في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*ميلاد ربّنا وإلهنا ومخلّصنا يسوع المسيح بالجسد *ذكرى سجود المجوس *ذكرى الرّعاة الّذين عاينوا السّيّد طفلًا.
✤ ذكرى سجود المجوس ✤
ورد الكلام عنهم في إنجيل متى وحده.
بالعودة إلى ما يطلعنا عليه تاريخ الأقدمين، تُنسب إلى المجوس جملة من الاختصاصات كان بعضها معروفاً عنهم في هذا الزمان وبعضها في ذاك. فقد ذكر أنهم تعاطوا علن الفلك وعلم التنجيم وتفسير الأحلام والرؤى والعرافة، وأنهم كانوا، في بعض الأوقات، كهنة أو سحرة. أما الصفة الغالبة عليهم في إنجيل متى فهي أنهم كانوا خبراء في التنجيم.
من أين أتى المجوس تماما؟ ليس واضحاً. بعض الدارسين يحسبهم من بلاد فارس والبعض الآخر من العربية أو من الصحراء السورية. بالنسبة للنجم الذي رآه المجوس لا يبدو أنه كان نجماً كبقية النجوم، بل هادياً نورانياً مرسلاً إليهم من الله. نقول هذا، خصوصاً، لأن حركته تدل عليه. فإنه ظهر في المشرق ثم تقدمهم ووقف حيث كان الصبي. فهو، والحال هذه، أدنى إلى الملاك الذي اتخذ شكل النجم لينقل للمجوس رسالة بلغة يفهمونها. ليس عدد المجوس في نص متى الإنجيلي محدداً، ولكن ورد أنهم لما أتوا إلى البيت ورأوا الصبي مع أمه. خروا وسجدوا وقدموا له هدايا “ذهباً ولباناً ومراً” (11:2). على أن القدامى، منذ القرن الثالث للميلاد، أشاروا إلى أكثر من عدد لهم. اثنين أو ثلاثة أو أربعة أو حتى اثني عشر. أما القول بأن المجوس كانوا ملوكاً من المشرق فقد أخذ يتردد بين بعض المسيحيين منذ القرن الثاني للميلاد. ربما اعتقاداً منهم أن ما ورد في المزمور 71 قد تم بسجود المجوس للطفل الإلهي. الآيتان 10 و11 تذكران كيف أن “ملوك ترسيس والجزائر يحملون إليه الهدايا. ملوك العرب وسبا يقربون له العطايا. وله يسجد جميع الملوك. وله تتعبد كل الأمم. ويستتبع ذلك الظن أن المجوس كانوا طليعة الأمميين الذين آمنوا بالمسيح وتعبدوا له. هذا وقد أخذ المجوس يظهرون في رسوم المسيحيين الأوّلين في دياميس روما ابتداء من القرن الثاني للميلاد. كما يذكر التاريخ أن الإمبراطور البيزنطي زينون استقدم رفاتهم من فارس إلى مدينته المتملكة. القسطنطينية، عام 490م (راجع سيرة القدِّيس دانيال العمودي 11 كانون الأوّل). وأن هذه الرفات انتقلت إلى ميلانو الإيطالية في وقت متأخر ثم إلى مقاطعة كولونيا في السنة 1162م حيث ما يزال أكثرها إلى اليوم. أما تأويل القول بأن الهدايا التي قدمها المجوس كانت تعبيراً عن إيمانهم به ملكاً (الذهب) وإلهاً (اللبان) وفادياً متألماً (المر). هذا التأويل ظهر أول ما ظهر عند القدِّيس أيريناوس الليوني في القرن الثاني الميلادي. ولكن وردت أيضاً في التراث تأويلات أخرى كمثل أن الذهب يشير إلى الفضيلة واللبان إلى الصلاة والمر إلى الألم.