في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*الشّهداء الفرس أكبسيماس ويوسف وآيثالا *نقل رُفات العَظيم في الشّهداء جاورجيوس اللّابس الظّفر* القدّيس البارّ إيليّا الأنطاكيّ* القدّيس البارّ أكبسيماس القورشيّ *القدّيس الـمُعتَرِف أخيمينيد الفارسيّ* القدّيس ثيودوروس أسقف أنقرة *الشّهداء داكيوس وساويروس وأدريان وثيودوسيوس * القدّيس البارّ إيليّا المصريّ *الشّهداء التّسعة* الشّهداء الثمّانية والعشرون* الجديد في الشّهداء جاورجيوس نيابوليس *القدّيسة البارّة حنّة الرّوسيّة* القدّيس البارّ بيمن زوغرافو *الشّهداء الرّوس الجدد سرجيوس كيدروف وآخرون.
* * *
✤ القدّيس البار أكبسيماس القورشيّ✤
عاش هذا القدّيس في زمن الأمبراطور ثيودوسيوس الكبير (379 – 395 م). وقد أغلق على نفسه في بيت صغير ستين سنة لا رأى ولا كلّم فيها إنساناً واحداً. همّه الأول والأخير خلال هذه الفترة كان حفظ ذهنه من التشتّت ابتغاءً لمعاينة الله كما هو من دون واسطة صورة أو خيال. حرم نفسه من كل تعزية جسدية، كما حمل سلاسل ثقيلة من الحديد. وقد آل على نفسه أن لا يلتمس إلاّ من الله الفرح والجَلَد والرجاء بمباهج الحياة الأبدية.
كان أكبسيماس يمدّ يده من نافذة صغيرة ليتناول الطعام الواصل إليه. ولم تكن النافذة أفقية بل منحنية لئلا يرى أو يراه إنسان. أما طعامه فكان العدس المنقوع الذي كان أتقياء يأتونه به مرّة واحدة في الأسبوع. وأما الماء فكان يخرج ليلاً ليأتي به من سبيل في الجوار. لم يكن أحد ليسمع غير صوت سلاسله يجرّها جراً أثناء عبوره.
يُحكى عنه أنّ أحد الرعاة سهر مرة على قطيعه فأبصره يتحرّك من بعيد فظنّه ذئباً لأنّه كان يسير مُنحنيًا من كثرة الأثقال فأخذ مقلاعه وهمّ برميه بحجر، فللحال يبست يده إلى أن عاد رجل الله من استقاء الماء. إذ ذاك فطن الراعي إلى الغلطة التي كاد يرتكبها. فلما انبلج الصباح ذهب إلى قلاّية القدّيس وروى ما حدث له سائلاً الصفح. وما أن انتهى من الكلام حتى عادت يده صحيحة دون أن يقول له رجل الله كلمة واحدة فانصرف متهللاً.
ولما قرب وقت رحيله عرف في روحه أنّ أمامه خمسين يوماً ثمّ يغادر الأرض ففتح بابه للناس. وأتى من جملة مَن أتاه أسقف المحلّة ورجاه أن يقبل نعمة الكهنوت من حيث هي نعمة الروح القدس، فكان جوابه: “إنّني لا أجادل في هذا الموضوع لأنّي سأغادر هذه الحياة بعد أيام قليلة. لو كنت سأعيش أكثر من ذلك لأقصيت عني حمل الكهنوت الثقيل المخيف هذا، خشية أن أؤدي الحساب عن الوديعة التي أنالها. أما وأنّني راحل عما قليل، تاركاً ما هو ههنا، فأنا أقبل بطيبة خاطر ما تعرضونه عليّ“. ثمّ ارتمى على ركبتيه للحال فصيّره الأسقف كاهناً.
عاش القدّيس أكبسيماس بعد سيامته كاهناً بضعة أيام ثمّ رقد بسلام ودُفن بناء لطلبه في المكان نفسه الذي عاش فيه.
وقد علّق ثيودوريتوس القورشي المؤرِّخ على موقف القدّيس، في ما يختصّ بدفنه بالقول: “إنّ مواطني السماوات كانوا وهم على الأرض يحرصون على ممارسة البساطة حتى بعد الممات. ففي حياتهم لم يسعوا قط إلى العظمة، وبعد مماتهم لم يتوخّوا تكريم البشر لهم، بل كانوا يوجّهون كل حبّهم للعريس شأن النساء العفيفات اللواتي لا يرغبن إلاّ في محبّة أزواجهن وتكريمهن، معرضات عن إكرام الرجال الآخرين. لذلك فإنّ الختن قد جعلهم على الرغم منهم أهلاً للإكرام فمنحهم المجد لدى البشر“.