في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*الشّهيد أفلاطون *الشّهيدان رومانوس وبارولا *الشّهيدان زكّا وحلفى *الشّهيد هزيخيوس الأنطاكيّ *القدّيس البارّ توما الحمصيّ *الجديد في الشّهداء أناستاسيوس الأبيروس *القدّيس دانيال المسلم المهتدي.
* * *
✤ الشّهيدان رومانوس وبارولا ✤
رومانوس من أصل أنطاكي أو ربما فلسطيني. كان شمّاساً وطارداً للأرواح الشرّيرة في الكنيسة. كان في أنطاكية عندما اندلعت موجة جديدة من الاضطهاد على المسيحيّين في زمن الأمبراطور ذيوكليسيانوس (303 م). لم يطق رومانوس، إثر ذلك، أن يرى عدداً كبيراً من المسيحيّين يتهافتون على حاكمية أنطاكية ليكفروا بالمسيح ويقدّموا العبادة للأوثان خوفاً على أنفسهم. وإذ دبّت فيه الغيرة الإلهية شرع يطوف عليهم في بيوتهم وحوانيتهم يقوّيهم ويشدّد عزائمهم. فوصل الخبر إلى الحاكم، اسكلبياذوس، فأمر بإلقاء القبض عليه. وفيما كان الجنود يبحثون عنه، إذا به يعترض الحاكم في طريقه إلى هيكل الأوثان لتقديم ذبائحه: “تخطئ أيها الحاكم، إذ تذهب إلى الأصنام. فالأصنام ليست آلهة. وحده المسيح هو الإله الحقيقي“. فبُهت الحاكم من جسارة هذا الوقح. وإذ عاد إلى نفسه وهمس أحد الجنود في أذنه بأنّه هو المطلوب بتهمة تحريض المسيحيّين على عصيان الأوامر الملكية، أمر للحال بإلقاء القبض عليه وسوقه إلى الديوان.
في الديوان، أخذ الحاكم يقرّع رومانوس على عمله الشائن فكان جوابه أنّه يفتخر بأن يعصى الأوامر الجائرة للملوك ويحضّ المسيحيّين على عصيانها لأنّ الله أولى من الناس بالطاعة. فأشار الحاكم إلى الجنود بأن يجلدوه فجلدوه بعنف بمجالد مزوّدة في أطرافها بقطع من الرصاص، كما مزّقوا جسده بأمشاط من حديد. بعد ذلك دنا منه ليرى إن كان بعد على قحته أم رضخ، فقال له رومانوس: “كم تشتهي نفسي أن تستنير أنت ومَلكك بنور المسيح وتسلكا بحسب إنجيله، إذن لأضحى ذيوكليسيانوس ملكاً حقيقياً ووكيلاً أميناً لملك السموات على الأرض!” ثمّ أضاف: “ليس الصنم شيئاً، والوثنية حماقة. المسيح هو ربّ المجد. واضطهاد ذيوكليسيانوس للمسيحيّين ظلم واستبداد“.
وعدّ الحاكم كلام رومانوس تجديفاً على الملك فأمر به جنده من جديد فسلخوا جلد خاصرتيه. فالتفت شهيد المسيح إلى اسكلبياذوس وقال له: “أترى هذا الولد هناك؟” فأدار الحاكم وجهه فأبصر ولداً ممسِكاً بيد أمّه وسط جمع من الناس. فقال له رومانوس: “هذا الولد يفهم أكثر منك لأنّه يعرف مَن هو الإله الحقيقي وأنت لا تعرف. سله فيجبك!” فاختلط الأمر على الحاكم إزاء الجمع وارتبك وصرخ بالولد إليه فجيء به للحال فسأله: “قل لي يا ولد هل هناك إله واحد أم آلهة متعددة؟” فأجاب الولد وكان اسمه بارولا: “بل هناك إله واحد خالق السماء والأرض“. فسأله الحاكم: “وهل أنت مسيحي؟” فأجاب: “نعم، أنا مسيحي وأؤمن بالربّ يسوع المسيح“. فتطلع الحاكم بغضب إلى أمّ الولد ووبّخها على إفسادها إيّاه وسوء تربيتها له. ثمّ اقترب جندي من الولد وانهال عليه ضرباً قصاصاً له. فخرجت الأمّ عن صمتها وأثنت على ولدها وأخذت تشجّعه، فاشتد غيظ الحاكم وأمر بقطع رأس الولد أمام أمّه، فقُطع، وأحصي في عداد شهداء الكنيسة.
أما رومانوس فأمر الحاكم بنزع لسانه وألقاه في السجن وأثقل وثقه وأيضاً كسر الجنود ساقيه، وأخيراً خنقوه.