في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*الرّسول الشّهيد في الكهنة يعقوب أخو الرَّبّ *آباؤنا القدّيسون الأبرار مكاريوس (مقار) الرّومانيّ وسرجيوس (سركيس) وأفجانيوس وثيوفيلوس الفراتيّون *أبونا الجليل في القدّيسين أغناطيوس القسطنطينيّ *القدّيس البارّ نيكيفوروس (نقفر) *القدّيس البارّ بترونيوس (صخر) *القدّيسون الأولاد العشرة المُعترفون *القدّيسة الشّهيدة أنسطاسية *نقل رُفات القدّيس البارّ يعقوب بوروفيتش *الشّهداء الرّوس الجدد نيقولاوس أغافونيكوف وآخرون.
* * *
✤ آباؤنا القدّيسون الأبرار مكاريوس (مقار) الرّومانيّ وسرجيوس (سركيس) وأفجانيوس وثيوفيلوس الفراتيّون ✤
كان الثلاثة، سركيس (سرجيوس) وأفجانيوس وثيوفيلوس، نسّاكاً في دير من أديرة بلاد ما بين النهرين. ولما كانوا أبراراً ورغبوا في علامة من الله بشأن خلاصهم، خرجوا وساروا على شاطئ نهر الفرات إلى أن قادهم الروح إلى مغارة منعزلة. هناك توقّفوا وتساءلوا. وإذا برائحة طيب تنبعث من المغارة وشيخ عريان يخرج إليهم لا يستره غير شعر رأسه ولحيته النازلة إلى ركبتيه. وبعدما تأكّد هذا الشيخ من أنّ زائريه ليسوا شياطين سجد أمامهم طويلاً، ثمّ أدخلهم إلى المغارة التي كان يقيم فيها برفقة أسدين. ولدى سؤالهم أخبرهم قصّته. اسمه كان مقار (مكاريوس) وكان مواطناً من رومية وابناً لأحد أعيان المدينة. عندما بلغ سنّ الزواج خطب له ذووه، رغم إرادته، إحدى فتيات البلد الكريمات. ولكن، ليلة زفافه، فيما كان على وشك الدخول إلى خدره الزوجي، وكان الجميع خارجاً يضجّون مستغرقين في احتفالهم بالحدث، خرج من البيت سرّاً وجاء إلى أرملة تقيّة فبقي عندها سبعة أيام يبكي ويسأل الله العون. ثمّ ترك بيت الأرملة وارتحل لا يلوي على شيء إلى أن التقى شيخاً طيّباً نبيلاً وتحدّث إليه فعرض عليه الشيخ أن يتبعه فقبل. تبع مكاريوس الشيخ طيلة ثلاث سنوات والشيخ مجدّ في سعيه كأنّه قاصد مكاناً يعرفه. وبقيا على هذه الحال إلى أن بلغا المغارة. إذ ذاك اختفى الشيخ وترك مقار (مكاريوس) وحيداً. لكنّه ظهر له بعد قليل في الحلم وأخبره أنّه رئيس ملائكة الله روفائيل. وبعد أن كلّمه وشدّده، استودعه رأفات الله وشبلَين يقومان بحراسته.
ومرّت الأيام وظهرت لمقار (مكاريوس)، مرّة، فتاة ذات جمال أخّاذ ادّعت أنّها من رومية وأنّ ذويها أرادوا إرغامها على الزواج فلم تذعن لهم بل قامت وفرّت من وجههم. ومع أنّ مقار (مكاريوس) كان رجلاً حريصاً لكنّه وقع في فخ إبليس فارتضى أن يستضيف الفتاة عنده تلك الليلة لئلا تفترسها الوحوش لو تركها خارجاً. وفي الليل، ثارت على مقار (مكاريوس) روح المتسلّط فتحرّكت فيه، لأول مرّة، شهوة الجسد. ولما أدركت الفتاة – التي كانت في الحقيقة شيطاناً في شكل فتاة – أنّها قد نجحت في إدخال فكرة الخطيئة إلى قلبه اختفت تاركة إيّاه فريسة للشعور بالذنب.
أدرك مقار (مكاريوس) أنّ خطيئته عظيمة أمام الله فراح يبكي دونما توقّف. ثمّ عزم على مغادرة المغارة إلى حيث يمكنه أن يقدّم توبة صالحة. في الطريق، ظهر له رئيس الملائكة روفائيل من جديد وأمره أن يعود إلى مغارته لأنّه من هناك يريد الله أن يسمع صلاته. فعاد وسلك في نسك شديد، أصواماً وأسهاراً وصلوات، ولم يشأ أن يتسربل بما يقيه قسوة البرد. وقد أقام على ذلك سنين كثيرة يلتمس استعادة نقاوة القلب ويطلب التأمّل في الله.
عند هذا الحدّ سكت مقار (مكاريوس) عن الكلام، ثمّ قام فبارك النسّاك الثلاثة وأرسلهم بسلام ليرقد بعدها في الربّ مجهولاً إلاّ من الملائكة والقدّيسين. أما الشيوخ الثلاثة فعادوا إلى ديرهم مبنيِّين متعزِّين. ويقال إنّهم، خرجوا شباباً وعادوا شيوخاً.