في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
* العَظيم في الشّهداء ديمتريوس المـُفيض الطّيب *الشّهداء غليكون وأرتاميدوروس وباسيليوس *الشّهيدة ليبتينا *القدّيس البارّ أثناسيوس *الجديد في الشّهداء يواصاف *أبونا الجليل في القدّيسين ثيوفيلوس أسقف نوفغورود وبسكوف *أبونا الجليل في القدّيسين أنطونيوس أسقف فولوغدا *القدّيس البارّ ديمتريس باسارابوف البلغاريّ *تذكار الزّلزلة الّتي حدثت سنة 740 م *الشّهيد لوبوس.
* * *
✤ تذكار القدّيس المعظّم في الشّهداء ديمتريوس المُفيض الطّيب (+ 303 م)✤
إنّ ما نعرفه عن القدّيس ديمتريوس قليل، ومع ذلك فإنّ له في وجدان الكنيسة ذِكرًا حَسَنًا وإكرامه طبّق الآفاق.
وُلد ونشأ في مدينة تسالونيكي، وقد قيل من أبوَين تقيَّين عدما ثمرة البطن طويلًا إلى أن افتقدهما الله بعدما استغرقا في الصّلوات والنّذور ومحبّة الفقير والصّبر. ولمّا كان والده قائدًا عسكريًّا أنشأه على ضبط النّفس والجهاد والأمانة، كما على التّقى ومحبّة الفقير. ولمّا بلغ الأشدّ تلقّى من العلم قدرًا وافرًا ثمّ انخرط في الجنديّة كأبيه وأضحى قائدًا عسكريًّا مرموقًا. وقد أقامه الأمبراطور مكسيميانوس على مقاطعة تساليا، وقيل قنصلًا على بلاد اليونان. هذا فيما تذكر مصادر أخرى أنّه كان شمّاسًا غيورًا وحسب. ولكن غلبت عليه صورة الجنديّ. ويشاء التّدبير الإلهيّ أن يَعبُر الأمبراطور مكسيميانوس بمدينة تسالونيكي عائدًا من حرب خاضها ضدّ البرابرة السّكيثيّين، شمالي غربي البحر الأسود. ولمّا كانت العادة أن تُقام الإحتفالات ويرفع البّخور للملك والآلهة وتقدّم الذّبائح في المناسبة، فقد أعطى الملك توجيهاته بإعداد العدّة في هذا الشّأن في المدينة. واغتنم بعض حُسّاد ديمتريوس الفرصة فقاموا وأسرّوا للأمبراطور حقيقة مَن كان قد أولاه ثقته أنّه لا يتساهل بشأن المَسيحيّين وحَسب، كما أوصى جلالته، بل اقتبل هو نفسه المَسيحيّة وأضحى مذيعًا لها. فاغتاظ الأمبراطور وأرسل في طلب عامله. فلما حضر استفسره الأمر فاعترف ديمتريوس بمسيحيّته ولم ينكر، فجرّده الأمبراطور من ألقابه وشاراته وأمر بسجنه ريثما يقرّر ما سيفعله به، فأخذه الجُند وألقوه في موضع رطب تحت الأرض كانت تفوح منه الرّوائِح الكريهة.
أيقن ديمتريوس أنّ السّاعة قد أتت ليتمجّد الله فيه فأخذ يُعدّ نفسه بالصّلاة والدّعاء. كما أوعز إلى خادمه الأمين لوبوس الّذي كان يعوده في سجنه بتوزيع مقتنياته على الفقراء والمساكين. وإن هي سوى أيّام معدودات حتّى أرسل الأمبراطور جنده إليه من جديد فطعنوه بالحراب حتّى مات. ويُقال إنّ السّبب المباشر لتنفيذ حكم الإعدام السّريع هذا كان تغلّب الشّاب المسيحيّ نسطر على لهاوش، رجل الأمبراطور، في حلبة المُصارعة. فقد سرى أنّه كان لديمتريوس ضلعًا في ذلك، فيما ظنّ الأمبراطور أنّ ما حصل كان بتأثير سِحْر هذا المَدعو مَسيحيًا. ويُقال إنّ خادم ديمتريوس، لوبّس، أخذ رداء معلّمه وخاتمه من السّجن بعدما غمّسه بدمه وأنّ الله أجرى بواسطتهما عجائب جَمّة. وبقي كذلك إلى أن قبض عليه الجند هو أيضًا وقطعوا هامته.
أمّا رُفات القدّيس فأخذها رجال أتقياء سِرًّا ودفنوها. وقد أعطى الله علامة لِقَداسة شهيده أنّ طِيبًا أخذ يفيض من بقاياه ويشفي الكثيرين من أمراضهم، ممّا جعل الكنيسة تسمّيه “المُفيض الطّيب”. يذكر أنّ رائحة الطّيب ما زالت تعبق بين الحين والحين من ضريحه إلى اليوم. وضريحه مودع في كنيسة (بازيليكا) القدّيس ديمتريوس في قلب مدينة تسالونيكي حيث يُعتبر شفيع المَدينة ومُنقذها من الشّدائد والضّيقات. وهي لا زالت إلى اليوم تقيم له احتفالات خاصّة تشمل المدينة بأسرها كلّ عام وعلى مدى أسبوع كامل. يُذكر أنّ الأمبراطور يوستنيانوس (483 – 565 م) رغب، في زمانه، في نقل رُفات القِدِّيس ديمتريوس إلى القسطنطينيّة فحضره صوت أبى عليه ذلك. وقد لخصت ترنيمة تنشدها الكنيسة في خدمة سَحَر عيده ما أكمله ديمتريوس في جسده وموقف الكنيسة منه هكذا: “لنكرمن الفائق الحكمة في التّعاليم والمكلّل بين الشّهداء الّذي ورث بالحراب نعمة الجنب الخلاصيّ الّذي طعن بالحربة فأنبع لنا منه المُخلّص مياه الحياة وعدم البلى، ديمتريوس الّذي أتمّ بالدّم شوط الجهاد وتلألأ بصنع العَجائب لكلّ المَسكونة، المُقتَدي بالسّيّد والمحبّ المساكين الشّفوق ومقدام أهل تسالونيكي ونصيرهم في ضنك الخطوب العديدة المتواتِرة. ونحن في احتفالنا بتَذكاره السّنويّ نمجّد المسيح الإله الّذي يمنح الأشفية للجميع بوساطته” (صلاة السّحر. القطعة على ذكصا الإينوس)
هذا وأنّ الكنيسة المارونيّة تعيّد له في مثل هذا اليوم، فيما تعيّد له الكنيسة اللّاتينيّة في الثّامن من شهر تشرين الأوّل.