في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*عيد جامع لِرَئيسَيّ الملائكة ميخائيل وجبرائيل وسائر القوّات السّماويّة العادِمَة الأجساد. *القدّيسة البارّة أفروسيني الصّغرى. *القدّيسة البارّة مَرتا بْسكوف الرّوسيّة. *الشّهيد نعمة الجديد.
✤ عيد جامع لرئيسَي الملائكة ميخائيل وجبرائيل وسائر القوات السماوية العادمة الأجساد✤
الملائكة: مَن هم؟ ما هي ميزاتهم؟ ما هو دورهم؟ ما هي مراتبهم؟ وما هي أسماؤهم؟ بكلمة، ما تعلِّمه الكنيسة بشأنهم.
طبيعة الملائكة : الملائكة مخلوقات إلهيّة نعرّف عنها بـ “الأنوار الثَّانية” حيث إنّ الإله البارّئ هو النّور الأوّل غير المَخلوق. وهي ثانية لأنّها تقتبل بنعمة الرّوح القدس إشعاعات النّور الأوّل وتشترك في سرمديّته. أبدعها الله قبل العالم المَنظور الّذي نعرف، وكمَّلها بالقداسة، جاعلاً إيّاها أرواحًا وخدّامًا كلهيب النّار (انظر المزمور 103)، واسمها مَعناه في الأصل اليونانيّ “رُسُلٌ”. وهي حُرّة من ثقل الجسد، عاقلة وفي حركة دائمة لا تتوقّف. تُعاين الله على قدر طاقتها ولها من المُشاهدة قوتٌ لذاتها وثبات وعلّة وجود. وهي وإن كانت حرّة من انفعالات الجسد لكنّها ليست بلا هوى كمثل الله لأنّها كائنات مخلوقة. من هنا أنّ الملائكة وإن لم تكن لِتَجْنَح إلى الشّرّ إلّا بصعوبة، لكنّها ليست بمنأى عنه إمكانًا. ومن هنا، أيضًا، أنّ عليها أن تحسن استعمال الحرّيّة الّتي يسبغها الله عليها لتحفظ ذواتها في الصّلاح وتنمو في مشاهدة الأسرار الإلهيّة لئلا تجنح إلى الشّرّ وتبعد عن الله. وحيث لا جسد لا توبة ترتجى. على أنّ الملائكة وإن كانت بلا أجساد فهي ليست غير هيوليّة تمامًا. وحده الله كذلك، والملائكة محدودة في الزّمان والمكان، ليس بإمكانها أن تكون في أكثر من مكان واحدٍ في وقتٍ واحد. لكنّ طبيعتها اللّطيفة تتيح لها اجتياز العوائق كمثل الجدران والأبواب وما إليها، متى أوكل إليها السّيّد الرَّبّ بمهمّة لدى النّاس. وهي لذلك تتّخذ شكلًا جسدانيًّا يتيح لنا رؤيتها، كما أنّ خفتّها وسرعتها الخارقة تؤهّلها لاجتياز المسافات لتوّها. ولها من الله، متّى أوفدها، علم كامل دقيق نفّاذ بكلّ ما تخرج من أجله. وإن تنبأتْ فبنعمة من عنده وأمرٍ، وهذا ليس من فضلها.
رُقباء على الأرض : والملائكة جعلها الله رقيبة على الأرض، تسود على الشّعوب والأمم والكنائس وتضمن نفاذ المَقاصِد الإلهيّة وتمامها من نحو البشر، جماعاتٍ وأفرادًا. ولكلٍّ منّا بصورة غير منظورة ملاك حارس من عند الله، عينُه علينا دونما انقطاع، وهذا الملاك الحارس يوحي لنا بالصّلاح عبر الضمير فيعيننا على اجتناب فخاخ الشّيطان ويؤجّج فينا نار التّوبة الخلاصيّة إن أثمنا.
مراتبها : والله وحده العارف بصنف الطّبيعة الملائكيّة وحدودها. فالتّراث يجعلها في تسع مراتب موزّعة على ثلاث مثلّثات:
أولاها تلك الواقفة أبدًا في حضرة الله والمُتّحدة به بصورة فوريّة، قبل سِواها ودونما وسيط. وهذه هي السّارافيم والشّاروبيم والعروش. فأمّا السّارافيم فاسمها في العبرانيّة معناه “المشتعلة”، ولها حركة سرمديّة ثابتة حول الحقائق الإلهيّة تؤهّلها للإرتقاء بمَن هم دونها في الرّتبة إلى الله من خلال إزكاء الحرارة المُطهّرة النّورانيّة الّتي للفضيلة. وأمّا الشّاروبيم فلها غير وظيفة، واسمها يشير إلى تمام معرفة الله. لذا نصوّرها ممتلئة عيونًا من كلّ صوب دلالة على أهليّتها لمشاهدة النّور الإلهيّ. وأمّا العروش فهي الّتي يستريح الله فوقها في سكون بلا هوى.
وأمّا المثلّث التّالي فهو السّيادات والقوّات والسّلاطين، وهو الحلقة الوسطى الّتي تبثّ مراسم السّيّد الإله على نحو منظوم وترقى بالأرواح الدُّنيا إلى الاقتداء بالله.
وأمّا المُثلّث الأخير فينجز المَراتِب السّماويّة، وقوامه الرّئاسات ورؤساء الملائكة والملائكة، الّتي بها نُبَلَّغُ المَراسِم الإلهيّة. ولما كان هذا المُثلّث هو الأدنى إلينا فإنّ الملائكة فيه هي الّتي تنزل علينا بهيئة جسمانيّة متى شاء ربّها.
ثمّ بعد المَراتِب الملائكيّة التّسع يأتي آدم في المَرتبة العاشرة وبه اكتملت الخليقة. ولكن آدم سقط وأضحى تحت العبوديّة للمَوت.
هذا والذّكرى اليوم مَعَادُها القرن الرّابع للميلاد، في زمن سلفستروس، البابا الرّوميّ، وألكسندروس، البطريرك الإسكندريّ. تُرى لماذا جعله القدامى في تشرين الثَّاني؟ ثمّة تفسير يردّه إلى أنّ شهر آذار، قديمًا، حسِبَه الأسلاف الشّهر الّذي كان فيه إبداع العالم. ولمّا أرادوا أن يشيروا إلى تسع مراتب الملائكة، أَحصوا تسعة أشهر فجعلوا العيد في تشرين الثَّاني.
رؤساء الأجناد السّماويّين : ثمّ إنّه وردت في الكتاب المقدّس والتّراث أسماءُ سبعةٍ أو ربما ثمانية من رؤساء الأجناد السّماويّين، وهؤلاء هم: ميخائيل وجبرائيل وروفائيل وأورئيال وصلاتئيال وجاغديال وبرخيال وأرميال.
ميخائيل : فمعنى اسمه “مَن مثل الله؟” أو “مَن يُعادِل الله؟”
جبرائيل : ومعنى اسمه “رجل الله” أو “جبروت الله
روفائيل : فمعناه “شفاءُ الله” أو “الله الشّافي”.
أورئيال : فمعنى اسمه “نار” أو “نور الله”.
صلاتئيال : يعني اسمه “مَن يصلّي إلى الله”
جاغديال : فمعنى اسمه “مَن يمجّد الله”.
برخيال : فيعني “برَكَة الله”.
أرميال : فمعنى اسمه “سموُّ الله“.