في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*القدّيس البارّ استفانوس العسقلاني السّاباوي. *القدّيس البارّ تيطس العجائبيّ. *الشَّهيدان أمفيانوس وأداسيوس. *الشّهيدة ثيودوسيا الصّوريّة. *الشّهيد بوليكاربوس الإسكندريّ. *القدّيس البارّ غريغوريوس النّيقوميذي. *أبينا الجليل في القدّيسين نيسيتيوس الليّوني. *الشَّهيدات البارّات إيبا السّكوتلانديّة ورفقتها. *أبينا الجليل في القدّيسين أونديوس اليونانيّ. *أبينا الجليل في القدّيسين سابا السّوروجي.
✤ القدّيسان الشَّهيدان أمفيانوس وأداسيوس (القرن 4 م)✤
نقل خبر استشهادهما أفسافيوس القيصري في الفصل الرابع والخامس من كتابه عن شهداء فلسطين العائد إلى القرن الرابع الميلادي بالذات. عن أمفيانوس، المعروف في الغرب باسم أبيانوس، قال: لما وصل إلى الحكم مكسيمينوس قيصر حدث اضطراب في كل مكان لأنه شاء أن يُظهر للجميع عداوته لله. في ذلك الوقت أظهر الشهيد أمفيانوس محبّة إلهية وجرأة فائقتَين في اعترافه بالله. وقد وصفه أفسافيوس بـ “الحمل الوديع الهادئ”. لم يكن الشهيد قد أكمل العشرين من عمره. وكان قد صرف وقتاً طويلاً في بيروت منكبّاً على العلوم اليونانية. عُرفت أسرتُه في موطنها في ليسيا بالرفعة والغنى. في بيروت عرف القدّيس الشاب كيف يحافظ على عفّته وفضيلته وطهارته وتقواه. بعد عودته من دراسته لم يشأ أن يبقى في كنف عائلته لأنها كانت على الوثنية ولم تشأ أن تهتدي إلى المسيح. انتقل سرّاً إلى مدينة قيصرية حيث أُعدّ له إكليل الشهادة. لبث هناك يتعلّم، في إطار الكنيسة، الأسفار الإلهية بكل اجتهاد، مدرِّباً نفسه، بكل غيرة، على سيرة الفضيلة. وهناك ختم حياته خاتمة مدهشة. ففي الهجوم الثاني على الكنيسة، في عهد مكسيمينوس، في السنة الثالثة من الاضطهاد، على حدّ تعبير أفسافيوس، صدرت أوامر الطاغية إلى حكّام المدن ببذل أقصى الجهد، وبأسرع ما يمكن، لإلزام جميع الشعب بالذبح للأوثان. على هذا شرع السعاة، في كل قيصرية، يستدعون النساء والرجال والأطفال إلى هياكل الأوثان. كما أخذ رؤساء الألوف ينادون كل واحد باسمه بناء لقوائم كانت بأيديهم.
في ذلك الوقت تقدّم هذا الشاب بلا خوف ودون أن يعلم أحد بنواياه، في غفلة عن الحرّاس الذين كانوا يحيطون بأوربانوس الوالي أثناء تقديمه السكائب، أقول تقدّم نحوه وأمسكه بيمينه ومنعه من تقديم ذبيحته قائلاً له: ليس من اللائق أن يُهجَر الإله الواحد الأحد ويُذبح للأوثان والشياطين. على الأثر انقضّ عليه الجند كالوحوش الكاسرة وأشبعوه ضرباً وتمزيقاً وركلاً وألقوه في السجن حيث جعل المعذِّبون رجلَيه في المقطرة يوماً وليلة. في اليوم التالي أُوقف أمام القاضي وعُرِّض لعذابات مروِّعة فأظهر كل ثبات. مرّقوا جنبَيه إلى أن بانت عظامه وأحشاؤه ولطموه كثيراً على وجهه وعنقه حتى لم يعد بإمكان مَن عرفوه طويلاً أن يميِّزوا وجهه المنتفخ. وإذ لم يشأ أن يستسلم لفّ المعذِّبون قدمَيه بكتّان مبلّل بالزيت وأشعلوهما بالنار. هنا يقول أفسافيوس أن الكلمات لا تفي بالتعبير عن الآلام التي كابدها المغبوط، لأن النار التهمت لحمه ووصلت إلى العظم حتى ان سوائل جسده ذابت وتساقطت كالشمع.
حتى هذا الذي فعلوه لم ينفع في حمل الشاب على العودة عن إيمانه واعترافه وبان الطغاة مغلوبين على أمرهم، عاجزين بإزاء ثباته الفائق على الطبيعة البشريّة. فعادوا وطرحوه في السجن من جديد. ثم استقدموه مرّة ثالثة فقدّم اعترافه إيّاه ولم ينكر المعلّم. وإذ كان على وشك الموت ألقوه أخيراً في البحر. غير أن ما حدث عقب ذلك لا يكاد يُصدَّق. كل سكان قيصرية شهدوا العجب. فحالما طرحوا الشاب المبارَك، المثلّث الغبطة، في عمق البحر حدث اضطراب غير عادي أهاج البحر وكلّ الشاطئ حتى تزعزعت الأرض وكل المدينة وقذفت المياه جسد الشهيد الطاهر إلى أمام أبواب المدينة كأنها لم تطق احتواءه. هكذا كان موته العجيب الذي حدث في اليوم الثاني من شهر زانتيكوس، وهو الرابع من نيسان، وكان يوم استعداد، أي يوم جمعة. بعد ذلك بفترة قصيرة عانى أداسيوس، وهو أخ أمفيانوس في الجسد، نفس الآلام بعد اعترافات عديدة بيسوع. هو أيضاً تعرَّض لتعذيبات مبرِّحة في القيود. وقد حكم عليه الوالي بالأشغال الشاقة في مناجم فلسطين. وكان أكثر علماً من أخيه. أُطلق سراحه بعد حين فوُجد في الإسكندرية حيث مَثَل، هناك، أمام القاضي الذي كان يهين الرجال المقدَّسين بطرق متنوّعة ويُسلم النساء المؤمنات المحتشمات والعذارى الفاضلات إلى بيوت الدعارة. وقد راع أداسيوس المشهد فتقدّم من القاضي، بكل جسارة، وقرّعه على أفعاله. وبعدما نال نصيبه من التعذيب كابد ميتة شبيهة بميتة أخيه إذ طُرح في البحر.
ملاحظة . القدّيس الشهيد أداسيوس مذكور في الغرب في 8 نيسان.