في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*القدّيس حجّاي النّبيّ *الشّهيد مرينوس الرّوميّ *الشّهيدان بوموس وهيلاريون ورفاقهما *أبونا الجليل في القدّيسين ممنون، أسقف أفسس *أبونا الجليل في القدّيسين مودستوس الثّاني، أسقف أورشليم *القدّيسة البارّة ثيوفانو الملكة الصّانعة العجائب *أبونا الجليل في القدّيسين نيقولاوس الثّاني بطريرك القسطنطينيّة.
* * *
✤ القدّيس حجّاي النّبيّ ✤
اسمه معناه “المولود في يوم عيد”. وهو صاحب سفر حجّاي، العاشر من أسفار أنبياء العهد القديم الإثني عشر الصغار. يقع في إصحاحين وثمان وثلاثين آية. يسبق سفر زكريا وهو معاصر له. تنبّأ حجّاي في زمن داريوس الملك الفارسي (522-486ق.م). وكان زربّابل بن شألتئيل حاكم يهوذا ويشوع بن يوصاداق رئيس كهنة.
تفوّه حجّاي بأربع نبوءات أثبت لكل منها تاريخاً محدّداً، وهي تمتدّ من شهر آب إلى شهر كانون الأول من السنة 520ق.م. الموضوع الأساسي للسفر: إعادة بناء هيكل الرب.
فقرابة العام 537 ق.م عاد المسبيون اليهود من بابل إلى أرض آبائهم بعدما أطلقهم قورش الفارسي الذي تمكن من إمبراطورية بابل في حدود العام 539 ق.م. ولما شرعوا في إعادة بناء الهيكل سنة 537 ق.م (عزرا3)، وكانوا متحمّسين، واجهتهم صعوبتان أساسيتان ففتروا وصرفوا النظر عن العمل فيه إلى وقت لاحق. الصعوبة الأولى كانت مقاومة أصل السامرة لهم. والصعوبة الثانية ضيق ذات اليد.
وكرّت الأيام، خمسة عشر عاماً، انصرف العائدون خلالها كل إلى شؤونه الخاصة. بنوا بيوتهم وبيت الرب نسوه. ألفوا تأجيل عمل الرب ولم تعد ضمائرهم تبكّتهم. استهانوا به وتعلّلوا بعلل الخطايا فبقي خراباً. فقام حجّاي ونخسهم بمنخس كلمة الله.
هذا ما يقوله الرب الإله لكم:
“فكّروا في مصيركم”. تفكّروا في ما آلت إليه حالكم. لم تعد بركة رب القوات عليكم. السماء حبست الندى والتربة الغلة. الأرض قحلت وكذلك الجبال. “زرعتم كثيراً واستغللتم قليلاً. أكلتم ولم تشبعوا. شربتم ولم ترتووا. اكتسيتم ولم تدفأوا. والذي يأخذ أجرة يأخذها في صرّة مثقوبة” (6:1). يركض الشعب وراء الرزق والرزق يهرب منه. لماذا؟ لأنهم سكنوا في بيوت مسقوفة وبيت الرب خرب. اهتمّوا بما لأنفسهم وتركوا ما للرب. ليس لله بيت في وسطهم. لم يعد ساكناً بينهم. غادرتهم البركة. فلا حلّ لهم ولا يرضى الله عنهم إلا إذا بنوا الهيكل من جديد. “أعيدوا بناء البيت فأرضى به وأظهر فيه مجدي. قال الرب” (8:1).
ونبّه الرب الإله روح زربابل ويشوع وبقية الشعب فانتبهوا. خافوا فباشروا العمل في ثلاثة وعشرين يوماً.
وما إن أخذ الشعب في العمل حتى واجهته تجربة قاسية فارتخت أوصاله. ذكر ما كان للهيكل في أيام الآباء من عز وما كان عليه من غنى فانحطت عزائمه لأنه كيف يجاري القدامى وإمكاناته محدودة بهذا القدر. ظنّوا أنهم هم البناة من دون الله فاستعظموا وخافوا وخاروا. فكانت كلمة الله إليهم أن يتشددوا ويعملوا ولا يخافوا لأن رب الجنود معهم وروحه قائم في وسطهم حسب وعده لهم منذ خروجهم من مصر (4:2-5). عملهم، على تواضعه، يقبله ويباركه. وهو الذي سوف يملأ هذا البيت مجداً وغنى. “لي الفضّة ولي الذهب”. “مجد هذا البيت الأخير سوف يكون أعظم من مجد الأول قال رب الجنود” (9:2). وفوق ذلك يعطيهم السلام.
كلام حجّاي، لاسيما في الإصحاح الثاني من سفره، يذيع المسيح المنتظر “مشتهى كل الأمم” (7:2)، على حد تعبيره. أي هيكل ينطبق عليه القول الراهن غير هيكل جسد الرب يسوع (يوحنا 19:2-21)؟ ومن الذي أظهر مجد الله إلى تمامه غير القائل: “أنا مجدّتك على الأرض. العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته” (يوحنا 4:17)؟ ومن الذي به صار سلام الله إلى المسكونة غير القائل: “سلامي أعطيكم. لا كما يعطيكم العالم” (يوحنا27:14)؟ والسلام الذي يعطيناه هو نفسه. هو سلامنا كما قال الرسول المصطفى بولس (أفسس14:2). هذا الإعلان عن المسيح الآتي يقترن في أخر السفر بعهد طالما قطعه الرب الإله على نفسه وهو باق عليه، يكرره اليوم لزربّابل، سليل داود، محققاً متى كمل الزمان: “في ذلك اليوم يقول رب ّالجنود آخذك يا زربّابل عبدي ابن شألتئيل يقول الرب وأجعلك كخاتم لأني قد اخترتك يقول ربّ الجنود” (23:2).
وفي السفر أقوال تطلّ على الأيام الأخيرة لما ينطوي الزمان وتباد قوى هذا الدهر. “هي مرةً بعد قليل فأزلزل السموات والأرض والبحر واليابسة” (6:2). “وأقلب كرسي الممالك وأبيد قوة ممالك الأمم…” (22:2). هذه نحسبها تتحقق في الزمن الذي ذكره كتبة العهد الجديد: “متى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القدّيسين معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده ويجتمع أمامه جميع الشعوب” (متى31:25-32).
كل هذه الوعود كانت بحجّاي ليتشدّد الشعب ويعرف أن الله معه. “من هذا اليوم أبارك” (19:2) قال ربُّ الجنود. ولكن، ثمة شرط على الشعب أن يلتزمه قبل أن يضع حجراً على حجر في هيكل الرب: أن يمتنعوا عن كل نجاسة ويجتنبوا كل محرّمة. الأمانة لله وأحكام الشريعة أولاً. إصلاح النفوس قبل إصلاح البيت. هذا ما تطالعنا به النبوءة الثالثة من سفر حجّاي (10:2-19).
يبقى أن السفر برمّته يطال كل من استقر عليه اسم إلهه، وهو معاصر لنا بروحيته. أوليس أنكم أنتم هيكل الله وروح الله ساكن فيكم؟! هذا الهيكل بحاجة إلى من يصلحه بالتوبة وحفظ الوصية والأمانة. بهذا تُستعاد بركة الله على شعبه ويتمجّد الله في أحبته بعدما ألف الأكثرون النجاسة وأضحى اسم الله بسببهم مجدّفاً عليه بين الأمم (رومية24:2). “توبوا وارجعوا لتُمحى خطاياكم لكي تأتي أوقات الفرج من وجه الرب” (أعمال19:3).
طروبارية القديس حجّاي النّبي (باللّحن الثّاني)
إنَّنا مُعَيِّدونَ لِتَذْكارِ نَبِيِّكَ حجي وبِهِ نَبْتَهِلُ إِلَيْكَ يا رَب، فَخَلِّصْ نُفُوسَنا.