في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
القدّيس البارّ مكاريوس الكبير المدعو المصريّ * القدّيس البارّ مكاريوس الإسكندريّ * الشّهيدة أفراسيا النيقوميذيّة * القدّيس أرسانيوس أسقف كورفو * القدّيس البارّ ملاتيوس المعترف * أبونا الجليل في القدّيسين مرقص أسقف أفسس * القدّيس البارّ مكاريوس الكهفيّ * القدّيس البارّ مكاريوس الكهفيّ الشّمّاس * القدّيس البارّ أنطونيوس الجيورجيّ * القدّيس البارّ ثيودوروس النّفغورودي.
* * *
✤ القدّيس البارّ مكاريوس الإسكندري✤
هو معاصر القديس مكاريوس الكبير وسميّه. يدعى الصغير أو الإسكندري تمييزاً له عن مُدخل الرهبنة إلى بريّة الإسقيط. كان بائع حلوى وفاكهة جافة في الإسكندرية قبل انكفائه إلى برية القلالي الواقعة بين نيتريا والإسقيط ، في سن الأربعين. تتلمذ للقديس أنطونيوس الكبير. قال له أنطونيوس المغبوط مباركاً: “ها أن روحي تستريح عليك. من الآن فصاعداً أنت وريث فضائلي!” كانت له بضع قلالي: في الإسقيط، في ليبيا، في القلالي، وفي جبل نيتريا. اثنتان منهما كانتا من دون نافذة. اعتاد ملازمة إحداهما في زمن الصوم الكبير في العتمة. إحدى قلاليه كانت من الضيق بحيث تعذّر عليه فيها أن يمدّ قدميه. أما الرابعة فكانت أرحب من غيرها لأنه اعتاد أن يستقبل فيها الزائرين. تقشّفه وصبره العظيم في التجارب اجتذبا إليه بنعمة الروح القدس ودفعا الإخوة في القلالي إلى اختياره كاهناً لهم ورئيساً عليهم. ورد أنه كان رئيساً لخمسة آلاف راهب. محبتّه للفضيلة كانت شديدة لدرجة أنه كان كلما سمع بعمل بهيّ تمّمه أحد سكان البريّة سعى إلى إكماله في ذاته وتخطّيه. تناهى إليه أن رهبان القديس باخوميوس لا يأكلون المطبوخ فأمضى سبع سنوات لا يأكل سوى النيئ والمبلول. وإذ صمّم على قهر سلطان النعاس، بقي في حال الوقوف عشرين يوماً، يكابد حرارة الشمس في النهار وقسوة البرد في الليل. مرة، سحق بيده بعوضة لدغته. وإذ أدرك أنه قضى على إحدى خلائق الله، حكم على نفسه بأن يتعرّى ستة أشهر في مستنقع عرضة لعقص البعوض. فلما عاد إلى قلايته كان منظره قد تشوّه حتى لم يعد ممكناً لأحد التعرّف عليه إلا من صوته. سمع بسيرة رهبان دير القديس باخوميوس الفاضلة فغيّر حلّته وتخفّى ثم خرج إليهم. طرق الباب وطلب أن يُقبل كمبتدئ. رأوه مسنّاً فصدّوه. رجاهم أن يجرّبوه فقبلوه. وقف طيلة الصوم في إحدى الزوايا يشتغل بالخوص لا يمس الطعام والشراب اللذين وضعوهما بجانبه. فتذمّر الرهبان لدى القديس باخوميوس قائلين: “من أين أتيتنا بهذه الروح النقيّة لتديننا؟!” وقد كشف الرب الإله للقديس باخوميوس أن القادم الجديد إن هو سوى مكاريوس الشهير. فأسرع إليه وضمّه وشكره لأنه لقّن رهبانه درساً في التواضع. ثم سأله الصلاة من أجلهم وصرفه. مرّة أخرى، قرّر مكاريوس أن يحفظ ذهنه في الإلهيات دونما تشويش خمسة أيام. بعد يومين قال لنفسه: “لا تنحدرنّ من السموات. عندك هنا الملائكة ورؤساء الملائكة وإله الكون. لا تنزلن إلى ما تحت السماء!” فاغتاظ الشيطان وأشعل النار في كل مكان في القلاية إلا الحصيرة التي كان القديس قائماً عليها. في اليوم الثالث نزل إلى تأمل العالم لئلا تكون للمجد الباطل سطوة عليه. بصلاته، طرد مكاريوس الأرواح الشرّيرة من عدد من الأشخاص وأبرأ المرضى. أتت إليه ضبعة، مرة، بصغيرها الأعمى فأعاد النور إليه. في اليوم التالي حملت إليه الضبعة هدية شكر، صوف الخروف. صارع إبليس إلى النهاية. لم يترك له أية فرصة عليه. أخيراً قال له: “ألك عندي شيء الآن؟ لن تجد فيّ شيء؟ انصرف عنّي!” رقد بعدما ناهز المائة.