في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*القدّيس البارّ ألكسيوس رجل الله *الشّهيد مارينوس *المُعترف ثيوكتيريستوس البثينيّ *الشّهيد بولس الكريتيّ *القدّيس البارّ مكاريوس العجائبيّ الرّوسيّ *القدّيس البارّ باتريكيوس، أسقف إيرلندا ومبشّرها *شهداء الإسكندريّة.
* * *
✤ القدّيس البارّ مكاريوس العجائبي الرّوسي (+1483 م)✤
من إحدى عائلات النّبلاء في تْفير. قرأ، ولدًا، حياة القدّيسين بشغف فاشتهى السّير في خطاهم. مال إلى الحياة الرّهبانيّة لكن أهله قاوموه. أرغموه على الزّواج فرضخ. تذرّعوا بأن ثمة قدّيسين عديدين تزوّجوا. اتفق وزوجته انه إن مات أحدهما يمتنع الآخر عن الزّواج وينصرف إلى الحياة الرّهبانيّة. وشاء التّدبير الإلهي بعد مضي سنة ان يُتوفى والدا القدّيس وترقد زوجته أيضًا، فوزّع على الفقراء ما اجتمع له من خيرات أرضيّة وترهّب واتخذ اسم مكاريوس في دير كلوبوكوفو.
اقتدى مكاريوس بصرامة الآباء الكبار في نسكهم. كان مطيعًا للجميع متواضعًا. فلما انقضت عليه بضع سنوات جادًا في معارج الحياة المشتركة طلب بركة رئيسه ليتنسّك. وإذ وجد موضعًا موافقًا بقرب الفولكا شرع في نسك صارم تعمّد خلاله تقاسم طعامه اليسير والحيوانات البرّيّة. فلمّا يمضِ عليه وقت طويل حتّى أخذ التّلاميذ يتحلّقون حوله فاستحال معتزله ديرًا. لم يشأ القدّيس، تواضعًا، ان يترأس عليهم، لكنه فرض قانون حياة شركويًا صارمًا. اثنان تولّيا تباعًا رئاسة الشّركة فأخفقا في حفظ الأحكام الرّهبانيّة المحدّدة وأُزيحا. أخيرًا وجد القدّيس نفسه مضطرًا لقبول الرّئاسة فرضخ.
غير ان الإزدهار المتنامي للدير أثار المحاسد. وإن مالك الأراضي المجاورة للدير، واسمه كولياغ، لاحق القدّيس بإزعاجات متواصلة حتّى صمّم ان يصفّيه إن لم يبلغ منه المأرب. لكن لم تشأ العناية الإلهيّة لهذا المستكبر ان يحقّق قصده فأُصيب بمرض عضال فتاب واستدعى القدّيس إليه وطلب منه المسامحة. فلما استردّ عافيته ترهّب وسلك بأمانة لافتة، كما وهب القدّيس أراضيه فأسمى ديره، مذ ذاك، “كوليازينو”، تيمّنًا بـ كولياغ. إلى ذلك ذاع صيت الدّير وأثار نظامه الإعجاب وكذا انضباطُ الحياة فيه. وثمة عدد من القدّيسين خرجوا من هذا الدّير نظير أفرام بيريكوف، قرب نوفغورود والقدّيس باييسي الأغليشي (6 حزيران). تجدر الإشارة إلى ان مكاريوس كان يشفي، بالصّلاة، المرضى القادمين إليه، المعترفين بتواضع قلب بخطاياهم. وقد ردّ البصر يومًا، بنعمة الله، إلى عدد من سرّاق الثّيران الخاصة بالدّير بعدما أصيبوا بالعمى بأمر الله لفعلهم.
جدَّ القدّيس مكاريوس إلى الحادية والثّمانين من عمره فلم يشأ التّخفيف من أسهاره وصلواته رغم المرض الّذي أصابه. وإذ أشرف على النّهاية دعا تلاميذه وباركهم. وبعدما ساهم القدسات أسلم روحه وهو يتمتم هذه الكلمات: “المجد لله على كلّ شيء!” (17 آذار 1483 م). بعد مرور ثمانية وثلاثين يومًا على وفاته وُجد جسده وثيابه محفوظًا غير منحل وهو يتضوّع برائحة زكيّة تمدّ العزاء الإلهي إلى النّاس وكذا شفاء المرضى المقتربين منه بإيمان.