في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
الشَّهيد في الكهنة مثوديوس أسقف باتارون وصور. *القدّيس البارّ نقولا كاباسيلاس. *القدّيس البارّ كلّيستوس الأوّل، بطريرك القسطنطينيّة. *القدّيسان ناسكا البرّيّة المجهولا الإسم. *القدّيس غْلِبْ أمير فلاديمير الرّوسيّ. *القدّيس لوكيوس الإسكندريّ أسقف برانديزي الإيطاليّة. *القدّيس البارّ غوفان الإنكليزيّ.
✤ القدّيس البارّ نقولا كاباسيلاس (القرن 14 م)✤
وُلد في تسالونيكية حوالي العام 1322م. تلقّى،إعداده الروحي على يد دوروثاوس فْلاتيس أحد تلامذة القدّيس غريغوريوس بالاماس. تابع دروسه في مدرسة الفلسفة في القسطنطينية. خلال إقامته في العاصمة المتملّكة نبّهه الجدال الناشب بين غريغوريوس بالاماس وبرلعام في شأن إمكان تأليه الإنسان بالقوى غير المخلوقة للنعمة الإلهية. بعد موت الأمبراطور أندرونيكوس الثالث سنة 1341 وُجدت الأمبراطورية في حال من التمزّق نتيجة حرب أهلية اندلعت بين مناصري يوحنا الخامس باليولوغوس ومناصري يوحنا كانتاكوزينوس. وتدهورت الأمور بسبب ثورة الغيورين في تسالونيكية على سلطة الأمبراطور والنبلاء. نيقولاوس، توسّط في المباحثات بين المتمرّدين ويوحنّا كانتاكوزينوس. سنة 1345 أُرسل إلى بيريا سفيراً لدى ابن وممثل كانتاكوزينوس، المدعو مانويل، فحظي بوعد بتقديم شروط مؤاتية لاستسلام المتمرّدين. غير أنّ أندراوس باليولوغيوس عارض المشروع، إثر عودته، وهيّج الغيورين وسكّان الأحياء الفقيرة فهاجموا الحصن الذي كان الوجهاء قد لجاؤا إليه. حصلت مذابح بشعة بالكاد أفلت نيقولاوس منها واختبأ في أحد الآبار. غير أنّه بقي في تسالونيكية حتى العام 1347 وإذ أقبل على دراسة أسباب الحرب الأهلية، وضع بضع مقالات ضدّ الربا والظلم الإجتماعي.
لمّا تبوّأ كانتاكوزينوس العرش باسم يوحنّا السادس استدعى نيقولاوس إلى القسطنطينية وجعله مستشاره في كل الشؤون الهامة للدولة. خلال هذه الفترة انكبّ نيقولاوس على العمل ككاتب فيما شارك، بنشاط، في الحياة العامة. في أيلول 1347 كان في عداد من رافقوا القدّيس غريغوريوس بالاماس المنتخب حديثاً رئيس أساقفة على تسالونيكية. ولكن لمّا نبذ الشعب راعيه اعتزل وإيّاه في جبل آثوس حيث عاش في السكون والصلاة سنة كاملة. في العام 1349 عاد من جديد إلى تسالونيكية حيث كانت ثورة الغيورين قد خمدت وتصالح أطراف الصراع فجرى تتويج القدّيس غريغوريوس. ثمّ لمّا أدان المجمع أكندينوس وأعلن الهدوئية عقيدة رسمية للكنيسة ناصر كاباسيلاس اللاهوت البالامي وأعلن موافقته على مشروع في شأن مجمع الوحدة مع الكنيسة اللاتينية دونما تنازل عقائدي. هذا فيما وقف صديقه كيدونِس في صفّ خصوم الهدوئية وتبنّى موقف خضوع للطروحات اللاتينية.
لمّا اندلعت حرب أهلية جديدة بين يوحنّا الخامس باليولوغوس ويوحنّا كانتاكوزينوس (1353) أدّت إلى الإطاحة بالبطريرك القدّيس كاليستوس، ورد اسم كاباسيلاس بين المرشّحين لخلافته، لكنْ جرى، أخيراً، انتخاب القدّيس فيلوثاوس (11 تشرين الأول) للمنصب. في السنة التالية رحّب نيقولاوس، في خطاب فخم، بتتويج متى كانتاكوزينوس أمبراطوراً شريكاً. ولم يمضِ على ذلك وقت طويل حتى استأثر يوحنّا باليولوغوس بالعرش بفضل المرتزقة البنادقة، فاضطر يوحنّا كانتاكوزينوس إلى التنازل عن العرش واقتبال الحياة الرهبانية باسم يواصاف. كذلك أُطيح بالبطريرك فيلوثاوس ونُفي، فيما استُدعي القدّيس كاليستوس من جديد ليشغل الكرسي البطريركي. مذ ذاك اعتزل نيقولاوس الشؤون العامة لينكبّ على التأمّل في السرّ المعيش للمسيح في الكنيسة. لا نعرف ما إذا كان قد بقي إلى آخر أيّامه هدوئياً من العامة أو صار راهباً كما يوحي بعض فقرات أعماله الكتابية. خلال هذه الفترة الطويلة من الاعتزال، إلاّ إقامة له لسنتين في تسالونيكية، انتقل إلى القسطنطينية وأخذ يتردّد على أديرة منغانا وكسانتوبولوس وستوديون. وقد اقتنى شهرة رجل بلغ قمّة الفضيلة. واهتمّت شخصيات بارزة كالأمبراطور مانويل باليولوغوس بطلب مشورته معتبرة إيّاه أباً روحياً لها. لكن القدّيس اجتنب الخوض، من جديد، في اضطرابات العالم وآثر ملازمة الصمت ليضع مؤلَّفين أساسيّين له: “شرح الليتورجيا المقدّسة” و “الحياة في المسيح” وكلاهما يشهد، عن حقّ، لقداسته ويُعتبر من مآثر الأدب المسيحي. رقد نيقولاوس بسلام في الربّ دون أن يخلِّف شاهداً على أيامه الأخيرة بين العامين 1391 و 1397.