في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*القدّيسة البارّة كسينيا الرّوميّة. *الشُّهداء المصريّون بولس وبوسيريون وثيودوتيون. *الشَّهيد في الكهنة بابيلا ورفيقاه أغابيوس وتيموثاوس. *القدّيس البارّ مقدونيوس القورشيّ. *القدّيس فيلون أسقف كارباسيّا القبرصيّة. *القدّيس البارّ زوسيما الفينيقيّ. *القدّيس فيليبيكوس الكاهن. *الشَّهيدان هرموجانيس وميناس. *الشُّهداء برسيماس وأخواه. *القدّيس البارّ نيوفيطوس الحبيس. *الشَّهيد يوحنّا قازان.
✤ القدّيس البارّ مقدونيوس القورشيّ (القرن 5 م)✤
كتب عنه ثيودوروس، أسقف قورش. سمي بآكل الشعير لأنه بقي أربعين سنة لا يأكل إلا الشعير المطحون المبلل بالماء. ذاع صيته في كل فينيقية وسورية وكيليكيا. عاش في الجبال. لم يكن له موطن محدد. أقام تارة هنا وتارة هناك هرباً من الناس والمجد الباطل. عاش على هذا النحو خمسة وأربعين سنة لا خيمة له ولا صومعة. دعي أيضاً بساكن الجب. كان سريانياً ولا يعرف اليونانية. رضي أخيراً أن يقيم في صومعة. فسكن في بيوت صغيرة لا يملكها خمسة وعشرين عاماً. مجموع سني جهاده بلغ السبعين. بعد أربعين سنة لم يتناول خلالها غير الشعير. قرر تناول الخبز لأنه شعر بالتعب وأنه إذا استمر على هذا النحو فسيموت. فلكي يزيد من ثروته للحياة الأخرى، أي أتعابه النسكية. قرر أن يأكل الخبز ليتقوى ويعيش مدة أطول.
على أثر ارتقاء فلافيانوس كرسي أنطاكية العظمى سنة 381م، ولدى اطلاعه على فضيلة الرجل أرسل في طلبه بحجة أن هناك شكوى ضده. فنزل مقدونيوس لا يلوي على شيء. وأثناء الخدمة الإلهية أمر الأسقف الناسك بالدنو من الهيكل. فتقدم وهو لا يفهم مما يجري شيئاً، فجعله كاهناً. في نهاية الخدمة شرح له أحدهم ما جرى له فاحتد وأخذ يوجه للجميع كلاماً قاسياً. كما أخذ عصاه وصار يلاحق رئيس الكهنة وسائر الذين كانوا هناك يروم ضربهم لأنه ظن أن السيامة الكهنوتية تمنعه من متابعة سيرته السابقة. وبالجهد تمكن بعض رفاقه من تهدئته. ولما كان الأحد من الأسبوع التالي، رغب فلافيانوس في أن يشترك مقدونيوس. كاهناً، في الخدمة. فأجاب المرسلين: “أما كفاكم ما جرى! تريدون مني الآن أن أصير كاهناً مرة أخرى؟! وعبثاً حاولوا إفهامه أن الشرطونية لا تُعاد فلم يشأ ولم يذهب. على هذا القدر من البساطة والعفوية والطفولية كان مقدونيوس. نقل عنه أنه التقى مرة أحد القادة العسكريين في الجبال. فسأله مقدونيوس:”ماذا أتيت تعمل هنا ؟” فأجاب: “أتيت لأصطاد” . فقال له مقدونيوس:”وأنا أيضاً هنا لأصطاد الله، فإني متشوق إلى امتلاكه وأرغب في مشاهدته ولا أتعب من معاطاتي هذا الصيد الجميل!” كذلك أخبروا عنه أنه لما حصلت ثورة في أنطاكية وحطم الناس التماثيل الملكية. وفد إلى المدينة قائدان عسكريان مزودان بأمر ملكي يقضي بإبادة المدينة. فنزل مقدونيوس من جبله والتقى القائدين لدى مرورهما في الساحة العامة. فلما عرف من يكون، ترجلا وبادراه بالتحية. فالتمس منهما أن يبلغا الملك أنه هو أيضاً إنسان ومن طبيعة الذين أهانوه لما حطموا تمثاله وتماثيل أفراد عائلته، وإن عليه أن يجعل غضبه متناسباً مع طبيعته ولا يتجاوز في انتقامه حدود الطبيعة فيقضي بإبادة صور الله، أي سكان المدينة. رداً على تحطيم التماثيل، وحكم بالموت على الأحياء في مقابل التماثيل النحاسية الميتة. ثم أضاف: “نستطيع بسهولة أن نعمل من جديد تماثيل من نحاس، ولكنك أنت، ولو كنت ملكاً، لا تقدر أن تعيد الحياة إلى الأجساد التي تكون قد أبدتها، ولا حتى أن تعيد إليها شعرة واحدة. هذا ما قاله مقدونيوس للقائدين عبر مترجم فسمعاه بتوقير ووعداه بأن يبلغا الملك.
هذا وقد روى عنه ثيودوروس الذي عرفه شخصياً أنه شفى امرأة من مرض الجوع الكلبي، أي الأكل بلا توقف ومن دون شبع. كما أخرج شيطاناً من فتاة شابة وأعاد أخرى إلى صوابها وتمتع بموهبة النبوءة، وإن بفضله حبلت أم ثيودورويتوس به. ولما رقد مقدونيوس في الرَّبّ ممتلئاً أياماً قامت كل أنطاكية تسير في جنازته إلى حيث ووري الثرى بجانب رجل الله افرآات وثيودوسيوس.