في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*العظيم في الشّهداء يعقوب الفارسيّ المقطّع *القدّيس البارّ بينوفيوس *القدّيس البارّ نثنائيل المصريّ *القدّيس البارّ موسى الفلسطينيّ *القدّيس البارّ رومانوس الكيليكيّ الصّانع العجائب *القدّيس البارّ ثيودوسيوس البلغاريّ *الشّهداء الأنطاكيّون باسيليوس وأوكسيلوس وساتورنينوس *القدّيس البارّ بلاديوس الرّهّاويّ *أبونا الجليل في القدّيسين يعقوب رئيس أساقفة روستوف *القدّيس البارّ ديودوروس جبل القدّيس جاورجيوس *الشّهداء الرّوس الجدد نيقولاوس رئيس أساقفة فلاديمير ومَن معه.
* * *
✤ القدّيس البارّ بينوفيوس ✤
جاء في المناظرة العشرين من مناظرات القدّيس يوحنّا كاسيانوس (29 شباط) بعض أخبار هذا القدّيس الذي اعتبر القدّيس كاسيانوس أنّه “الرجل العظيم الممتاز“. قال:
“كان رئيساً، كأب وكاهن، على دير عظيم للرهبان قريب من مدينة أينفو أو باينفو بمصر. وكانت المقاطعة كلّها تمجّده جداً من أجل تقواه والمعجزات التي تتمّ على يديه. وكان يرى في نفسه أنّه بهذا ينال أجرة أعماله في مديح الناس. وإذ كان يخشى المديح العام الفارغ الذي كان ينبذه لئلا يفقد ثمار الجزاء الأبدي، هرب من ديره وذهب إلى مكان بعيد منعزل في دير طبانسين في مصر العليا. لم يختر المضي إلى الصحراء الموحشة حيث الوحدة والبعد عن اهتمام الآخرين الخاص بالمتوحّدين، هذه الحياة التي قد يلجأ إليها، بعض الأحيان، غير الكاملين وغير القادرين على احتمال الطاعة لجميع الرهبان مدفوعين بكبرياء المتوحّد، بل اختار لنفسه أن يخضع في دير معروف.
على هذا ارتدى زي العامة متخفّياً، وذهب فارتمى أمام باب الدير باكياً لأيام كثيرة – كما كانت العادة هناك – طالباً قبوله ساجداً. لكنّهم تردّدوا في قبوله لأنّه كان رجلاً مسناً جداً، وقد ظنّوه أنّه لا يطلب الحياة المقدّسة بإخلاص، إنما من أجل العوز.
وأخيراً قبلوه وجعلوه يساعد أخاً حديثاً في الرهبنة يعتني بشؤون الحديقة. فكان ينفّذ أوامر رئيسه باتضاع عجيب مقدّس عاملاً بأمانة في كل ما يُعهد إليه به. بل كان، إلى ذلك، يقوم بالليل ليعمل خفية بعض الأعمال الأخرى التي كان الإخوة يشمئزون منها أو يستثقلونها. وكانوا إذا قاموا في الفجر يبتهجون من أجل الأعمال التي تمّت دون أن يعلموا مَن الذي كان يقوم بها.
قضى ثلاث سنوات على هذه الحال سعيداً بهذه الخدمات والأعمال، إلى أن حدث أن جاء أخ من نفس المنطقة التي كان يعيش فيها الأب بينوفيوس. رآه الأخ وتردّد إلى حين في التأكّد من شخصه بسبب حقارة ملابسه ومنظره. لكنّه إذ تفرّس فيه قليلاً سقط عند قدميه وصار يقبّله.
اندهش الإخوة جميعاً من هذا الأمر. وإذ أخبرهم الأخ عن اسمه الذي عرفوه لأنّ قداسته كانت ذائعة، وقد أصيبوا بأسف وندامة من أجل ما أسندوا إليه من خدمات حقيرة. فالتفوا حوله وصاروا يعظّمونه. أما هو فكانت دموعه تسيل من عينيه بغزارة، عارفاً أنّ هذا الإفشاء إنما هو بسبب حسد الشيطان له.
وبقي على هذه الحال إلى وقت قصير. وبسبب عظمة الاحترام الذي قدّموه له اضطر أن يتخفّى ويهرب إلى فلسطين حيث انضمّ كمبتدئ إلى الدير الذي كنا نعيش فيه [في بيت لحم]. وقد عهد إليه مدبّر الدير البقاء في قلايتنا. ولكن ما كادت تمضي فترة قصيرة حتى تكشّفت فضائله وعُرف على حقيقته، فعاد إلى ديره الأول بتبجيل واحترام”.
من أقواله
* “التوبة هي عدم الخضوع مرة ثانية للخطايا التي نقدّم عنها ندامة، أو التي قد تبكّت ضميرنا من جهتها”.
* “تذكُّر الخطايا مفيد جداً ولازم لمَن بدأوا في التوبة… فالدموع المنسكبة بسبب ذِكر الخطايا تخمد نيران ضمائرنا. ولكن، فيما يكون الإنسان منكسر القلب ومنسحق الروح، مثابراً على الجهاد والبكاء، إذا بالنعمة الإلهية تلاشي تذكّر الخطايا السابقة وتنزع عنها وخزات الضمير. عندئذ نصل إلى نسيان الخطيئة… هذه الحالة لا يصل إليها الكسالى والمتهاونون، بل مَن استمرّ في التنهّد والتأوّه لإزالة آثار الخطايا. فيوهب له في النهاية أن يسمع تلك الكلمات: “هكذا قال الرب، امنعي صوتك عن البكاء وعينيك عن الدموع لأنّه يوجد جزاء لعملك” (ارميا 31: 16)، وأيضاً: “قد محوت كغيم ذنوبك وكسحابة خطاياك” (اشعياء 44: 22).