في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*ذكرى ظهور الصّليب المقدّس في سماء أورشليم. *الشّهداء كودراتوس ورفيقَاه ساتورنينوس وروفينوس. *الشّهيد أكاكيوس الكبّادوكيّ. *الشّهيد مكسيموس. *القدّيس البارّ يوحنّا الغلاطيّ. *القدّيس البارّ نيلوس المفيض الطّيب. *الجديد في الشّهداء باخوميوس الأوكرانيّ الدبّاغ. *أبينا الجليل في القدّيسين بنديكتوس الثّاني، أسقف رومية. *القدّيس البارّ يوحنّا بفرلي الإنكليزيّ. *القدّيسون الأبرار يوحنّا الزّاديني ورفقته السّوريّون الإثنا عشر. *القدّيس البارّ نيلوس سورسكي. *أبينا الجليل دوميتيانوس البلجيكيّ. *العذارى الشّهيدات فلافيا دوميسيلا وأفروسينا وثيودورة. *الشّهداء فلافيوس وأوغسطوس وأوغسطينوس. *القدّيسان البارّان سيرينيكوس وسيرينوس. *القدّيس الكسيوس توث.
* * *
✤ القدّيس الجديد في الشهداء باخوميوس الأوكراني الدبّاغ (+1730م)✤
كان باخوميوس شاباً أوكرانياً أرثوذكسياً متمسِّكاً حين وقع بين أيدي قراصنة من المسلمين التتار جاؤوا يصطادون العبيد ويلتمسون مغانم الغزو. بيع إلى دبّاغ مسلم كان يعيش في قرية أوساكي، بالقرب من مدينة فيلادلفيا في آسيا الصغرى.
علّمه سيّده أسرار مهنته وحاول أن ينشئه على الإسلام. تلقّن باخوميوس أصول مهنة الرجل لكنه رفض دينه. ولأنه كان صلباً في أمانته للرب يسوع المسيح كان، أحياناً، يتعرّض للضرب والحرمان من الطعام.
عاش سبعة وعشرين عاماً كعبد. خلال هذه الفترة الطويلة، خدم سيِّده حسناً في محلّ الدباغة. وقد سُرّ به معلّمه إلى حدّ أنه قدّم له ابنته زوجة مع أنه لم يكن قد قبل الإسلام بعد. وإذ أدرك أن الزواج من ابنة معلّمه معناه الكفر بيسوع المسيح واقتبال الإسلام رفض العرض. رغم ذلك ولإعجاب معلّمه الكبير به وثباته في إيمانه أطلقه حرّاً ولكن، قبل رحيله، مرض. ولأجل التدبير الإلهي حضر إليه جيران مسلمون أخذوا يُشيعون أنه اهتدى إلى الإسلام وأنكر مسيحه. وقد عمدوا إلى إلباسه حلّة المسلمين دون أن يعرِّضوه للختان، ربما لأنه كان مريضاً. فلما استعاد عافيته ترك أوساكي وارتحل إلى إزمير حيث صار تاجراً.
ومرّ الوقت إلى أن جاءت ساعة تخلّى باخوميوس فيها عن لباسه الإسلامي وسافر إلى جبل آثوس، إلى دير القدّيس بولس حيث أُلحق بالراهب الشيخ يوسف. هناك سلك باخوميوس في الرهبانية اثني عشر عاماً. ومن هناك انتقل إلى منسك كافسوكاليفيا حيث جعل نفسه في عهدة الناسك الكبير أكاكيوس. بقي معه ست سنوات منصرفاً إلى الصلاة المتواصلة.
ومع أن باخوميوس كان جاداً في سبل الحياة الروحية فإنه لم يشعر بالرضى في نفسه كافياً. فإن رغبة جامحة كانت تقضّه ليصير شهيداً للمسيح لا فقط بسبب محبّته للرب ولكن أيضاً بسبب احتمال أن يكون قد كفر بمسيحه وهو في حال المرض، عن غير وعي منه، لما ألبسوه على الطريقة الإسلامية. حاول معرّفه، أول الأمر، أن يصرفه عن هذا الفكر ظانّاً أن هذه الرغبة عنده مردّها كبرياؤه. فلما أصرّ معبِّراً عن رغبته في الاستشهاد، أخضعه الشيخ أكاكيوس إلى قانون صارم على مدى سنة كاملة ليمتحن إرادته وثبات عزمه. فلما اقتنع معرِّفه، أخيراً، بصدقه، أذِن له أن يغادر ويلتمس إكليل الشهادة.
رحل باخوميوس عن الجبل المقدّس يرافقه يوسف الشيخ وبركات أكاكيوس الشيخ. توجّه مباشرة إلى أوساكي. فلما وصلها ذهب لتوّه إلى السوق آملاً أن يعرفه الناس هناك. وهذا ما حدث. أُخذ، إذ ذاك، باليد إلى أمام القاضي متّهَماً بمغادرة الإسلام والتخلّي عن الثوب الإسلامي. هذه كانت في أعينهم خيانة. يشهد عليه ثوبه المسيحي. سأله القاضي عن التهمة الموجّهة إليه. فأجاب، بكل جرأة، أنه لم يسبق له البتّة أن كفر بربّه يسوع المسيح، لا بالكلام ولا بالفكر وأنه يعترف به أنه إله تام وإنسان تام. كذلك قال إنه مستعد للعذاب وحتى للموت ولا يتخلّى عن إيمانه. خيّره القاضي بين التخلّي عن الرب يسوع المسيح والموت فاختار الموت.
أُلقي باخوميوس في سجن مظلم اعتبره بمثابة فردوس رغم حرمانه من الطعام والنوم وكل تعزية أخرى سوى الرجاء بالله.
بعد ثلاثة أيام لُفظت في حقّه عقوبة الموت، وهو ما هلّل له في قلبه.
أكثر من جهة حاولت ثنيه عن عزمه وحمله على قبول الإسلام إنقاذاً لنفسه فلم يسمع لأحد منهم بل ثبت في تمسّكه بالرب يسوع إلى المنتهى.
قيّدوه وجرّروه إلى مكان الإعدام كشاة تساق إلى الذبح. المسيحيون والمسلمون معاً عاينوه. كان المسلمون يبصقون عليه ويمطرونه لعنات، فيما حثّه بعضهم على التراجع عن غيّه وقبول الإسلام. حتى الجلاّد حاول استعادته. كل محاولات الشيطان عبر عملاء الشيطان باءت بالفشل فلم ينجح البتّة في بثّ الخوف في قلبه واستمالته عن الرب يسوع المسيح.
بعدما قُطع رأسه تُرك ثلاثة أيام عرضة للعناصر الطبيعية. أخيراً سُمح للمسيحيّين بدفنه. بعد ذلك أُخذت رفاته إلى دير القدّيس يوحنا الحبيب في باتموس حيث استقرّت، مذ ذاك. في العام 1953 نُقل جزء من رفاته إلى دير القدّيس بولس في جبل آثوس حيث نمت فيه الرغبة في الشهادة.
هكذا بذل القدّيس باخوميوس الأوكراني المتمسّك بإيمانه القويم بالربّ الإله، أقول بذل نفسه محبّة بيسوع في بلدة أوساكي، في آسيا الصغرى في 21 أيّار، سنة 1730م. كان ذلك اليوم يوم عيد الصعود الإلهي.