Menu Close

في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:

*تقدمة عيد الظّهور الإلهيّ. *أبينا الجليل في القدِّيسين سيلفستروس، أسقف رومية. *الشّهيد في الكهنة ثياغينوس أسقف باريوم. *الشّهيد باسيليوس الّذي من أنقره *القدِّيس ثيوبمبتوس. *القدِّيسة ثيودوتا. *القدِّيس مرقص الأطرش. *القدِّيس سرجيوس الشّهيد. *القدِّيس البارّ نيلس المتقدّس. *القدِّيس قوزما الأوّل القسطنطينيّ. *القدِّيس البارّ سيرافيم ساروفسكي الحامل الإله. *القدِّيس جاورجيوس الجيورجيّ الشّهيد الجديد.  *القدِّيس البارّ سيلفستروس الكهفيّ الكييفيّ.

القدِّيس البارّ سيرافيم ساروفسكي الحامل الإله

يجعل مترجموه تاريخ ميلاده يوم التاسع عشر من تموز سنة 1759م في بلدة كورسك في روسيا الوسطى. كان أبوه، إيزيدوروس، بنّاءً. رقد وقديسنا في السنة الأولى من عمره. أمه، أغاثا، كانت امرأة طيّبة قويّة النفس معروفة بحبها للمرضى والأيتام والأرامل وعنايتها بهم. محبّة أمّه للناس أثّرت في نفسه.عندما بلغ بروخوروس العاشرة من عمره مرض مرضاً خطيراً. وفيما ظن من حوله أنه مشرف على الموت تعافى. وقد أخبر أمّه، فيما بعد، أن والدة الإله أتت إليه في رؤيا ووعدته بأن تشفيه. مذ ذاك نمت بين والدة الإله و بينه علاقة مميّزة.

‏عندما بلغ السابعة عشرة اشتغل في التجارة مع أخيه ألكسي، لكن التجارة لم تستهوه بحال. كان عقله في الإلهيات أبداً. وقد مالت نفسه إلى الحياة الرهبانية فسافر واثنين من أصحابه إلى كييف. هناك سمع من فم أحد الآباء الشيوخ كلمة اعتمدها، والكلمة كانت: “سوف تذهب إلى ساروف، يا ولدي. هناك تكون نهاية حجِّك الأرضي… والروح القدس يهديك و يسكن فيك”.مذ ذاك سلك بروخوروس طريق ساروف. وكانت ساروف على بعد ثلاثمائة كيلومتر من كورسك.

راهباً مبتدئاً

انضم بروخوروس إلى دير ساروف الكبير وهو في التاسعة عشرة من عمره. سلك في الطاعة والتواضع وصلاة القلب والأصول الرهبانية ككل الرهبان. عمل في الدير خبّازاً و عمل نجّاراً. جمع بين العمل و صلاة يسوع. واعتاد أن يقول فيما بعد: “كل الفن هناك! فسواء جئت أم ذهبت، كنت جالساً أم واقفاً أم في الكنيسة، لتخرجْ هذه الصلاة من بين شفتيك: أيها الرب يسوع المسيح، ارحمني أنا الخاطئ. فإذا استقرّت هذه الصلاة في قلبك، وجدت سلاماً داخلياً و خفراً في النفس والجسد”. هذه الكلمات كانت نتاج الخبرة لديه.

لاحظ رؤساء بروخوروس صبره واحتماله وحميّته في الخدم الليتورجية فجعلوه قارئاً. وكان محباً لكتب الآباء إضافة إلى الكتاب المقدس الذي اعتاد أن يسمِّيه “زوّادة النفس”، وكان يقرأه، لاسيما العهد الجديد منه، واقفاً أمام الإيقونات. كان بروخوروس، أول الأمر، يقسو على نفسه قسوة شديدة، يسهر كثيراً ولا يأكل إلا قليلاً. وقد سبّب له ذلك أوجاعاً حادة في الرأس ومرض. لذلك أخذ ينصح المبتدئين، فيما بعد، بعدم التقسّي الشديد في النسك، أن يناموا خمس أو ست ساعات ويرتاحوا قليلاً أثناء النهار إذ ليست الإماتة موجهة للجسد بل للأهواء. الجسد يجب أن يكون عشير النفس ومساعدها في عمل الكمال، وإلا فإن الجسد المضنى يضعف النفس، هذا ولم يسترد بروخوروس عافيته إلا بعد ثلاث سنوات وبعدما ظهرت له والدة الإله، من جديد، برفقة بطرس ويوحنا، وقالت لهما عنه: “هذا واحد منا!”.

لبس بروخوروس الإسكيم الرهباني وهو في السابعة والعشرين. من ذلك اليوم صار اسمه سيرافيم.

شماساً

تشمّس سيرافيم سبع سنوات عرف خلالها الاكتئاب لقصوره عن تسبيح الله كالملائكة على الدوام. و قد أُعطي أن يعاين الملائكة يشتركون في خدمة الهيكل و الكهنة و الشمامسة، وسمعهم يرنّمون ترانيم سماوية لا مثيل لها بين الناس و قد عاين سيرافيم الرب يسوع مرة و كان يشمِّس فتسمّر في موضعه إلى أن خرج شمّاسان و حملاه إلى الداخل حملاً.

كاهناً

سيم القدِّيس كاهناً وهو في سن الثلاثين فصار يقيم الذبيحة الإلهية كل يوم. وقد منّ عليه الرب الإله بمواهب الشفاء و طرد الأرواح الشرّيرة و البشارة بكلمة الله. كما اعتاد أن يحثّ المؤمنين على المناولة المتواترة. بعد سنة من ذلك، سمح له رؤساؤه بمغادرة الدير و العيش ناسكاً على بعد ‏حوالي ستة كيلومترات من الدير في الغابة.

ناسكاً

‏كان القدِّيس سيرافيم قد شاخ قبل أوانه. كما كان المرض و الإمساك قد أضنياه، وكانت رجلاه منتفختين متقرّحتين. لهذا سمح له رؤساؤه بالعزلة.

 ‏كان لا يذهب إلى الدير إلا في آخر الأسبوع و لا يحمل معه إلا القليل من الخبز عائداً. و قد كان له شركاء في طعامه: حيوانات البرّية التي صارت له عشيرة أليفة. فمن المعروف مثلاً أن دباً كان يأتيه كالحملان ليأكل من يده. وقد اعتاد أن يعمل قليلاً في الأرض ويرتل أثناء العمل. وكثيراً ما كان يحدث أن يخطف بالروح و هو يرنم. وفي عودة القدِّيس إلى الدير، في الآحاد والأعياد، كان الرهبان يتحلّقون حوله ويصغون إليه و هو يحدثهم عن الله: “بمقدار ما تدفئ محبة الرب قلب الإنسان، بنفس المقدار يجد المرء، في اسم الرب يسوع، حلاوة و سلاماً”.

‏كان منسكه أجرد. حتى السرير لم يكن موفوراً، لأن سيرافيم كان يستلقي على كيس من الحجارة الملساء. غمبازه كان يتيماً وله حبل يربط وسطه به، لكن كان عنده للشتاء معطف سميك وقبعة رهبانية.

كثيرون أخذوا يشقّون طريقهم إليه طلباً للنصح و البركة فتضايق و سأل الله حلاً فتشابكت الأغصان حول منسكه إلى حدّ تعذّر معه وصول الراغبين إليه.

صراع مع إبليس

و كثيراً ما كان يبدو للقديس سيرافيم كأن حيطان منسكه على وشك التداعي والعدو يزأر و يهاجم من كل صوب و الحيوانات الضارية تضرب المكان بعنف لتنقضّ على من في الداخل.

ثم بعد حين تغيّر نوع هجمات الشرّير عليه فربضت على قلبه كآبة ثقيلة واضطربت في روحه أفكار داكنة. معركته مع الأبالسة دامت سنوات. لا نعرف الكثير عنها. نعرف فقط أنه بقي ألف يوم راكعاً أو منتصباً على الصخر يصلّي.

ثلاثة لصوص

وجاء إلى القدِّيس ثلاثة لصوص فيما كان يقطع الحطب في الغابة وطلبوا منه مالاً. وإذ لم يكن عنده ما يعطيه لهم غضبوا أشد الغضب وضربوه بقسوة فأغمي عليه. وبالجهد، بعدما استعاد وعيه، جرّر نفسه إلى الدير. كانوا قد تسبّبوا في إحداث كسور في جمجمته وأضلاعه علاوة على الجراح. ولم يسترد عافيته إلا بعد أشهر. وقد شاب شعره واحدودب ظهره وصار لازماً له أن يستعين في مشيته بعصى. فلما عاد إلى منسكه دخل في صمت ولم يعد يذهب إلى الدير، فاتخذ مجلس الشركة قراراً باسترداده، فعاد طائعاً. كان قد مضى على نسكه خمسة عشر عاماً.

مقفلاً على نفسه

‏أقفل القدِّيس على نفسه قرابة الخمس سنوات قليلاً ما كان فيها يكّلم أحداً، ‏وكانوا يأتونه بالقدسات إلى قلاّيته. ثم بعد ذلك انفتح وصار يقبل الزائرين المنتصحين. كما اعتاد أن يقول لهم: “تعلّموا أن تكونوا في سلام وألوف النفوس من حولكم تجد الخلاص”. على هذا النحو، وبعد سبع وثلاثين عاماً من التهيئة بانت موهبة القدِّيس: أن يكون شيخاً روحانياً، ستاريتزاً يُعنى بالنفوس. وصاروا يأتون إليه من كل مكان. حتى القيصر الكسندروس الأول اعتاد المجيء إليه. وإذ زاد عدد الطالبين صلواته فوق الطاقة صار أحياناً يكتفي بإضاءة شمعة لكل منهم اقتداء بموسى الذي أشعل من أجل الشعب قديماً ناراً تكفيرية. كانت للقديس سيرافيم موهبة معرفة مكنونات القلوب ورؤية الأمور على ‏بعد في المكان والزمان.

أباً للراهبات

على بعد اثني عشر كيلومتراً من ساروف كانت قرية ديفيافو وفيها كان دير نسائي اهتم القدِّيس سيرافيم به. ثم ما لبث أن أسس ديراً للفتيّات بين الراهبات أسماه دير الطاحونة قريباً من الدير الأول. وكان بينهن عدد من القدِّيسات. تعاطيه معهن امتاز بالسعة والمرونة. سأل إحداهن مرة: “هل تقيمين صلواتك حسناً؟ أجابته: كلا! عندي الكثير من المهام ولست أصلّي كما يجب! فقال لها: ليس هذا مهماً، يا فرحي. إذا لم يكن لديك وقت كاف للصلاة فبإمكانك أن تصلّي وأنت تعملين أو فيما أنت ذاهبة من مكان إلى مكان أو حتى في السرير شرط ألا تنسي أن تدعي الرب في قلبك وأن تسجدي أمامه صبحاً ومساءً. فإذا فعلت ذلك فإن الله نفسه سوف يعينك على بلوغ الصلاة الكاملة”.

رقاده

‏رقد قديس الله في سن السبعين. كان في أيامه الأخيرة يتحدّث عن قرب مغادرته بفرح ووجه مشع. وكان بعض الإخوة يسمعونه وهو يرنّم ترانيم الفصح. تناول القدسات الإلهية في الأول من كانون الثَّاني سنة 1833 ‏وقبّل إيقونات الكنيسة مشعلاً أمام كل منها شمعة. ثم بارك الإخوة قائلاً لهم أن يصنعوا خلاصهم وأن يسهروا لأن الأكاليل قد أُعدت لهم. بعد ذلك زار مدفنه، ثم أغلق على نفسه في القلاية. وأثناء الليل رقد، وقيل كان على ركبتيه. عُرض للتبرك ثمانية أيام في الكاتدرائية وتبرّك منه الآلاف. وقد ذكر أحد الرهبان في الجوار أن نوراً عظيماً التمع في السماء فقال: “هذه روح الأب سيرافيم تطير إلى السماء”.

في 19 ‏تموز سنة 1903 ‏جرى إعلان قداسته بحضور العائلة المالكة ومئات ‏ألوف المؤمنين.

مواضيع ذات صلة