في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*القدّيسة البارّة دومنيكة *القدّيس البارّ جاورجيوس الخوزيبي *القدّيس البارّ يوحنّا الهدوئيّ *الشّهيد في الكهنة كرتاريوس القيصريّ *الشّهيدان ثيوفيلوس الشّمّاس وهيلاديوس الليبيّان *الشّهداء يوليانوس وكلسيوس وأنطونيوس وأنسطاسيوس والشّهيدتان فاسيليسّا ومرسيونيللا مع الأولاد السّبعة والجنود العشرين *القدّيس البارّ إيليا المصريّ *القدّيس البارّ أغاثون *القدّيس شمعيّا النّبيّ *القدّيس أتيكوس بطريرك القسطنطينيّة *القدّيس كيروس بطريرك القسطنطينيّة *القدّيس البارّ ثيودوروس مؤسس دير الكورة في القسطنطينيّة *القدّيس البارّ مكاريوس ماكريس *الشّهيد أبو العطّار البغداديّ *القدّيس البارّ غريغوري الكييفيّ الصّانع العجائب *القدّيس غريغوريوس أسقف أوخريدا البلغاريّة.
* * *
✤ القدّيس الشّهيد أبو العطّار البغداديّ ✤
كتب سيرته بعد استشهاده المدعو يوحنا بن شابان الجيورجي.
كان الشهيد ابو العطّار عربياً مسلماً بغدادياً. كان في سن السابعة عشرة عندما التقى بأمير جيورجي هو الدوق نرسيس. هذا قدم الى بغداد بناء لأمر الخليفة ابي جعفر المنصور الذي حبسه في حفرة ثلاث سنوات. فلما تولى الخلافة المهدي (775-785) أمر بإخراجه وأعاد اليه الاعتبار ورده اميراً على شعبه. وقد رافق ابو العطّار الأمير الى بلاده بعدما التحق بحاشيته. تعلّم ابو العطّار اللغة الجيورجية قراءة وكتابة واطّلع على العهدين القديم والجديد وأخذ يدخل الكنيسة بانتظام ويسائل المعلّمين في قضايا الإيمان. وقليلاً قليلاً بات على بيّنة من إيمان الكنيسة المقدّسة وتعليمها، فاقتبل المسيح في قلبه سيداً دون ان يعلن عن ذلك جهراً مخافة ان يتعرّض لملاحقة المسلمين.
بعد عدة سنوات غضب العبّاسيون على نرسيس، من جديد، ففرّ من وجههم الى القفقاز، ورافق نرسيس في رحيله ثلاث مائة من الرجال وكان ابو العطّار في عدادهم. هناك في القفقاز كان عدد من البلدات والقرى المسيحية، فاعتمد ابو العطّار على يد كهنة تلك البلاد. بعد ذلك انتقل الأمير وحاشيته الى ارض أبخازيا المسيحية.
بعد مدة من الزمن عاد العباسيون وطلبوا من نرسيس العودة الى بلاده. ولمّا همّ في الرجوع استدعى الامير الابخازي ابي العطّار ودعاه الى البقاء في أبخازيا لانه سيعرّض نفسه للهلاك إن هو عاد الى تبلّيسي الجورجية، فهو معروف كعربي مسلم والمسلمون أسياد المكان. فاجابه ابو العطّار : “الآن وقد أسبغ المسيح رحمته عليّ وأعتقني من ظلمة جهالتي الأولى وأهلني للمعمودية باسمه، لم يعد هناك ما يجبرني على نكرانه. حتى ولو قدّموا لي مبالغ من الذهب والفضة او استجوبوني بالتعذيب والجلد، لا يقدرون على نزع محبة مخلّصي مني…”.
لما بلغ نرسيس وصحبه تبليسي، عرف المسلمون أن ابا العطّار اصبح مسيحياً، فلعنه البعض وضايقوه. اما هو فثبت ملتصقاً بمسيحه. ثلاث سنوات قضاها أبو العطّار جهراً في المدينة والقرى لم يضع احد خلالها يداً عليه. وكان الشعب المحبّ لله يزوّده بكل ما يحتاج اليه من مأكل وملبس.
في أواخر العام 785 جرى توقيف ابي العطّار. لكن تدخل استفانوس الامير الجيورجي الجديد فأخرجه. ولم تمضِ أيام قليلة على ذلك حتى قُبض عليه مجدّداً بعدما وفد الى المدينة قاض جديد. وجاء قوم مسلمون فعرضوا على القاضي ان يعود ابو العطّار الى الإسلام او يُقتل لأنه آخذ في بشارة المسلمين بالمسيح. فلما وقف ابو العطّار امام القاضي حاول هذا الأخير ردّه الى دين آبائه بكلام طيّب فأخفق. فعرض عليه مالاً وفيراً فلم يستجب له. اذ ذاك أمر القاضي بتقييده بالسلاسل وإيداعه السجن. كان هذا يوم السابع والعشرين من كانون الاول من العام 785م.
أقام ابو العطّار في السجن عشرة ايام أمضاها في الصلاة والصوم. حاول بعض المسلمين، أثناء هذه الفترة، ان يثنوه عن عزمه بشتى الطرق فأخفقوا. وفي السادس من كانون الثاني من العام 786م، اقتيد ابو العطّار أمام القاضي فعرض عليه الإسلام ديناً فصدّه فأمر بقطع رأسه. وللحال اقتيدا رجل الله خارجاً الى حديقة القصر وجرى قطع رأسه. وقد وفد مسلمون فأخذوا الجسد والرأس وجرفوا التراب المجبول بالدم وكل ما يمتّ الى الشهيد بصلة وأحرقوا الكل في موضع يعرف بموضع النحيب. ثم أخذوا العظام وجعلوها في كيس وألقوها في البحر حتى لا يتركوا للمسيحيين فرصة دفن الشهيد بأكرام او أن يتبرّكوا برفاته.