في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*الشّهيد ثيودوتوس أنقرة *الشّهيد ليكاريون المصريّ *الشّهداء بوتامياني ورفقتها *الشّهيدة زيناييد الصّانعة العجائب *القدّيستان إيسيّا وسوزانا *الشّهيدان تاراسيوس ويوحنّا *القدّيسان البارّان استفانوس وأنثيموس الكاهنان *القدّيسة البارّة سبستياني الصّانعة العجائب *القدّيس البارّ دانيال الإسقيطيّ *القدّيس البارّ باناغيس (بائيسيوس) باسيا *الشّهيد في الكهنة مركلّينوس أسقف رومية *القدّيس البارّ أفنتينوس الشّهيد *الشّهداء بطرس الإسبانيّ ورفقته *الجديد في الشّهداء أندرونيكوس بَرْم الرّوسيّ.
* * *
✤ القدّيس البارّ باناغيس (بائيسيوس) باسيا ✤
وُلد سنة 1801م لعائلة مميزة في كيفالونيا اليونانية. أبدى، منذ ولادته، ذكاء حاداً وحباً لقراءة الكتب المقدسة. إثر موت والده أخذ على عاتقه صون أمه وأخته فصار مدرساً رغم حداثته. لكنه ما لبث أن استقال لئلا يجد نفسه مجبراً على المساومة بشأن إيمانه ومشاعره الوطنية تحت ضغط المحتلين الإنكليز. اكتفى بإعطاء الدروس الخاصة. بقي كذلك إلى أن قرر قطع كل صلة له بالعالم فهجر عائلته ومهنته وصار راهباً في دير بلاشيرن في جزيرة ذيوس. فلما أصرت عليه أمه عاد إلىليكسوري دون أن يُقلع عن السيرة النسكية التي تعاطاها في حياته تحت كل ظرف. سيم كاهناً في سن الخامسة والثلاثين. مذ ذاك كرس نفسه بالكامل لخدمة الكنيسة. كان يقيم الذبيحة الإلهية كل يوم تقريباً ويعلم ويسلك في الفضائل الملائكية. أضحى مثالاً طيباً للمؤمنين. كان ينتصب في الكنيسة كعمود صلاة. وحين كان يخرج منها كان ذلك ليوزع الحسنات ويفتقد المضنوكين ويعيد إلى حظيرة المسيح النفوس الضالة. كان يرفض أن يُعين على رعية اجتناباً للاهتمامات المادية وضغوط الناس. أقام في دير صغير للقديس سبيريدون من حيث نشر، على مدى خمسين سنة، على شعب كيفالونيا، الكنوز التي اقتناها في قلبه. وإذ اتبع مثال القديس جيراسيموس (20 تشرين الأول) و أنثيموس الأعمى (4 أيلول) علم ونشر نعمة الله في الشعب دون أن يغادر منسكه. كذلك اعتاد أن يقيم الخدمة الإلهية في كل الكنائس الصغيرة المنتشرة في الريف حول ليكسوري. وحالما كان المؤمنون يأخذون علماً بقدومه كانوا يتهافتون إليه.
باع ممتلكات العائلة ووزع ما لديه على المحتاجين الذين كان يعتبرهم في منزلة أولاده. حين كان يدخل المدينة كانت النساء الفقيرات تجتمعن إليه كالنحل على الشهد. كان يعطيهم كل ما لديه لدرجة أنه كان يحرم نفسه من الطعام من أجلهم. وكمثل نيقولاوس جديد كان يعرف أية عائلة بخاصة كانت في العوز. فكان يتدخل لمؤازرتهم وبث الرجاء في حياتهم. محبته كانت مصحوبة بالجسارة إذ كثيراً ما كان يحدث له أن يدخل محلاً تجارياً فيفتح صندوق المال ويأخذ منه ما يحتاج إليه لحسناته. ذات يوم رفض خباز أن يعطيه ما طلبه منه فلم يختمر عجينه.
اقتنى موهبة البصيرة والنبوة. هذه كان يستعملها لإصلاح النفوس: الذين كانوا مزمعين أن يقضوا بميتة عنيفة كان ينصحهم بالاعتراف بخطاياهم لدى الكاهن أو كان يُنذر بأقوال غريبة أولئك الذين كانوا على وشك أن يرتكبوا خطيئة كبيرة. ذات مرة، في ليلة مطر التقى برجل كان يستعد لارتكاب المعصية فهتف به: “خطيئة، خطيئة، عد إلى بيتك!” مرة أخرى بعدما فقدت أمّ ولديها الواحد تلو الآخر سقطت في اليأس وثارت على الله. فأسرع الكاهن القديس إليها. ولما لم تشأ أن تفتح له وأسمعته كلاماً جارحاً، فتح الباب برسم إشارة الصليب. فلما دخل إلى قاعة الاستقبال حيث كانت معلقة صورتا ولديها المائتين، خرج الولدان من الصورتين وأخرجا كل مسدساً وقتل أحدهما الآخر. إذ ذاك كشف القديس باناغيس للأم أن ولديها لما كانا قد وقعا في هيام امرأة واحدة كانا سيهلكان لو لم يتدخل الله ليجنبهما شراً أعظم من الشر الذي اقتبلاه. مرة أخرى دخل أحد البيوت حيث كان وعاء الطعام يغلي بانتظار المدعوين فقلب القديس الوعاء لأن فقيراً جاء إلى البيت سائلاً العون فرد خائباً ولم يعطه أحد شيئاً.
غير أن هذه المواهب الجمة التي منّ بها الرب الإله على عبده لم تكن من دون شوكة في الجسد. فإنه بعد عشر سنوات من سيامته ونيف، أصيب بمرض عصبي جعله يفقد السيطرة على نفسه: كان يصرخ ويحلق ذقنه وشعره ويلقي خارجاً بكل ما كان في متناول يده. وحين عاد إلى نفسه في غضون ستة أشهر، نسب حالته تلك إلى كونه خاطئاً. فيما بعد كانت حالة عدم الاتزان تعود إليه كل سنتين أو ثلاثة. وفي أواخر أيامه كانت تأتيه مرة كل سنة. وقد اضطر إلى ملازمة الفراش في السنوات الخمس الأخيرة من حياته. غير أنه لم يُحرم من موهبة النبوة وتعزية النفوس ولم يحل شيء دون تهافت الناس عليه. بالعكس كل الذين كانوا في الضيقات كانوا يعرفون أن باب غرفته مفتوح أبداً. هكذا بقي رجل الله قطب الاهتمام ومركز الحياة الكنسية في كل كيفالونيا. كان قد اقتنى سلطة على الناس حتى أخذ يتدخل، وبقوة أحياناً، في حياة الناس ليصلح بينهم من كانوا ظالمين ويوبخ الذين كانوا يرتكبون الموبقات. وكان الجميع يصغي إليه كما إلى صوت الله.
وبعد أن حمل صليبه طويلاً بإذعان وشكران، مما يعتبره قوم ضرباً من التباله لأجل المسيح، رقد القديس باناغيس في الرب في 7 حزيران سنة 1888. وقد انتشر إكرامه في كل بلاد اليونان لا سيما بعد نقل رفاته سنة 1976م.
طروباريّة القدّيس باناغيس (بائيسيوس) باسيا (باللّحن الثّامن)
لِلبَرِيَّةِ غَيْرِ الـمُثْمِرَةِ بِمَجارِي دُمُوعِكَ أَمْرَعْتَ. وبِالتَّنَهُّداتِ التي مِنَ الأَعْماق أَثْمَرْتَ بِأَتْعابِكَ إِلى مِئَةِ ضِعْفٍ. فَصِرْتَ كَوكَباً لِلمَسْكونَةِ مُتَلأْلِئاً بِالعَجائِب. يا أَبانا البارَّ باناغيس فَتَشَفَّعْ إِلى المَسِيحِ الإِلَهِ أَنْ يُخَلِّصَ نُفُوسَنا.