في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*الآباء القدّيسين الذين اشتركوا في المجمع المسكوني السابع (787 م) *القدّيس فيليبّس الرَّسول، أحد الشّمامسة السّبعة *أبونا القدّيس البارّ ثايوفانيس المرنّم الموسوم *أبونا الجليل في القدّيسين نكتاريوس الطّرسوسيّ، بطريرك القسطنطينيّة *الشّهيدتان زيناييس وفيلونيللا الطّرسوسيّتان *أبونا الجليل في القدّيسين فيلوثاوس كوكينوس القسطنطينيّ *القدّيس البارّ يونان العجائبيّ القبرصيّ *القدّيس البارّ كانيس الإيرلنديّ *القدّيسة البارّة أثلبورغا الإنكليزيّة *القدّيسون مشايخ أوبتينو *الجديدان في الشّهداء الرُّوس فيلاريت فاليكانوف الكاهن وجوفينال ماسلوفسكي رئيس أساقفة ريازان.
* * *
✤أحد الآباء القدّيسين الذين اشتركوا في المجمع المسكوني السابع (787 م)✤
بين الرابع والعشرين من شهر أيلول والثالث عشر من شهر تشرين الأول من العام 787 م التأم في مدينة نيقية مجمع عُرف بالمجمع المسكوني السابع. رعت المجمع الأمبراطورة إيريني بصفتها الملكة الوصيّة على ابنها القاصر قسطنطين السادس البرفيري الذي لم يكن، آنئذ، قد تجاوز العاشرة من العمر. رأس المجمع طراسيوس، بطريرك القسطنطينية، وحضره ممثّلون عن البابا أدريانوس وبطاركة كل من الإسكندرية وأنطاكية وأورشليم. وقد بلغ عدد المشتركين فيه ثلاثمئة وسبعة وستين، إلى جانب عدد كبير من الرهبان.
الغرض الأساسي من هذا المجمع كان إبداء موقف الكنيسة بشأن موضوع إكرام الإيقونات، استناداً إلى المجامع المسكونية السابقة وتعليم الآباء الموقّرين، وإعادة الإيقونات إلى صُلب حياة الكنيسة بعدما كان الموقف الرسمي المدعوم من السلطات المدنية والموحى به منها قد حظّر إكرام الصور الكنسيّة وعمل على مصادرتها وإتلافها وملاحقة مكرميها والمدافعين عنها. جدير بالذكر أنّ الاضطهاد، في هذا الاتجاه، كان قد بدأ بمرسوم ملكي أصدره الأمبراطور لاون الثالث الإيصوري عام 725 أو 726 م، واستمرّ في عهده إلى العام 741، ثمّ في عهد ابنه قسطنطين الخامس (741 – 775م) الملقّب بالزبلي. وقد أدّت موجات الاضطهاد المتلاحقة في هذه الحقبة إلى استشهاد البعض وتعذيب ونفي الكثيرين. وأكثر مَن تحمّل وطأة الاضطهاد كان الرهبان الذين عمد الأباطرة إلى تحويل أديرتهم إلى ثكنات عسكرية وقاموا بتهجيرهم ونفيهم وملاحقتهم وإكراههم على الزواج. ويُقال إنّ خمسين ألفاً من الرهبان اضطروا في تلك الأيام إلى الفرار إلى إيطاليا. ومن الذين استشهدوا آنئذ الأبوان البارّان استفانوس الجديد (28 تشرين الثاني) وأندراوس الكريسي (17 تشرين الأول).
عقد المجمع ثماني جلسات وأصدر اثنين وعشرين قانوناً. وقد اقتبل عدداً من الأساقفة من ذوي البدع ممن جاؤوا تائبين، معترفين بضلالهم، مقدّمين اعترافات تشهد لارتدادهم إلى حظيرة الرأي القويم. من هؤلاء، لا بل في مقدّمتهم، باسيليوس أسقف أنقرة. كذلك أبسل المجمعُ البطاركة الهراطقة أناستاسيوس وقسطنطين ونيسيتاس كما أبسل المجمعَ المزعوم المنعقد في هياريا في العام 754 م بإيعاز من الأمبراطور قسطنطين الخامس. من جهة أخرى غبط المجمع ذكر الآباء القدّيسين الذين دافعوا عن الإيمان الأرثوذكسي، في هذا السياق، أمثال البطريرك جرمانوس القسطنطيني (12 أيار) ويوحنّا الدمشقي (4 كانون الأول) وغريغوريوس القبرصي (7 نيسان).
ومما جاء في تحديد المجمع لموقف الكنيسة من الإيقونات ما يلي: “… إنّنا نحافظ على كل تقاليد الكنيسة حتى يومنا هذا بلا تغيير أو تبديل. ومن هذه التقاليد الصور الممثّلة للأشخاص… وهو تقليد مفيد من عدّة وجوه، لا سيما إذ يظهر أنّ تجسّد الكلمة إلهنا هو حقيقة وليس خيالاً أو تصوّراً، ولأنّ الصور عدا ما فيها من إشارات وإيضاحات تثير المشاعر الشريفة.
ولذلك نحن باتّخاذنا… تقليد الكنيسة الجامعة الملهمة من الله… نحدّد بكل حزم وتدقيق أنّه كما يُرفع الصليب الكريم المحيي، هكذا يجب أن تعلّق الصور الموقّرة المقدّسة المصنوعة بالدهان أو من الفسيفساء أو من مواد أخرى في كنائس الله المقدّسة وأن توضع على الأواني المكرّسة والحلل الكهنوتية، وأن تُرفع وتعلّق في المنازل وفي الطرق، ونعني بذلك صور ربّنا وإلهنا ومخلّصنا يسوع المسيح وصورة سيّدتنا الكلية الطهارة والدة الإله وصور الملائكة المكرّمين وصور كل القدّيسين وكل الأتقياء لأنّه بتكرار مشاهدتهم في رسومهم يسهل على الشعب أن يتذكّر الأصل وتثار فيه الرغبة للاقتداء بسيرتهم. ويجب أن يقدّم لهذه الصور الإكرام… دون العبادة المختصّة بالطبيعة الإلهية وحدها. وحسب العادة التقوية القديمة يجوز أن يقدّم البخور وتضاء الشموع أمام هذه الصور وأمام الصليب الكريم المحيي… لأنّ التكريم الذي يُقدَّم للصورة إنما يقدَّم للأصل الذي تمثّله…”
“فالذين يجسرون على أن يعلِّموا… خلاف هذا… مخترعين أشياء جديدة… نأمر بإسقاطهم من درجاتهم، إذا كانوا أساقفة أو إكليريكيّين وبقطعهم من الشركة إذا كانوا رهباناً أو عواماً…”. ولا بدّ من الإشارة في معرض حديثنا عن لاهوت الإيقونة إلى الرباط الوثيق الذي يشدّ الإيقونة إلى لاهوت التجسّد على نحو ما علّم أبونا القدّيس يوحنّا الدمشقي مثلاً حين قال في مبحثه في هذا الشأن: “أنا أمثّل الله غير المنظور لا من حيث هو غير منظور، بل بقدر ما صار منظوراً من أجلنا واشترك في اللحم والدم. لست أُكرم المادة بل خالق المادة، الذي صار مادة من أجلي واتّخذ الحياة في المادة، وحقّق بالمادة خلاصي“.
هكذا أبرز المجمع المسكوني السابع لاهوت الإيقونة بصورة نهائية. وهو، وإن فعل ذلك على صعيد الفكر والتراث فإنّ حرب الإيقونات ما لبثت أن استعرت من جديد ابتداء من العام 813 م، لتستمرّ على نحو متقطّع حتى العام 843 م حين وضعت الأمبراطورة ثيودورة حدّاً نهائياً لها في عهد البطريرك المسكوني مثوديوس، وذلك على أساس مقولة المجمع المسكوني السابع (787 م).
ملاحظة: أما الآباء الذين اشتركوا في هذا المجمع وكانوا من بلادنا فنعرف منهم: ثيودوروس، بطريرك أنطاكية، وثيودوروس، مطران اللاذقية، وقسطنطين أسقف برجي، وثايوفيلكتوس، أسقف أوخاييطا، وثيودوروس، أسقف سلفكية، وسيسينيوس، أسقف قنسرين، وقسطنطين، أسقف بعلبك، وثاوفيلوس، أسقف دارا، ونسطاسيوس، أسقف طرابلس، ولاون، أسقف بشرّي (تدمر)، وميخائيل، أسقف منبج، وسيسينيوس، أسقف أفامية، وسليمان، أسقف مرعش، وبطرس، أسقف سلفكية أنطاكية، واستفانوس، أسقف فيلادلفية حوران.
فبشفاعة الآباء القدّيسين الذين اشتركوا في المجمع المسكوني السابع، أيّها الربّ يسوع المسيح، إلهنا، ارحمنا وخلّصنا آمين.