في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*الشّهيد في الكهنة خرالمبوس. *الشّهداء عيناتا وفالنتينا وبولس. *الشّهيدة سوتيريس العذراء. *القدّيس البارّ زينون القيصريّ. *القدّيسة البارّة سكولاستيكا. *القدّيس أنستاسيوس بطريرك أورشليم. *القدّيس البارّ بروخوروس الكييفيّ.
✤ القدّيس البارّ بروخوروس الكييفي (القرن 12 م)✤
عاش هذا القدّيس في زمن الأمير الكييفي الرّوسي سْفجاتوبولك (1093 – 1113م). هذا كان، أول أمره، ظالمًا عنيفًا عبثيًا فسادت في أيامه الصّراعات الدّاخلية والنّـزاعات الإقليمية وضربت الأرض المجاعة. في ذلك الوقت قدم بروخوروس من سمولنسك إلى دير الكهوف في كييف ليترهّب. أعطى نفسه بالكلّية للطاعة والنّسك. حرم نفسه حتّى الخبز. أخذ يجمع نباتًا مرًا يشبه السّبانخ فيطحنه ويصنع منه خبزًا. هذا كان كلّ طعامه. كان يعدّ خبزه الخاص مرة في السّنة. لم يذق خبز القمح إلا في القدسات. وقد نظر الرّبّ الإله طول أناته ونكران ذاته فجعل لأرغفته طعمًا حلوًا. أما شرابه فكان الماء الزّلال وحسب. لم يسقط وجهه البتة. كان دائم الفرح بخدمته للرّبّ. الغزوات لم تكن تخيفه. لم يكن يخشى المصير. كان كواحد من العصافير. حتّى خبز السّبانخ كان يقول عنه لنفسه: “هذه اللّيلة يطلب الملائكة نفسك منك، فهذه الخبزات الّتي جمعتها لمن تكون؟!”.
فلما ضربت المجاعة تلك النّواحي وبات الموت يهدِّد العديد من السّكان، أخذ الجياع يطوفون المكان علّهم يجدون لأنفسهم طعامًا فعلّم بروخوروس الكثيرين أكل خبز السّبانخ. كانوا يأتون إليه من أجله وكان يوزّعه عليهم بفرح. وكلّ من أخذ هذا الخبز من القدّيس أخذ معه بركة جعلت الطّعام في فمه كالعسل. أما الّذين كانوا يأخذون الخبز بالسّرقة فكان في أفواههم مرًّا كالعلقم. وحدث نتيجة الصّراع بين الأمراء، في ذلك الزّمان، ان الملح صار قليلًا في الأرض الرّوسية. والموجود احتكره التّجّار ورفعوا سعره بشكل جنونيّ. إذ ذاك طاف بروخوروس على الرّهبان وأخذ منهم كلّ ما عندهم من الرّماد. وبالصّلاة حوّل الرّبّ الإله الرّماد ملحًا فكان لحاجة الرّهبان ثم صار بركة يتهافت عليها النّاس. أعطى بروخوروس الجميع قدر ما يحتاجون. كان الرّماد ملحًا بكلّ معنى الكلمة. هذا الوضع عطّل على الباعة في السّوق تجارتهم فنقلوا تذمّرهم إلى سْفجاتوبولك الأمير. وهذا، لجشعه، أحبّ ان يحتكر الملح دون التّجار ليصيب ما طاب له من الأرباح. فبعث بمن صادر كلّ الملح الّذي كان في حوزة بروخوروس. فلمّا بلغوا به الأمير وكشف عليه تبيّن انه رماد ألقاه خارجًا أثناء اللّيل. أما النّاس فاستمرّوا يتدفّقون على بروخوروس طلبًا للملح، فكان القدّيس يقول لهم اذهبوا إلى دار الأمير ومتى لاحظتم انه يلقي بالرّماد خارجًا التقطوه فإنه يصير لكم ملحًا. ففعلوا كما أوعز إليهم وجرى كما قال لهم. فلما درى الأمير بالأمر تعجّب جدًا وتاب عن غيّه وصار يوقّر الرّهبان والقدّيس توقيرًا كبيرًا. كما أخذ على عاتقه ان يدفن قدّيس الله بنفسه إذا ما رقد قبله، وطلب ان يواريه القدّيس الثّرى إذا ما كان هو السّبّاق.
سلك القدّيس بروخوروس في النّقاوة بريئًا من العيب سنين طوالًا وكان مرضيًا لله. فلما مرض مرضًا شديدًا عرف ان نهاية رحلته على الأرض وشيكة. كان الأمير يومها في إحدى حملاته العسكرية. فبعث إليه القدّيس يدعوه إلى إتمام نذره وإلا ما أصاب نجاحًا. فصرف عسكره بسرعة وجاء إلى القدّيس. فلما وصل إليه وعظه القدّيس عن الرّأفة والدّينونة الآتية والحياة الأبدية والعذاب الأبدي. وبعدما استكمل الكلام أعطى الجميع البركة وقبّلهم ورفع يديه وأسلم الرّوح. فحمله الأمير على كتفه ودفنه في الكهوف كما وعد. مذ ذاك سلك الأمير باستقامة وتغيّر حال الرّعية معه وحقّق انتصارات جمّة على أعدائه. وقد شهد هو نفسه للعجائب الّتي كانت تجري باسم القدّيس بروخوروس. صلواته تنفعنا، آمين.