في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*الشّهداء خريسنثوس وداريا ومن معهما. *الشّهيد بنشير. *الجديد في الشّهداء ديمتريوس الخرّاط القسطنطينيّ. *القدّيس البارّ إينوكنديوس الكوملي الرّوسيّ. *القدّيسة البارّة باسا البسكوفيّة. *القدّيس البارّ يوحنّا بينا.
✤ القدّيسون الشّهداء خريسنثوس وداريا ومن معهما (القرن 3 م)✤
كان خريسنثوس الابن الوحيد لأحد شيوخ الإسكندريّة المعروفين، بوليميوس. هذا الأخير انتقل إلى رومية زمن الأمبراطور الرّومانيّ نوميريانوس (283- 284). هناك تسنّى لخريسنثوس أن يتلقّى قسطًا وافرًا من الفلسفة. وإذ ظنّ أنّ له في الفلسفة جوابًا يروي عطشه إلى معرفة الحقّ خاب أمله فبات حزينًا متحيّرًا إلى أن شاء التّدبير الإلهيّ أن يقع على نسخة من الإنجيل قرأه بنهم فوجد فيه ضالّته. إثر ذلك تعرّف إلى كاهن اسمه كاربوفوروس لقّنه الإيمان القويم وعمّده. ولم يمضِ على هداية مختار الله وقت طويل حتّى درى به والده فاضطرب واستهجن وحاول ردّ ابنه عمّا حسبه ضلالًا بالحسنى والوعود فلم يذعن فقفل عليه في مكان مظلم وعرّضه للجوع. هنا أيضًا خاب ظنّ الوالد واستبانت نفس خريسنثوس أقوى من ذي قبل واشتدّ عزمه بدل أن يهن. احتار الوالد ما عساه يفعل ليستردّ ولده. أحد أصدقائه أشار عليه بتدبير ظنّه مضمون النّتيجة. جعل ابنه في صالة فاخرة زيّنها أجمل زينة ودفع إليه بضع فتيات يغرينه ويغوينه، فلم تنجح الحيلة وحفظ الشّاب نفسه، بنعمة الله، بريئًا من الفساد. لم يشأ بوليميوس أن يستسلم فاستقدم من آثينا فتاة بارعة الجمال خبيرة في الفلسفة الوثنيّة وأراد أن يدفعها لابنه زوجة. ولكن بدل أن تسلب الفتاة الشّاب إيمانه بالمسيح سلبها تعلّقها بالوثنيّة فقرّرا، بعد التّداول، أن يحافظا على عفّتهما تحت جنح الزّواج. هكذا ظنّ الوالد أنّه بلغ المُنى وتابع خريسنثوس وداريا سيرة الإيمان والعفّة.
وما إن توفّي بوليميوس حتّى خرج العروسان الإلهيّان إلى العلن فشرعا يُذيعان بالمسيح. تخوّف الوثنيّون ممّا حدث ونقلوا الخبر إلى سيليرينوس الوالي الّذي أمر بإلقاء القبض عليهما وسلّم خريسنثوس إلى كلوديوس القاضي. عُرِّض الشّاب الإلهيّ للتّعذيب فأبدى من القوّة والسّلام الدّاخليّين ما جعل القاضي يعجب ويتساءل. وإذ مسّته نعمة الله مال إلى الإله الّذي من أجله ارتضى هذا الشّاب أن يكابد العذاب. وكان أن اقتبل كلوديوس وأهل بيته الإيمان بيسوع. زوجته كانت هيلاريا، وكان له ولدان: ياسون ومور. كلّهم قضوا للمسيح. كلوديوس وولداه لمّا سمع نوميريانوس بخبرهم فتك بهم. ألقى بكلوديوس إلى البحر بعدما شدّ عنقه بحجر، وقطع هامتيّ ولديه. بعض الجنود أيضًا من حاشية كلوديوس قيل إنّهم قضوا للسّبب عينه. أمّا هيلاريا فمكثت تصلّي عند أضرحة زوجها وولديها إلى أن ضمّها الرَّبّ الإله إليهم. بالنّسبة لخريسنثوس وداريا قيل إنهما عُذّبا وفيما أُلقي خريسنثوس في سجن موبوء، أُلقيت داريا في بيت للدّعارة، لكنْ حفظتهما نعمة الله غير منثلمين. كذلك ورد أنّ رجالًا عديدين اهتدوا بتأثيرهما. أخيرًا ألقيا في حفرة عميقة طُمرت بالحجارة. وهكذا أكملا شهادتهما للمسيح. يُذكر أنّه كانت بقرب تلك الحفرة مغارة اجتمع فيها المؤمنون، بعد حين، ليُحيوا ذكرى القدّيسَين الشّهيدين فدرى الوثنيّون بأمرهم وجاؤوا ودحرجوا حجرًا سدّ مدخل المغارة فانضم مَن في الدّاخل شهداء لمن سبقوهم. من بين هؤلاء كاهن اسمه ديودوروس وشمّاس اسمه مريانوس. حدثت شهادة هؤلاء القدّيسين بين العامين 283 و 284 م.