في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
✵الشّهيد باتريكيوس البثينيّ ✵الشّهيد أكولوثوس المصريّ ✵الشّهيدة كيرياكي ومَن معها ✵الشّهيدة ثيوتيمي ✵الشّهداء الأبرار الثّلاثة عشر القبارصة ✵القدّيس البارّ كورنيليوس كوميل الرّوسيّ ✵القدّيس ديمتري دونسكول الرّوسيّ ✵القدّيس البارّ أغناطيوس فولودغا العجائبيّ ✵القدّيس البارّ سرجيوس شوختوف ✵القدّيسان البارّان كورنيليوس وإبراهيم بالي ✵القدّيسان البارّان بلاّتانوس وسافينوس الإيطاليّان ✵الشّهيدان كالوكيروس وبرثانيوس الرّوميّان ✵الشّهداء الأساقفة ✵الكهنة المستشهدون في زمن الحكم الشّيوعيّ.
* * *
✤ الشّهيد باتريكيوس البثينيّ ✤
في بيثينيا قديمًا كانت توجد ثلاث مُدُن حملت الاسم نفسه: بروسا. كان باتريكيوس أسقفًا على واحدة منها عُرفت بحمّاماتها السّاخنة الطّبيعيّة. في جوار هذه المياه انتصب هيكل كانت تُقدَّم فيه الأضاحي لإله الصّحّة أسكلابيوس.
في ذلك الزّمان كان على بيثينيا وال يُدعى يوليوس. فلمّا حدث أن وُجد، مرّة، في بروسا، وبعد أن استحمّ في المياه السّاخنة وضحّى، ألفى نفسه منتعشًا، قويًّا، في صحّة جيّدة. هذا جعله يشعر بالمنونيّة لإله الصّحّة. وإذ رغب في ردّ الجميل قرّر أن يُجبر باتريكيوس على تقديم الذّبائح فاستدعاه وقال له: “أنت يا مَن أضلّتك الخرافات السّمجة وجعلتك ضعيفًا بما فيه الكفاية لتدعو باسم المسيح، أَنكِرْ، إن استطعت، قوّة آلهتنا، وعنايتها بنا في منحنا هذه المياه المعدنيّة ذات المفاعيل الصّحيّة. لذا أُصرّ عليك أن تضحّي لأسكلابيوس إذا كنت تأمل في اجتناب التّعذيب العسير المُترتّب على عدم خضوعك لما آمرك به”.
أجاب باتريكيوس: “كم هي عديدة الخباثات الّتي تحتويها بضع الكلمات الّتي تلفّظت بها!”
فَرَدَّ الوالي: “أيّة خباثة بإمكانك أن تطالع في حديثي إليك، أنا الّذي لم أعرض فيه إلّا ما هو واقع صريح؟ أليست الأشفية اليوميّة الّتي تحدثها هذه المياه واضحة بيِّنة؟ أفلا نبصرها بأمّ العين ونختبرها؟”
فلم ينكر باتريكيوس ما لهذه المياه من مفاعيل شفائيّة لكنّه سعى إلى إقناع الحاكم والجمهور بأنّ هذه المياه وكلّ شيء آخر له وجوده وكمالاته من الإله الحقيقيّ وحده وابنه يسوع المسيح. وإذ استرسل في الشّرح والتّفسير قاطعه الوالي، فجأة، وصرخ في وجهه: “أنت تدّعي، إذًا، أنّ المسيح هو الّذي برأ هذه المياه وأسبغ عليها هذه الميزة؟”
فأجاب باتريكيوس: “أجل، بلا أدنى شكّ”.
فأردف الوالي: “لو كنتُ أنا لأُلقيك في هذه المياه عقابًا لك على ازدرائك بالآلهة، أتتصوّر أنّ مسيحك، الّذي تحسب أنّه صانعها، سوف يصون حياتك وأنت فيها؟”
فأجاب باتريكيوس: “أنا لا أحتقر آلهتك لأنّه لا يمكن المرء أن يحتقر ما لا وجود له، بل أرغب في إقناعك أنّ يسوع المسيح قادر على حفظ حياتي، حين أُلقى في هذه المياه، بنفس السّهولة الّتي هو قادر فيها على انتزاعها منّي؛ وأنّ ما يخصّني أو ما يقع عليّ معروف لديه هو وحده بالتّمام والكمال حيث إنّه حاضر في كلّ مكان. فإنّه لا يسقط على الأرض لا عصفور ولا شعرة من رؤوسنا إلّا بإرادته الصّالحة ورضاه. هذا أرجو أن ينظر إليه الجميع باعتباره الحقّ عينه وأنّ ثمّة عقابًا أبديًّا في الجحيم ينتظر كلّ الّذين، على مثالك، يعبدون الأوثان”.
أثارت هذه الكلمة غيظ الوالي لدرجة أنّه أمر، للحال، بنزع ملابس الأسقف القدّيس وأن يُلقى في المياه المُحرقة.
وفيما كان الجند يهمّون بإلقائه فيها صلّى هكذا: “أيّها الرَّبّ يسوع المسيح، أعِنْ عبدك”.
فلمّا سقط في المياه تطاير رذاذها فأحرق الحرّاس، أمّا شهيد المسيح فكان في منأى عمّا حدث لهم نظير الفتية الثّلاثة في الآتون. وإذ شملت المياه جسد القدّيس لم تصبه بأيّ أذى كما لو أنّها مياه اعتدلت حرارتها وطاب النّزول فيها.
اشتدّ غيظ الوالي فأمر بإخراج رجل الله وقطع رأسه، فأُخرج فصلّى واستودع روحَه ربّه ومدّ عنقه للسّيّاف فقطعه.
وإنّ المؤمنين الّذين كانوا حاضرين أخذوا الجسد وواروه الثّرى بإكرام جزيل. تمّت شهادته في اليوم التّاسع عشر من أيّار. هكذا ورد في أعمال استشهاده، وأعمال استشهاده، وفق الدّارسين، موثوقة. على أنّه ليس واضحًا متى تمّت شهادته. عندنا يُذكر اليوم وعند اللّاتين في الثّامن والعشرين من شهر نيسان الّذي يُظَنُّ أنّه يوم نقل رفاته. وفي تراث الشّرق والغرب معًا أنّ ثلاثة استُشهدوا معه: أكاكيوس ومانندروس وبولينوس، أيضًا بقطع الهامة.
يُشار إلى أنّ بعض رفات القدّيس باتريكيوس موجود في المعهد اللّاهوتيّ في خالكي، اسطنبول.