في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*الشّهيد في الكهنة أنتيباس، أسقف برغاموس .*الشّهيدان بروسس ومرتينيانوس .*القدّيس البارّ فرموتيوس المصريّ .*الشّهداء دومنيو ورفاقه .*القدّيس البارّ أغاريكول التّوريّ .*الشّهيد أوستوجيوس النّيقوميذي .*القدّيس البارّ إسحق السّوريّ السّبولاتي .*أبينا الجليل في القدّيسين فيليبّس أسقف غورتينا .*الشّهيد في الأبرار باخوس السّاباويّ الصّغير .*القدّيس البارّ غوتلاك كرولاند الإنكليزيّ .*القدّيسة البارّة غودلبرتا نويون الفرنسيّة .*القدّيس البارّ يعقوب جيلزنوبورفسك الرّوسيّ .*القدّيس البارّ يعقوب بريلفسك .*القدّيسان البارّان أفثيميوس وخاريطون الرّوسيّان .*القدّيس البارّ برصنوفيوس أسقف تفير الرّوسيّ .*القدّيس البارّ كلّينيكوس تشرنيكا الرّومانيّ.
* * *
✤ القدّيس البار كلّينيكوس تشرنيكا الروماني (القرن 19م)✤
وُلد في بوخارست سنة 1787م في كنف عائلة تقيّة. بعد دراسة حصّلها في مدرسة يونانية رومانية في بوخارست، انضمّ إلى دير تشرنيكا وهو في العشرين من العمر. اقتبل الإسكيم الرهباني بعد ذلك بسنة واحدة. امتاز بغيرته النسكية. كان لا ينام سوى ثلاث ساعات كل ليلة، جالساً على كرسي صغير، ويعمل في النهار الأعمال الأشدّ قسوة من سواها. بعد رحيل أبيه الروحي إلى جبل آثوس، صار يكتفي من الطعام بالخبز والماء، بعد غياب الشمس. مدّ صيامه، عدة مرّات، حتى إلى أربعين يوماً. منعه رئيس الدير من مثل هذه الأتعاب النسكية. صار يتناول الطعام مع الإخوة ولكن بمقادير ضئيلة. أما في السبت والأحد، فكان يتناول القليل من الجبن والحليب ليكون له أن يقهر تجربة الكبرياء. كان رقيق القامة منتفخ العينين من البكاء كل ليلة في قلاّيته.
سنة 1813، إثر وباء تفشّى وأودى بحياة العديدين، من بينهم بعض الكهنة، قَبِل كلّينيكوس، مرغماً، السيامة الكهنوتية. لكنه ضاعف جهادته النسكية وأبدى، إلى ذلك، محبّة زائدة لإخوانه، دون محاباة. حضور نعمة الله فيه جعله ينظر إلى كل إنسان وكأنه صورة الله. حبّه تمثّل في تواضع متنام. بعد ذلك بسنتين سُمِّي أباً معرِّفاً للدير. مذ ذاك لا الرهبان وحدهم بل الكثيرون من العامة أيضاً، من الجوار، وكذا الكهنة والأساقفة والشخصيات المرموقة والمتروبوليت نفسه، صاروا يفدون إلى دير تشرنيكا ليجدوا لدى قدّيس الله العزاء والمشورة الروحية. إثر عودته من زيارة إلى جبل آثوس سنة 1818 سُمِّي رئيساً للدير. عمره يومذاك كان إحدى وثلاثين سنة. وقد نجح، بتواضعه ومحبّته، في إصلاح الرهبان المعاندين. كل الإخوة خضعوا بحميّة لمَن اعتبروه بمثابة ملاك من الله. الطاعة عند القدّيس كلّينيكوس أساس للحياة الرهبانية. كان يقول: حياة الشركة قوامها الطاعة المقدّسة، وهذه أسّسها الرب يسوع المسيح الذي ترك حياته على الأرض مثالاً. كان يوصي رهبانه أن يجتنبوا الأحاديث البطّالة لأنها تجرّ، لا محالة، إلى الاغتياب وأن يسعوا إلى تركيز قواهم على الصلاة الداخلية المتواترة. قال: رئيس الدير هو قلب كل القلوب وهو السبيل المفضي بالذين يتحلّقون حوله إلى الكمال.
خلال التمرّد الذي حصل في رومانيا على الأتراك سنة 1821م والذي نتج عنه قمع عنيف لسكّان بوخارست، تدفّق الناس على الدير. هؤلاء استقبلهم القدّيس وفتح لهم مخازن الدير وعزّاهم. لما أحضر الأتراك مدافع إلى محيط الدير وشاؤوا دكّه، جمع القدّيس الرهبان والعامة في الكنيسة وقضوا الليل في الصلاة. نتيجة ذلك وبشفاعة القدّيس نيقولاوس، صاحب الدير، انسحبت القوات التركية دونما سبب واضح ومن غير أن تتسبّب في أي خسارة. وما لبث احتياطي الدير من المؤن أن نفذ وهدّدت المجاعة الشركة. لكن، بصلاة رجل الله، جاء قوم إلى باب الدير، بمؤن محمّلة على عربتَين تجرّهما الثيران. وقد قيل إنها أُرسلت من الباشا التركي النازل في المخيّم العسكري في الجوار. صلاة القدّيس، أيضاً، نجّت الدير، في مناسبات أخرى، من تهديدات العثمانيين. هذا وقد امتدّت رعايته إلى كل مناحي الحياة، من القضايا الروحية السامية إلى تفاصيل توزيع المؤن على شعب الله الموكل إليه.
بلغ عدد رهبان الدير، بعد سنوات، ثلاثمائة وخمسين راهباً. وقد بنى لهم كنيسة جديدة وقلالي عديدة ومشاغل يُصنَّع فيها كل ما هو ضروري لحياة الشركة والإحسان. إثر ذلك، اختاره معظم أديرة الجوار أباً روحياً وصار يتبع توجيهاته.
غير أن سيرته الإنجيلية، التي لم يكن عليها أي غبار، أثارت حسد بعض الناس. وقد جعله أحد أعدائه، يوماً، يشرب السمّ. كان رجل الله مستعداً لأن يموت ويسلم روحه لله لكنه، فجأة، سمع صوتاً من فوق يأمره بالنهوض لأنه مزمع أن يصير أسقفاً على ريمينكو – فيلشيا. وقد تمّت سيامته سنة 1850م. للحال شمّر على ساعدي الجدّ وأخذ في العمل. أعاد بناء الدار الأسقفية وبنى كاتدرائية جديدة وضع تصميمها بنفسه. كذلك فتح مدرسة لاهوتية وجعل فيها مطبعة. كما أسّس دير فرنزيني. في هذا الدير كان يحب الإختلاء التماساً للهدوء والصلاة القلبية.
وكان كلّينيكوس رحيماً جداً. حتى ثيابه كان يوزّعها على المحتاجين الفقراء الذين دعاهم إخوة المسيح. أنعم عليه ربّه بالقدرة على صنع العجائب. كما تمتّع بموهبتَي التبصّر والنبوّة. كان يتابع، في نهاريه، مهامه الرعائية، وفي لياليه الصلاة والقراءة الروحية. ولكي لا يستسلم للنوم كان يضع قطعة معدنية ثقيلة على كتابه، حتى إذا ما سقطت القطعة على الأرض أحدثت ضجّة أيقظته من نومه. كان يشجِّع كهنته على اتّباع مثال الحياة النسكية لدى الرهبان. كما اهتمّ بإصلاح الكهنة وتنقية الكهنوت من السيمونية وكل عمل لا أخلاقي. بعد سبعة عشر عاماً من الأسقفية المباركة اعتزل في دير تشرنيكا حيث عاش قرابة السنة كراهب بسيط. ولما كان يستغرق في الصلاة كانت تحيط به، أحياناً، هالة من النور لا تُوصف. بعد إحدى هذه الرؤى قال لتلميذ له اسمه أثناسيوس: انتبه فإن الملائكة تأتي إلى هذا البيت. تذكّر ما أقوله وأبيّنه لك.