في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*القدّيسون الشّهداء تيرسس ولوقيوس وكلينيكوس *الشّهداء أبولونيوس وفيليمون وأريانوس وحراسه الأربعة *تذكار الزّلزلة الّتي ضربت القسطنطينيّة في 14 كانون الأوّل سنة 557 م *القدّيس البارّ دانيال الرّومانيّ الهدوئيّ.
* * *
✤القديسون الشهداء تيرسس ولوقيوس وكلينيكوس (+250م)✤
استشهد هؤلاء الثلاثة في أيام القيصر الروماني، داكيوس، في حدود العام 250 للميلاد. فإثر قرار ملكي بملاحقة المسيحيين وتوقيفهم وإنزال أشد العقوبات بهم إذا ما رفضوا الانصياع لأوامر قيصر، توجه المدعو كومبريكيوس الوالي إلى نواحي نيقوميذيا ونيقية وقيصرية بيثينيا لوضع القرار الملكي موضع التنفيذ. ولما شاء الوالي أن يضرب المسيحيين من جديد تسبب في إهراق دماء العديد منهم وبطش بصغارهم وكبارهم، فاحتدّت روح الرب في رجل مسيحي من مواطني قيصرية اسمه لوقيوس، فتقدّم من الوالي بجرأة ما بعدها جرأة وصرخ في وجهه: “يا أيها الكَلْب الكَلِب، حتى متى تسفك الدماء كجدول المياه، ملزماً تلاميذ المسيح الودعاء أن يعبدوا الحجارة وقِطع الخشب الصمَّاء بصفتها آلهة؟” فنزل كلامه في عيني الوالي وأذنيه نزول الصاعقة. وما أن استردّ وعيه حتى أخذت الدماء في عروقه تغلي فأمر للحال بإلقاء القبض على لوقيوس وتقّدم جلادوه وأعملوا فيه ضرباً بالسياط شرساً. وإذ لم يقوّ الوالي على لجم هياج نفسه، عفّ عن محاكمة الرجل وفق الأصول وأمر للحال بقطع رأسه فنفذ الجلادون حكمه. وانتشر الخبر بين المسيحيين بسرعة فراعهم الحدث وأصيبوا بالذعر فلاذوا بالجبال والمغاور. إزاء حالة الفزع العارمة هذه انبرى رجل باسل اسمه تيرسس إلى ساحة التحدي وفي نيّته أن يبعث في القوم روح العنفوان والشهادة، فخرج إلى مقر الوالي وطلب مقابلته. ولما دخل عليه التزم أمامه الصبر، بجرأة وهدأة، وسعى إلى إقناعه إنه من الإذلال للناس وهم المتعقلون أن يعبدوا كائنات لا عقل لها وظواهر طبيعية. لكن الوالي لم يكن في وارد الأخذ والرد على صعيد الإقناع والاقتناع. لهذا السبب عاد وكرر أن المطلوب واحد وهو الطاعة الكاملة لأوامر قيصر. وإذ بدا أن تيرسس استنفد لغة الكلام والوالي لغة الصبر، أمر كومبريكيوس بتقييد الشاهد معصميه إلى رجليه وأسلمه للجلادين فانهالوا عليه ضرباً لا هوادة فيه، ثم حطموا كعبيه وفقأوا عينيه وسكبوا رصاصاً مذاباً على بدنه. غير أن النعمة الإلهية صانت حبيب الله وحفظته ثابتاً إلى المنتهى، وحصّنته كما بمجنّ غير منظور. وقد ذكر أن صلاة القديس دكّت الأصنام في المكان. ولكن لم يكن الوالي ليعتبر. وإذ تعب ولم ينجح في كسر مقاومة الرجل اشتد غيظه، لكنه أعاده إلى السجن ريثما يحشد عليه موجة جديدة من العنف والتعذيب. أمّا تيرسس فقد ظهر له الرب يسوع المسيح شخصياً وشدده، وقيل أخذه إلى أسقف المحلة الذي عمده. وكان أن كابد الشهيد المزيد من العذابات المرة على امتداد فترة من الزمان غير محددة إلى أن قضى الوالي وجيء بأخر اسمه بابدوس. هذا أراد التخلص من القديس فجعله جنوده في كيس محكم وألقوه في البحر. لكن ذكر أن ملاك الرب نجاه. كما ذكر أنه ألقي للأسود فلم تمسه بأذى. أمام كل هذا تحرّكت نفس رجل اسمه كلينيكوس كان كاهناً للأوثان، فاقتبل الإيمان بالمسيح وجاهر به أمام الوالي مقبِّحاً عبادة الأوثان فجرى توقيفه وإعدامه بقطع الرأس، فيما جعل الجند تيرسس في صندوق خشبي ضيّق نشروه ببطء كما ليستنفدوا ما في أنفسهم من ضغينة وغرور وحب للموت، ولكن على غير طائل لأن قوة الله فوق كل قوة. هكذا كمّل رجل الله ألام المسيح في جسده ونال إكليل الحياة. وقد قيل إن ذلك حصل في مدينة تدعى أبولونيا. كما أورد المؤرخ الكنسي سوزومينوس (القرن 5م) أن قيصاريوس القنصل بنى على اسم القديس تيرسس في القسطنطينية كنيسة عظيمة جعل فيها بعضاً من رفاته. وكانت للقديس كنيسة أخرى في المدينة. كما ذكر أن القديس تيرسس ظهر للإمبراطورة بلخاريا القديسة (399-453 م) وأشار عليها بأن تجعل رفات شهداء سبسطيا الأربعين بجانب رفاته هو. أما في الغرب فجرى تشييد عدد من الكنائس على اسم القديس تيرسس، لاسيما في إسبانيا.