في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*ميلاد ربّنا وإلهنا ومخلّصنا يسوع المسيح بالجسد. *ذكرى سجود المجوس. *ذكرى الرّعاة الّذين عاينوا السّيّد طفلًا.
* * *
✤ ذكرى الرّعاة الَّذين عاينوا السيّد طفلًا ✤
لم يرد ذكرهم في إنجيل متى بل في إنجيل لوقا (8:2_20). كانوا يحرسون حراسات الليل على رعيّتهم على بعد ما يقرب من الميلين من بيت لحم اليهودية لجهة البحر الميت. موسم الرعاية في تلك الأصقاع يمتد، في العادة، ما بني شهري آذار وتشرين الثاني. ولادة الطفل يسوع يمكن أن تكون قد تمّت بين هذين الحدّين. بعض المسيحيّين في القرن الثاني للميلاد جرى على أن مولد يسوع كان في العشرين من شهر أيار. القدٍّيس كليمنضوس الإسكندري أورد يوم العشرين أو الحادي والعشرين من نيسان تاريخاً لذلك. وقف ملاك الرب بالرعاة في الليل. التقوى الشعبية التي تردّ ساعة ولادة الرب يسوع إلى الليل تجد لها في ما ورد ههنا مستنداً. نشير، في هذا الصدد، إلى قول ذكره سفر الحكمة أنه “حين شمل كلَّ شيء هدوء السكوت وانتصف مسير الليل، هجمت كلمتك القديرة من السماء من العروش الملكيّة على أرض الخراب بمنزلة مبارز عنيف” (14:18_15). ارتعب الرعاة لرؤية ملاك الرب فهدّأ من روعهم ثم بشّرهم بفرح عظيم يكون، على حد تعبيره، “لجميع الشعب”. والخبر هو “أنه وُلد لكم اليوم في مدينة داود مخلّص هو المسيح الرب (أو مسيح الرب)”. الرعاة، بحسب هذا الكلام، هم طليعة المبشِّرين بورود المخلّص. لماذا رعاة الأغنام لا غيرهم؟ ليس واضحاً. حسبنا أن نذكّر بأن داود الملك كان راعي غنم وبأن الرب يوسع دُعي “حمل الله” وهو راعي الخراف والخراف تسمع صوته وتتبعه. كما نلفت إلى أن الرعاة كانوا معتبرين من المساكين. وحتى من غير المستقيمين. الربابنة اليهود كانوا لا يقبلون شهادة راعي غنم. السبب هو أن الرعاة كثيراً ما كانوا موضع شكوى لأنهم كانوا يسوقون أغنامهم لترعى في أرزاق الناس. أما الكلام على ولادة المخلّص، فليس مستبعداً أن يكون لوقا الإنجيلي، وهو الطبيب الآتي من خلفية أمميّة. قد أورده ردّاً على ما لقّب بع بعض المعتبرين أوغسطوس قيصر بـ “المخلًّص”.
ثم أن ملاك الرب أعطى الرعاة علامة: “تجدون طفلاً مقمّطاً مضجعاً في مذود”. هذا القول نحسبه مقابلاً لقول آخر ورد في سفر الحكمة عن سليمان الملك: “ورُبِّيت في القمط وباهتمام كثير فإنه ليس لملك بدءُ مولدٍ غير هذا” (4:7_5). مولد مسيحنا لم يكن موضع اهتمام كثير كملوك هذا الدهر. ولادته كانت لا في الحرير بل في مذود حقير. ولعل مذود السيد صدى لقول شاع بين المعلمين اليهود قديماً أن آدم بعدما حلّت به اللعنة سأل: “أمشدوداً إلى مذود أكون، أشارك حماي علفه؟” ربما! أو ليس السيد، في كل حال، آدم الجديد ولوقا الإنجيلي يربطه، في سلسلة أنسابه. بآدم ابن الله؟ أم لعلّ لوقا شاء أن يبرز إقبال المخلص على الأمميين استناداً إلى قول إشعياء النبي: “الثور يعرف قانيه والحمار معلف سيّده. أما إسرائيل فلا يعرفني. شعبي لم يفهمني” (3:1 بحسب النص السبعيني اليوناني). وكان أن خرج الرعاة إلى بيت لحم. فلما نظروا ما أعلمهم به الرب شهدوا بما قيل لهم وسبّحوا الله على ما سمعوا ورأوا.