في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
أحد الفصح العظيم المقدّس: نعيّد لقيامة ربّنا وإلهنا ومخلّصنا يسوع المسيح المحيية. *العظيمة في الشَّهيدات إيريني مجدون. *القدّيس البارّ أفثيميوس العجائبيّ. *الشُّهداء نيوفيتوس وغايوس وغايانوس. *العظيم في الشُّهداء أفرام الجديد. *الشَّهيد الجديد أفرام النّبويّ الدّمشقيّ. *القدّيس البارّ أدريانوس مونزا. *أبينا الجليل في القدّيسين هيلاريون آرل الفرنسيّ. *القدّيسان الـمُعترِفان مرتينوس وهيراكليوس السّلافيّان. *أبينا الجليل في القدّيسين بريتونيوس تراير الألمانيّ. *أبينا الجليل في القدّيسين ديوما الاسكتلنديّ أسقف مرسيا. *القدّيس البارّ أيكا الإنكليزيّ. *أبينا الجليل في القدّيسين جيرونتيوس ميلانو الإيطاليّ. *أبينا الجليل في القدّيسين مكسيموس الأورشليميّ المعترف. *الشَّهيد سلوانس الرّوميّ. *أبينا الجليل في القدّيسين ثيودوروس البولونيّ الإيطاليّ. *القدّيس البارّ برلعام سربوخوف الرّوسيّ.
✤ تذكار أبينا الجليل في القدّيسين هيلاريون آرل الفرنسيّ (+449 م)✤
من عائلة غنيّة ذات أصل يوناني أقامت في البورغونيو أو اللورين. إثر استكمال دراسته أُسندتْ إليه إحدى الوظائف المهمّة في الإدارة الأمبراطورية. أحبّ العالم ولمّا يشأ أن يأخذ في الاعتبار نصائح قريبه القدّيس هونوراتوس (16 كانون الثاني). لما عاد هذا الأخير إلى ديره انكبّ على الصَّلاة بحرارة من أجله. فجأة تغيّر قلب هيلاريون، فنبذ العالم ووزّع مقتنياته على المحتاجين. وإذ انجذب إلى محبّة الله ترهّب وانضمّ إلى القدّيس هونوراتوس. فلما تسقّف هونوراتوس على آرل سنة 426م، تبعه هيلاريون معاوناً في شؤون الرعاية. غير أن حبّه للعزلة طغى عليه فعاد سريعاً إلى الجزيرة الرهبانية. غير أنه لبّى نداء هونوراتوس فكان معه في أيامه الأخيرة. ثم بعد وفاة الأسقف القدّيس عاد، للحال، إلى ديره مخافة أن يقع الخيار عليه كخلف للأسقف الراقد. لكن الحاكم كاستوس أوقفه وعاد به إلى المدينة عنوة حيث بادر الإكليروس والشعب، بحميّة كبيرة، إلى انتخابه أسقفاً عليهم. احتجّ القدّيس وأبدى أنه لن يُذعن ما لم يكشف له الربّ الإله، بصورة واضحة، أن هذه كانت إرادته. لذلك جاءت حمامة بيضاء كالثلج فاستقرّت على رأسه، ولم تغادره إلاّ بعدما أذعن لأمر الله.
عمره يوم صار أسقفاً كان تسعة وعشرين عاماً. لكن كانت له حكمة الشيوخ ولطافة أبوية للجميع، لا سيما حيال الفقراء. فلكي يعين هؤلاء كان يعمل بيدَيه ويبيع كل شيء حتى الأواني المقدّسة ليفدي الأسرى الَّذين وقعوا في أيدي القبائل الجرمانية الَّتي اجتاحت بلاد الغال. يُذكر أن نشاطاته الرعائية لم تحل دون استمراره في نسكه الرهباني. وأول عمل عمله كأسقف كان أنه جمع إكليروس كاتدرائيته لكي يكون معهم كما في شركة، كما في دير. أما هو فأقام في الفقر كمثل سابق عهده مكتفياً بثوب واحد أخفى تحته المِسح. كان يمشي عاري القدمين حتى في الشتاء وينام على الأرض ويعمل بيديه ويتلو المزامير حافظاً ذهنه، بتواتر، لدى الله.
لمع هيلاريون، بخاصة، كخطيب مفوّه. وكانت الآيات والعجائب تقرن الأقوال بالأفعال. كان يعرف كيف يخاطب العظماء وعامة الناس في آن. يكرز بالحقيقة الإنجيلية دونما تمويه وخوف من الأقوياء. ولا يتردّد في ترداد الكلام علناً. لكنه كان يتوجّه إلى الخطأة بعطف كبير ويحرِّك ببكائه دموع التائبين. مبدؤه الكبير كان أن يأتي بكل شيء إلى الله وأن يفحص حال نفسه، كل حين، كما لو كان مستعداً أن يُفحص من القاضي الإلهي. كان يعرف أن ينقل إلى سامعيه حالة اليقظة الروحية، وما كان بإمكان أحد أن يسمعه ولا حتى أن ينظر إليه دون أن ينكسر قلبه ندماً. إثر مواعظه كان العديدون، خوفاً من الكلام على الدينونة الأخيرة، يزهدون بالحياة الحاضرة ويقرّرون ألاّ يعيشوا من بعد إلاّ لله.
هذا وقد ناضل القدّيس هيلاريون، خلال فترة خدمته الأسقفية، ضدّ الهرطقات، لا سيما ضدّ البيلاجيانية. وقد رأس عدّة مجامع وثبّت الانضباط الكنسي وأسّس الكنائس والأديرة ووطّد السلام والمحبّة في جنوب بلاد الغال برمّته.
ومن كثرة الأتعاب الَّتي تجشّمها والنسك الَّذي كابده مرض وهو في الثامنة والأربعين. وبعدما عيّن خلفاً له أسلم روحه لربّه في 5 أيّار 449م. وقد ورد أنه خلال مراسم دفنه لم تكن تُسمع سوى المزامير تُرتّل بالعبرية من قِبَل يهود آرل الَّذي رغبوا في إكرام القدّيس هم أيضاً لأن أصوات المسيحيّين كانت مخنوقة ألماً.