في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
✵الشّهداء لوسيليانوس ورفقته ✵القدّيس البارّ أثناسيوس البيثينيّ ✵أبونا الجليل في القدّيسين أخيلا، رئيس أساقفة الإسكندريّة ✵القدّيسة كلوتيلد الفرنسيّة ✵القدّيس البارّ كيفين الإيرلنديّ ✵القدّيسة البارّة هياريا ✵القدّيس البارّ داود الجيورجيّ ✵القدّيس إسحق قرطبة ✵القدّيس البارّ ليفاردوس الفرنسيّ.
* * *
✤ الشّهداء لوسيليانوس ورفقته ✤
لوسيليانوس مواطن من نيقوميذيّة، العاصمة الشّرقية للإمبراطوريّة الرّومانيّة، اهتدى إلى المسيح بعدما كان كاهنًا للأوثان. وكانت قد مرّت على هدايته سنتان عندما أُحيط سلوانوس، حاكم نيقوميذيّة، علمًا بالأمر وأنّ عدد الّذين يتخلّون عن عبادة زفس وآرس إلى المسيحيّة آخذ في الازدياد. فتوجّس الحاكم خيفة وامتلأ غيظًا وشعر بالخطر يتهدّد سلامة الإمبراطوريّة، لا سيّما وأنّ السّلام في طول البلاد وعرضها كان مُرتبِطًا في الأذهان بتقديم الذَّبائح للأوثان.
أمر سلوانوس بإعداد العدّة لتقديم الأضاحي ووعد بالحظوة مَن يستعيد لوسيليانوس إليه. لوسيليانوس كان مُتواريًا عن الأنظار في ذلك الحين. وإنّ يهوديًّا اسمه سمعان وشى به لقاء مبلغ من المال أنّه يلتقي مسيحيّين، في العادة، في موضع يبعد عن المدينة مسافة ميلين. للحال أُرسلت مفرزة من الجند إلى هناك لإلقاء القبض عليه ومَن معه وإيداعهم السّجن.
بعد ليلة أمضاها لوسيليانوس في الإنفراد، مَثَل، صبحًا أمام سلوانس. خاطبه الحاكم بلهجة قاسية وهدّده بعذابات مريرة ما لم يجحد المصلوب ويَعُدْ إلى طقوس الآلهة ليقدِّم لها، أمام الملأ، الأضاحي اللّائقة بها. جواب القدّيس كان: “حاشا لي أن أكفر بالرّجاء الّذي لقيته في المسيح لأضحّي لحجارة صمّاء وأبالسة نجسين. تكفي السّنين الّتي أضعتها في خدمة الأصنام باطلًا. صبّ عليَّ مِنَ العذابات ما شئت سريعًا فإنّه لا شيء يجعلني أتراجع!”
أمر الحاكم بتمزيق وجْنَتَيْه وجلده ساعتين مُمَدّدًا على الأرض، مشدودةً أطرافه إلى الأوتاد. ثم علّقه ورأسه إلى أسفل. في كلّ ذلك كان لوسيليانوس لا يحسّ ألمًا وكان يخاطب الحاكم باعتباره خادمًا للشّيطان وعدوًّا لله.
وخشية أن تؤول مقاومة الشّهيد إلى هدايات جديدة بين الحاضرين ألقاه سلوانوس، على الأثر، في السّجن. في الحبس التقى قدّيسنا أربعة أولاد: كلوديوس وهيباتيوس وديونيسيوس وبولس اعتُقلوا لإيمانهم بالمسيح. هؤلاء التصقوا به وودّوا، بصلاته، لو ينالون إكليل الشّهادة.
في الصَّباح الباكِر اقتيد الخمسة إلى هيكل آرس حيث كان سلوانوس في انتظارهم. دعاهم إلى التّضحية للإله وإلّا جعلهم طعمًا لألسنة النّار. أعاد لوسيليانوس على مسمع الحاكم ما سبق أن صرّح به البارحة مُبدِيًا أنّه ليس له ما يخشاه من نار تشتعل قليلًا لتنطفئ فيما على سلوانوس أن يُكابِدَ نارًا أبديّة. وردّد الأولاد صدى كلماته مُبدين أنّهم لا يعرفون أن يصلّوا إلّا للآب والابن والرُّوح القُدُس. تصريح الأولاد أغاظ الحاكم بالأكثر لأنّه شعر بالمهانة أنّ صِبْيَةً يتحدّونه بمثل هذه الجسارة، فأمر بإلقائهم في النّار. وقد قيل إنّه كما حفظت نعمة الله الفتية الثلاثة القدّيسين في آتون النّار في بابل حفظت الشّهداء الخمسة ولم تمسّهم بأذى، فيما كانوا يسبّحون الله.
بعد ذلك عمد الحاكم إلى نقلهم إلى خلقيدونيا ليحملهم، هناك، على التّضحية لزفس واعِدًا الصِّبْيَةَ بهدايا قيّمة وملابس فاخرة. جوابهم، بصوتٍ واحدٍ، كان: “لتنزل كراماتك معك إلى الجحيم!”
قضى الأولاد الأربعة بقطع الرّأس في بيزنطية الّتي كانت يومذاك بلدة متواضعة. أمّا لوسيليانوس فقضى في مكانٍ ماحِلٍ مسمّرًا على الصَّليب في مواضع مختلفة من بدنه.
وقد ورد أنّ عذراء تقيّة اسمها “باولا” أعانت المُعتَقَلين في السِّجن سرًّا فوشي بها إلى سلوانوس. فلمّا وقفتْ أمامه اعترفتْ ولم تُنكر أنّها آمنت بالمسيح بسعي لوسيليانوس، فأشبعها عشرة رجال جلدًا ثمّ ضربًا بالعصي حتّى هشّموا عظامها. وقد قيل إنّها قضت، أخيرًا، بقطع الهامة في بيزنطية حيث لفظ لوسيليانوس نَفَسه الأخير.