في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*القدّيس البارّ ضومط الفارسيّ *القدّيس البارّ أور *القدّيس البارّ إيبريخيوس المصريّ *القدّيسون النُّسّاك المصريّون العشرة آلاف *أبونا الجليل في القدّيسين نركيسوس الأورشليميّ *الشّهيدان مارينوس وأستاريوس *القدّيس سوذن النّيقوميذي الـمُعترف *القدّيستان الملكتان إيريني وبلخاريا *القدّيس البارّ ثيودوسيوس العَجائبيّ الصَّغير *القدّيس البارّ ضومط النّاسِك *القدّيس البارّ نيكانور العجائبيّ *القدّيس البارّ يوسف الكريتيّ *القدّيس البارّ بيمين الكييفيّ المريض *القدّيس البارّ بيمين الكييفيّ الصوّام *أبونا الجليل في القدّيسين متروفانيس فورونيج الرّوسيّ *القدّيس البارّ أيّوب أوشَلْسْك الرّوسيّ *القدّيسة البارّة ثيودورة سِيهْلا الرّومانيّة *أبونا الجليل في القدّيسين فيكتريس أسقف روّان *أبونا الجليل في القدّيسين دوناتوس أسقف أريزّو *الشّهداء الرّوس الجدد أثناسيوس Egorov ورفقته *الشّهيد الرّوسيّ الجديد باسيل Armenitski.
* * *
✤ القدّيس البارّ ضومط الفارسيّ ✤
كان ضومط الفارسي، بدءاً، من عبَدَة النار. بحث، كحدَث، عن الحقيقة الإلهية بصدق كبير. وبتدبير الله التقاه مسيحي يكرز بالبشارة في بلاد ما بين النهرين، اسمه Abbaros . اهتدى وحاول هداية والديه فلم يُفلح. فلما بلغ الرشد غادر موطنه إلى نصيبين، على الحدود، بين الأمبراطورية الرومانية والأمبراطورية الفارسية، وهناك اقتبل المعمودية.
انضمّ، لتوِّه، إلى أحد ديورة المدينة وانكبّ، بشغف، على دراسة الكتاب المقدّس. صارت له كلمة الله طعاماً وشراباً حتى استهان بتناول الطعام مع بقية الرهبان. حسده بعضهم واحتقروه. فلئلا يكون سبب عثرة وانقسام غادر الدير ليلاً. هاجمته كوكبة من الذئاب لم ينقذه منها غير الله الذي أخرجه من هناك إلى الطريق الرومانية عبر الصحراء السورية. انضمّ إلى مجموعة من المسيحيّين كانت متّجهة إلى مدينة ثيودوسيوس لإيداع تقدماتٍ في دير القدّيس سرجيوس. نذر أن يُمسك عن الطعام إلى أن ينضمّ إلى شركة رهبانية. لذا حرص على ألاّ يختلط بالآخرين كلّما جلسوا للطعام. ظنّوه هرطوقياً أو سامرياً، فلما أباح لهم بسبب تصرّفه عرضوا أن يأخذوه إلى دير القدّيس سرجيوس. في الطريق طرد، بصلاته، خادماً لإبليس رام أذيّتهم. بلغوا الدير. استقبلهم نوربِل، رئيسه، وكان رجلاً فاضلاً بصيراً بما لله. ارتضى، للحال، أن يضمّ ضومط إلى أخويّته. اقتدى ضومط بمعلّمه، صلاةً متواترةً وسيرة ملائكية، فخطا خطوات يُعتدُّ بها في مدارج الفضيلة.
في السنة الثامنة عشرة من نزوله الدير تشمّس. وعلى مدى ثلاثة آحاد، خلال خدمته في الهيكل، كان يعاين حمامة بيضاء ترفرف فوق الكأس المقدّسة. تيقّن رئيسه أنّه مختار من الله فرغب في تصييره كاهناً ففرّ من الدير، من جديد، وانضمّ إلى قافلة متّجهة نحو قورش. نزل، أيّاماً، للصلاة ديراً على اسم القدّيسَين قوزما ودميانوس. شفى اللهُ مريضاً، بصلاته، هناك. فلما شرع هذا الأخير في إشاعة ما حدث له فرّ ضومط، مرة أخرى، إلى موقع يبعد ثمانية أميال عن الدير حيث استقرّ على هضبة قاحلة محجرة. بقي سنتين في عزلة كاملة يقتات من الأعشاب البرّية. اكتشف الآخرون موقعه. تكبّد حرّ الصيف وقرّ الشتاء في العراء. أخيراً نجح المؤمنون في الجوار، وقد تدنّت قواه، فأقنعوه بالإنتقال إلى مغارة حفروها له في الصخر. لازم المكان سنين في الصلاة. كان يستقبل القادمين إليه ويشفي أدواءهم النفسية والجسدية ويهدي العديد من الوثنيّين بتعليمه النيِّر.
مرّ الأمبراطور يوليانوس الجاحد من هناك خلال حملته على الفرس التي قضى فيها سنة 363 م. فكان أن وشى إليه بضومط عددٌ من الحسّاد المنحلِّين. قالوا عن قدّيس الله إنّه دجّال يدّعي التكلّم باسم الله. لم يرق ليوليانوس أن يرى الناس يتدفّقون على رجل الله ويتأثّرون به. فبعث يقول له أن يكفّ عن استقبال الناس، فلم يشأ أن يحرم العباد البركة والعزاء. إذ ذاك أمر الأمبراطور ببناء حائط سدّ به المغارة فقضى ضومط واثنان من تلاميذه. وقيل، في رواية أخرى، إنّ الجند رموا المكان بالحجارة حتى سدّوا المغارة.
هذا ويُشار إلى ضومط آخر من كردستان له سيرة شبيهة بسيرة قدّيسنا. هذا ترهّب أيضاً وقيل كان طبيباً أو كانت له مواهب شفاء لكنّه قضى بسلام. وهو معروف، بخاصة، في البلاد السورية، كشفيع للمصابين بداء عِرق النَّسا. وكذا انتقل صيته إلى بلاد الغال، كما أفاد القدّيس غريغوريوس التوري.
للقدّيس ضومط، على اسمه، كنائس قديمة عديدة أرثوذكسية وغير أرثوذكسية في لبنان. من ذلك في جدّايل وأميون. وثمّة كنيسة صغيرة له في دوما البترون. هذه سبق أن كانت هيكلاً لإله الطبّ أسكلابيوس. ولعلّ المسيحيّين الأوائل، هنا، أرادوا الاستعاضة عن الإله الوثني بآخر فاختاروا ضومط الطبيب خلفاً له، ليحوّلوا اهتمام المهتدين الجدد من إله الطبّ القديم إلى قدّيس مسيحي له الاختصاص عينه.