في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*القدّيس البارّ أفرام السّريانيّ *القدّيس البارّ يعقوب النّاسك *الشَّهيدتان الأم وابنتها، اللّتان هلكتا بالنّار لأجل الإيمان بالمسيح *الشَّهيدة خاريس *القدّيس البارّ اسحق السّريانيّ.
* * *
✤ القدّيس البارّ أسحق السّريانيّ (القرن 7 م)✤
ورد في السنكسارات السلافية ولم يرد في السنكسارات اليونانية. ربما كان السبب الظن في أنه كان نسطوري الانتماء. من أعظم وأعمق من كتب في النسكيات. كتاباته خالية تماماً من أي أثر نسطوري. له في التراث الروحي الأرثوذكسي أثر لا يمحى. أجيال من الرهبان عاشت على مقالاته، و كذلك من غير الرهبان. معلوماتنا عن سيرته محدودة. له في السريانية سيرتان مقتضبتان. يبدو أنه ولد في منطقة قطر على الخليج الفارسي. كانت قطر في زمانه، أي في القرن السابع الميلادي. مركزاً مسيحياً مهماً. وقد أعطت الكنيسة عدداً من الكتبة البارّزين. ترهب أسحق و صار معلماً في وطنه. أول الأمر، و لعله انتقل بعد ذلك إلى جبال خوزستان إثر انشقاق حدث بين بطريركية سلفكية، ستيزيفون و أساقفة قطر. و لا بد أن يكون قد عاد إلى قطر بعدما سوي الأمر وزار الكاثوليكوس جاورجيس المنطقة، سنة 676م. أخذه الكاثوليكوس معه وجعله أسقفاً على نينوى (الموصل) في بلاد ما بين النهرين. تخلى عن الأسقفية واعتزل بعد خمسة أشهر. السبب، حسب أحد المصادر، لا يعلمه إلا الله. مصدر آخر أورد أن رجلين اقتضيا عنده، دائن و مديون، الدائن طلب ماله والمديون مهلة. فلما أشار أسحق إلى الكتاب المقدس وسأل الدائن الصبر على أخيه. انفعل صاحب المال ورد قائلاً: ضع الكتاب المقدس جانباً و ألزمه برد المال! فقال إسحق في نفسه: إذا لم يكن الكتاب المقدس بيني وبينهم فما لي و إياهم؟! فقام إلى الكاثوليكوس و التمس إعفاءه من الأسقفية فأعفاه.بعد ذلك، يبدو أنه اعتزل في جبال خوزستان بجوار نساك آخرين. ثم لما تقدم في أيامه انتقل إلى دير مجاور هو دير ربان شابور. ليس تاريخ وفاته معروفاً. أحد المصادر يذكر أنه أصيب بالعمى في سنواته الأخيرة. يظن الدارسون أن كتاباته وضعها في شيخوخته. ربما كان ذلك في العقد الأخير من القرن السابع الميلادي. إحدى سيرتيه تذكر أنه ترك للرهبان خمسة مجلدات إرشادية. هذا معناه أن أكثر ما ترك ذاع. مقالاته المتبقية تقع في قسمين جُمعا بعد موته. نسخها رهبان سريان وتناقلوها. نقل شقاً منها إلى اليونانية. في القرن الثامن أو التاسع، راهبان من رهبان دير القديس سابا في فلسطين. تضمن هذا الشق في السريانية اثنين وثمانين مقالة. الشق الثّاني جرى الكشف عنه في هذا القرن وهو يتضمن أربعين مقالة إضافية، أبرزها أربع مئويات حول المعرفة. ينسب إليه أيضاً كتاب يعرب بـ “كتاب النعمة” وهو عبارة عن سبع مئويات، لكن نسبته مشكوك فيها.
من أقواله:
سُئل القديس أسحق ما هي التوبة؟ هي القلب المنسحق المتواضع وإماتة الذات إرادياً عن الأشياء الداخلية والخارجية.
ومن هو رحيم القلب؟ فأجاب: هو الذي يحترق من أجل الخليقة كلها: الناس والطيور والحيوانات والشياطين وكل مخلوق، الذي تنسكب الدموع من عينيه عند تذكرها أو مشاهدتها. هو من ينقبض قلبه ويشفق عند سماع أو مشاهدة أي شر أو حزن يصيب الخليقة مهما كان صغيراً، لذلك فهو يقدم صلاته كل ساعة مصحوبة بالدموع من أجل الحيوانات وأعداء الحقيقة وحتى من أجل الذين يؤذونه كي يحفظهم الله ويغفر لهم، ويصلي أيضاً من أجل الزحافات. إن قلبه يفيض بالرحمة فيوزعها على الكل دون قياس كما يفعل الله.
وسئل أيضاً: كيف يقتني الإنسان التواضع؟ فأجاب: يتذكر خطاياه على الدوام وترقب الموت واختيار المكان الأخير وقبوله أن يكون مجهولاً وألا يفكر في شيء دنيوي….
وسئل أيضاً: ما هي الصلاة؟ فأجاب: إنها إفراغ الذهن من كل ما هو دنيوي واشتياق القلب للخيرات الآتية (المقالة 81).