Menu Close

في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:

الشّهيدان ثيوبمبتوس وثيوناس. *القدِّيسة البارَّة سنكليتيكي. *القدِّيس البارّ غريغوريوس أكريتاس. *القدِّيس البارّ فوستيريوس. *القدِّيس البارّ ميناس السّينائيّ. *القدِّيس سايس الشّهيد. *القدِّيس ثيوئيدوس الشّهيد. *القدِّيسة البارَّة دومنينا. *القدِّيسة تاتيانا البارَّة. *الشّهيد الجديد رومانوس كربنيسيون.

القدِّيسة البارَّة سنكليتيكي

إذا كان القدِّيس أنطونيوس الكبير، في عرف الدارسين، أب الرهبان، فالبارَّة سنكليتيكي هي أم الراهبات .أما سيرتها فتُنسب إلى القدِّيس أثناسيوس الكبير (296 -373م). أصلها من مقدونية، من عائلة نبيلة تقية. كان والداها مؤمنين تقيين. ولتقواهما انتقلا إلى الإسكندرية بعدما بلغهما صيت التقوى بين الناس فيها. كان لها ثلاثة إخوة، أخوين وأختاً. أحد الصبيين قضى ولداً والثَّاني في سن الخامسة والعشرين فيما كانت يُعد العدة لزفه. أما الشقيقة فعميت. تمتعت سنكليتيكي، في شبابها، بجمال آخاذ. فأقبل الشبان عليها يطلبون ودها. وقد حثّها والداها على الزواج فلم ترد لأنها كانت قد وضعت في قلبها أن تحفظ البتولية عذراء للمسيح. كيف لا وقد اهتمت بزينة الفضيلة دون الأساور والذهب منذ وقت مبكر من حياتها حتى أضحت صلبة صلابة الماس في نبذها أباطيل هذا الدهر. فلما أيقن أبواها أن قلبها مائل عن الزواج إلى الحياة الملائكية الفضلى كفا عن إقلاقها واستودعاها مشيئة الله. مذ ذاك أخذت تتجنب الخلطة بالناس وتضيّق على نفسها بالأكثر، مهتمة بما لله والصلاة.

كذلك شرعت سنكليتيكي تصوم عن الطعام مكتفية لجسدها بما هو ضروري. شحب لونها لكن قويت روحها وتشدد قلبها. نسكها أخفته عن العيون اتقاءً لمدائح الناس. فلما رقد والداها هجرت بيتها ووزعت ميراثها على الفقراء والمعدمين وانتقلت وأختها العمياء، التي شاركتها هم القداسة إلى مدفن قريب من المدينة فأقامت فيه على غرار ما فعل القدِّيس أنطونيوس الكبير.

بعد فترة من الزمن قررت  سنكليتيكي الانقطاع عن العالم، فعمدت إلى قص شعرها. الشعر للنساء، كان ولا يزال، أثمن الزينة.

سيرة القدِّيسة، في هذه المرحلة الجديدة من حياتها، أضحت رسولية. فالإيمان الحي والفقر الإرادي والتواضع العميق والمحبة المتقدة أضحت الفضائل التي كانت تتلألأ فيها. لم يعد طعامها غير الخبز تتناوله ولا تشبع منه، ولم يعد شرابها غير الماء. وقد كال لها الشيطان تجارب جمة قاسية ليثنيها عن عزمها فلم يقو عليها بنعمة ربها. وعلى قدر ما كانت تجاربها كان نسكها. كانت تجمع إلى الصلاة والنسك ثقة بالله بنوية لا تتزعزع وتسليماً كاملاً.

و رغم محاولات القدِّيسة لإخفاء سيرتها الداخلية تواضعاً، فإن رائحة فضيلتها الطيبة ما لبثت أن فاحت هنا وهناك فاجتذبت أعداداً من الفتيات العذارى اللواتي شققن طريقهن إليها إما ليتخذنها قدوة ومثالاً و إما لينتفعن من مشوراتها الخلاصية.

ثابرت سنكليتيكي على ممارسة الفضيلة و الأعمال الصالحة حتى سن الثمانين حين سمع الرب الإله لإبليس أن يسيء إليها كما أساء لأيوب الصديق. عذابات أيوب دامت خمسة وثلاثين عاماً. أما عذابات سنكليتيكي فدامت ثلاث سنوات ونصف السنة. وقيل عادلت أيوب لأنها كانت على درجة عالية من الحدة و الاستمرارية. فلقد أشعل إبليس في الأعضاء الداخلية لبدن القدِّيسة، لاسيما الرئتين ناراً مصحوبة بحمى حادة تآكلتها كمبرد خفي دون أن تهادنها لا في ليل و لا في نهار.

من الصعب وصف الجلد الذي واجهت به  سنكليتيكي الأوجاع المبرحة التي ألمت بها. لا نفذ صبرها و لا تضجرت من طول آلامها. لم تنقصها الشجاعة البتة على مقاومة عدو الخير. وبقيت قرب العذارى اللواتي اؤتمنت عليهن من لدن الله. ثابرت على تزويدهن بنصائحها وإرشاداتها إلى النهاية.

لسان حالها كان: “إذا أثقل علينا المرض فلا نكتئبن كما لو أن وهن الجسد يحول دوننا والتسبيح. لأن كل ما يحدث لنا يكون لخيرنا وتنقيتنا من شهواتنا. و الحق يقال أن الصوم والنسك لا يوصى بهما إلا بسبب هذه الملذات. فإذا أضحى المرض منخس الصوم و النسك فإن ممارستهما تصبح غير مجدية. لذلك النسك الكبير يكون هذا: أن يصبر المرء في أوان المرض ويرفع لله تسابيح شكرية”.

ولما رأى الشيطان أن مرض القدِّيسة لم يحل دون استمرارها في الاهتمام بعذاراها ضربها في حنجرتها فسكت ينبوع المياه الحية المتدفق من فمها. ولكن، كان مرأى القدِّيسة وروحها العالية كافيين لثباتهن. لقد أضحت جراحها دواء خلاصياً لنفوسهن.

ثم أن وجعاً جديداً ألم بها ما لبث أن تفاقم. فإن أحد أضراسها التهب وامتد الالتهاب ليشمل اللثة برمتها. فلم يمض عليها أربعون يوماً حتى أضحى فمها في أسوء حال وكانت تخرج منه رائحة منفرة لا تطاق. بالجهد تمكنت العذارى من خدمتها. و كن ملزمات أحياناً بإشعال البخور لتطغى رائحته على رائحة العفونة والنتن. لم ترض القدِّيسة أن يخفف عنها بعلاج أو بطيب تدهن به. كانت تعتبر أنها قد بلغت في جهادها مرحلة متقدمة ولم ترد العودة إلى الوراء. أخيراً أذعنت للطبيب أن يدهن بعض جسدها بطيب تخفيفاً من حدة الرائحة الكريهة المنبعثة منها و رأفة بعذاراها اللواتي عانين الأمرين في خدمتها.

أخيراً بعدما غادرها النوم و استحال عليها أن تتناول الطعام لاحت في الأفق خاتمة جهاداتها و ساعة الظفر فعزاها الرب الإله بظهور للملائكة ولعذارى قديسات دعونها لموافاتهن إلى السماء. كما عاينت النور الإلهي الذي لا يعبر عنه و نعمت بتذوق الفردوس الذي كانت مقبلة إليه. فلما عادت إلى نفسها تكلمت وزودت العذارى بإرشاداتها حاثة إياهن على الجهاد بشجاعة وعدم الاستسلام للضعف. ثم أردفت أنها سوف تذهب عنهم بعد ثلاثة أيام. وحددت لهم ساعة فراقها. فلما زفت الساعة زفتها الملائكة إلى الرب الإله.

من أقوالها:

+ التّطرف مفسد على الدوام.

+ عندما نكون في دير مشترك فلنؤثر الطاعة على النسك لأن هذا يعلم التشامخ وذاك التواضع.

+ لماذا تمقت من أحزنك؟ ليس هو الذي ظلمك بل الشيطان. أنك مدعو لأن تمقت المرض لا المريض.

+ يكثر في البداية التعب والجهاد عند الذين يتقدمون نحو الله، لكن، بعد ذلك، يغمرهم فرح لا يوصف. وهم كالذين يريدون إشعال النار فيلفحهم الدخان وتدمع عيونهم، لكنهم يبلغون إلى ما يرومون.

+ إذا تقدمنا في الفضيلة فلنحرص على إخفائها. أما إذا كان فينا ضعف يحدونا إلى الكلام عما صنعناه من صالحات فلنحرص أيضاً على التكلم عما ارتكبناه من سيئات. فإذا كان الخجل يمنعنا فكم يجب علينا، بالحري، أن نسكت عما يغضب الله إذا كشفناه.

مواضيع ذات صلة