Menu Close

في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:

 *الشّهيدان تيموثاوس ومافرا. *الشّهيدان ديودوروس ورودوبيانوس الشمّاس. *الشّهيدة كسينيا العذراء الصّانعة العجائب. *أبينا الجليل في القدّيسين بطرس العجائبيّ، أسقف أرغوس. *أبينا الجليل في القدّيسين إيكومينوس العجائبيّ، أسقف تريكي اليونانيّة. *الشُّهداء السّبعة والعشرون المجهولو الإسم. *الجديد في الشُّهداء أحمد الخطّاط. *القدّيس البارّ ثيودوسي الكييفيّ مؤسّس حياة الشّركة في الرّوسيّا. *الشّهيد في الكهنة نيقولاوس بينيفولسكي الرّوسيّ.

القدّيس بطرس العجائبيّ أسقف أرغوس (+922 م)

وُلد حوالي العام 850 م في مدينة القسطنطينية من أبوين تقيَّين ميسورين. كانت العائلة تتعاطى الضيافة والإحسان بشكل غير عادي. هذا نفح في بطرس وإخوته محبّة الفضيلة. ثم أن البكر بينهم، وهو بولس، إذ اشتعلت محبّة الله في قلبه، صار راهباً لدى ناسك مشهور في ذلك الزمان اسمه بطرس. وما لبث أخوه ديونيسيوس أن حذا حذوه وكذلك فعل والداه وأخته. أما بطرس وأخ له اسمه أفلاطون فإنهما استكملا دراستهما في العالم وبعد ذلك اعتزلا في الدير، هما أيضاً. وقد ورد أن حميّة بطرس الإيمانية كانت قوّية لدرجة أنه فاق إخوته وبقيّة الرهبان في فترة قصيرة. وهكذا أضحى بمثاله الطيِّب نموذجاً للنسك والفضيلة. كان يضبط كل حركات نفسه، يقظاً، حريصاً كل الحرص على نفسه، لا يسلم نفسه البتّة لثورة الغضب ولا يذهب إلى حدّ الاستسلام للضحك الصاخب. غير أن وجهه كان مشعّاً بابتسامة تنمّ على الفرح الأصيل بالروح. مظهره، مشيته، كلامه، كلّه كان جديراً بالإعجاب ويحرِّك الآخرين على التمثّل به. ورغم تشدّده في النسك لم تكن تنقصه المحبّة للآخرين ولا الاهتمام بأمرهم، كما كان ينخرط في الأحاديث معهم متى لاحظ في ذلك منفعة روحية لهم. كلمات الآباء القدّيسين كانت تجري على لسانه بسهولة. فضائله وحكمته ما لبثت أن لفتت نظر بطريرك القسطنطينية، نيقولاوس الأوّل الصوفي إليه، فاقترح أن يرفّعه إلى درجة الأسقفية وأن يسلمه كرسي كورنثوس. لكن محبّ الهدوء لم يشأ أن يفعل ذلك طالما كان له خيار في ذلك، فكان أن جعل البطريرك أخ بطرس، أي بولس، الذي كان رئيس الدير رئيس أساقفة على كورنثوس.

          ولمّا لم يشأ بطرس أن يكون تحت نظر البطريرك لئلا يُجرَّب ثانية في اختياره للأسقفية انضمّ إلى أخيه بولس معتزلاً خارج كورنثوس. هناك انصرف إلى الصلاة وتأليف الأناشيد الكنسية وكتابات المقالات في إكرام القدّيسين. ومع أنه بذل جهداً كبيراً في الإقامة بعيداً عن الأضواء فإن شعلته لم تكن لتخفى طويلاً. فلما رقد أسقف أرغوس جاء سكّانها والتمسوا من بولس أن يجعل أخاه بطرس راعياً لهم. لم يشأ قدّيسنا أن يذعن فهرب وبقي متوارياً لفترة طويلة. فلما عاد إلى كورنثوس ظانّاً أن الخطر قد زال أسرع إليه المؤمنون من جديد وهم يقولون له إنه برفضه الأسقفية عليهم تسبّب في موت العديد من المولودين حديثاً من دون معمودية، كما أن راقدين عديدين لم تُتْلَ عليهم صلاة التجنيز. على هذا خضع وصُيِّر على أرغوس وتوابعها.

          في رعيّته الجديدة نشر بطرس نور الفضائل والتعليم الإنجيلي. وقد عمل على إصلاح حال الكهنة ولم يتردّد في عزل مَن لا يصلح منهم بسيف الروح. أما بإزاء سامعيه الذين أبدوا استعداداً حقيقياً للتوبة فإنه استبان صبوراً، حليماً، رؤوفاً. وقد لمع بخاصة لاهتمامه بالضيافة ومحبّة الفقير حتى إنه كان يتخلّى عن ثيابه الخاصة ليُدفئهم. كان يستضيف كل مَن يأتيه دون أن يسأله مَن هو ومن أين أتى. كان مقرّه، كل يوم، يمتلئ مساكين ومعوقين وعمياناً وأرامل ويتامى. وما كان أحد يعود أدراجه إلاّ وقد تلقّى عوناً مناسباً. وإذا ما حدث أن استهان الخدّام بأحد فإنه كان يعطيه، في اليوم التالي، حصّة مضاعفة. هذا وخلال مجاعة رهيبة ضربت البليوبونيز، عمد بطرس إلى توفير الإمدادات للآلاف من المحتاجين، كما وزّع، بلا حساب، مخزون أهرائه. وإذ لم يبق لديه سوى جرّة طحين واحدة استمرّ في التوزيع. وبدل أن تفرغ الجرّة كانت تمتلئ وبقيت كذلك إلى أن نال الجميع كفايتهم.

          ذات مرّة أتى البرابرة، في غزوة لهم، على منزل أحد المؤمنين، فعمد بطرس للحال إلى إعادة بناء المنزل وتجهيزه على نفقته. كان يسهر على تربية الناشئة ويهتمّ بتوفير نفقات الدراسة لمَن كانوا يتابعون تحصيلهم الدراسي في مدن أخرى. كما كان يؤمّن للمزارعين الأدوات الزراعية. محبّته استبانت، بخاصة، إزاء أبنائه الذين كان يأسرهم القراصنة العرب الآتون من كريت. في هذا السياق كان يبذل كل جهده ليجمع المال ويبادر بنفسه إلى افتداء شعبه.

          كانت له دالة عظيمة عند الله لمحبّته له حتى انه كان ينيِّح، بصلاته ونعمة الله، المعذَّبين بالأرواح النجسة. كما كانت له موهبة النبوءة.

          في أواخر حياته، وبالتحديد في العام 920م، اشترك في مجمع انعقد في مدينة القسطنطينية كان الغرض منه وضع حدّ للإنشقاق الذي تسبّب به الأمبراطور لاون السادس، إثر زواجه الرابع. دافع عن الإيمان القويم واحترام الانضباط الكنسي، ثم عاد إلى أبرشيته. لما بلغ السبعين في العام 922م تنبّأ بقرب مغادرته إلى ربّه، ثم مرض. ولثلاثة أيام وعظ الذين تحلّقوا حوله. ثم غادر بسلام إلى ربّه والابتسامة على شفتيه.

          أثناء مراسم الجنازة استضاء محيّا القدّيس وتبلّل بالأعراق. كانت رفاته موضع نزاع شديد بين سكّان نوبلي وسكان أرغوس. أخيراً أُودعت الرفات كنيسة أرغوس حيث جرت بها عجائب جمّة جيلاً بعد جيل. وقد حُسب بطرس شفيع المدينة.

مواضيع ذات صلة