إحساناً، للحال أعطاه الحصان. فلما التقى الملك الأسقف في العشاء أخذ عليه إسرافه، فأجابه إيدان: “يا جلالة الملك، هذا الحصان الذي هو ابن حجْر، أيكون لك أعزّ من هذا الإنسان الذي هو ابن الله؟” خلال الصوم، اعتاد الأسقف القديس أن يعتزل في جزيرة قاحلة في فارنا لينكبّ، بلا تشتّت، على الصوم والصلاة. فخلال إحدى هذه الخلوات رأى أن حريقاً أشعله باندا، ملك مرسيا، يهدّد المدينة وقصر بامبورغ، فرفع يديه إلى السماء وسأل، بدموع، العون الإلهي. للحال تغيّر اتّجاه الهواء وارتدّت ألسنة اللهب على المحاصِرين الذين أخذوا في الانسحاب، وإن حرباً أهلية اندلعت بين ملكي برنيقيا وداييريا سقط فيها الملك أوزوان صريعاً، وفقاً لنبوءة سبق أن تفوّه بها القديس إيدان، بعد اثني عشر يوماً من وفاة الملك، رقد الأسقف القديس في بامبورغ ووري جسدّه الثرى في لينديسفارن في 31 آب سنة 651م.