في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*القدّيسان سمعان القابل الإله وحنّة النّبيّة *الشّهيدان أدريانوس وأفبولس *الشّهيد بلاسيوس الرّاعي *القدّيس عزريا النّبيّ *الشّهيدان بولس وسمعان *القدّيس البارّ كلوديوس *الشّهداء الجدد ستاماثيوس ويوحنّا ونيقولاوس *أبونا الجليل في القدّيسين نيقولاوس الجديد رئيس أساقفة اليابان *القدّيس أنسكاريوس مبشّر الدّنمارك والسّويد *القدّيس البارّ سابا الّذي من يوانينا.
* * *
✤ القدّيس نيقولاوس رئيس أساقفة اليابان (+1912م) ✤
مبشِّر اليابان. ولد عام 1836 في إحدى قرى مقاطعة سمولنسك الرّوسية. كان والده شمّاسًا. رقدت أمه وهو في الخامسة. كلا والديه كان تقيًا. مال أول أمره إلى الحياة العسكرية، لكنه ما لبث أن اتجه إلى خدمة كنسيّة خاصة: العمل ضمن الإرساليات التّبشيرية. فكّر أن يذهب إلى الصّين ثم استقر رأيه على اليابان بعدما قرأ عن هذه البلاد المقفلة الّتي تكتنفها الأسرار. عام 1860، فيما كان يتابع سنته الرّابعة في أكاديمية بطرسبرج اللّاهوتيّة، قرأ رسالة مجمعية طلب المجمع الرّوسي المقدّس فيها متطوّعًا يرغب في أن يصبح كاهنًا لدى القنصلية الرّوسية في خاكوندات في اليابان. هذه اعتبرها نيقولاوس علامة من الله ليباشر مهمته الرّسولية. أنهى دروسه اللّاهوتيّة وصُيِّر راهبًا باسم نيقولاوس، ثم سيم شمّاسًا فكاهنًا وانطلق إلى الشّرق الأقصى. عبر بسيبيريا وبلغ خاكوندات بعد عشرة أشهر.
لم تكن ظروف الحياة في البلاد ملائمة لإنشاء إرسالية أرثوذكسية. العادات اليابانيّة بعيدة كلّ البعد عن المسيحية والسّلطات لا تسمح بالتّبشير. تلقّن نيقولاوس اليابانيّة على نفسه. وبعد سنوات من العمل الدّؤوب الّذي تعرّض خلاله لأخطار جمّة من جانب السّلطات المحلية، تمكّن من هداية كاهن وثنيّ يدعى ساوابي وطبيب يدعى ساكايا. ومن خلال هذين المهتديين وبمعاونتهما تمكّن نيقولاوس من تأسيس رعية صغيرة ضمّت خمسة عشر شخصًا. عملت الجماعة بكثير من الحيطة، دونما ضجّة، فترة من الزّمان. همّ نيقولاوس تركّز على تنشئة الجماعة تنشئة حقّانيّة متينة. اشتملت التّعليمَ الدّينيّ صعوباتٌ جمّة لا سيما لغياب التّرجمات إلى اليابانيّة. نقل الكتاب المقدّس والنّصوص اللّيتورجية لم يتمّ إلاّ قليلًا قليلًا. لكن، كان نيقولاوس، لجماعته، نموذجًا إنجيليًا طيِّبًا. ولم تصطدم الرّعية الفتيّة بالوثنيّة وحسب بل بميثاق الشّرف التّراثي في البلاد الّذي جعل بعض الوصايا الإنجيلية صعبة الفهم، لا بل غير مقبولة. مثل ذلك القول بمحبّة الأعداء. هذا كان بالنّسبة لليابانيّين دعوة إلى الجبن.
وكان على الجماعة أن تنتظر خمسة عشر عامًا، إلى السّنة 1873، لتأذن السّلطات بإنشاء إرسالية روسية أرثوذكسية رسمية بإدارة الأرشمندريت نيقولاوس. انتقل المركز البشاري إلى طوكيو، العاصمة الجديدة للأمبراطورية. وبفضل حميّة القدّيس ونشاطه الدّؤوب بلغ عدد المهتدين الألف.
عام 1875م جرت سيامة أول كاهن يابانيّ وفي 1885 صُيِّر نيقولاوس أول أسقف على اليابان.
رغم الصّعوبات المالية للجماعة النّاشئة، تمكّنت من بناء كاتدرائية بديعة في قلب طوكيو عُرفت بـ”بيت نيقولاوس”.
أسّس القدّيس مدارس لتعليم الموعوظين والمؤمنين. وعام 1878 أنشأ مدرسة لاهوتية لإعداد الكهنة النّاطقين باليابانيّة. كانت تُدرَّس في هذه المدرسة اللّغات اليابانيّة والصّينيّة والرّوسية. القصد كان إعداد الأشخاص المناسبين لنقل النّصوص المقدّسة اللّازمة للحياة المسيحية إلى اليابانيّة. رغم أن نيقولاوس نقل إلى الكنيسة اليابانيّة العادات اللّيتورجية المتّبعة في الكنيسة الرّوسية فإن همّه الأساسي كان إنشاء كنيسة محلية ناطقة باليابانيّة تنبع من الشّعب المهتدي ولا تنفصل عنه.
عندما اندلعت الحرب الرّوسية اليابانيّة سنة 1905م، أبدى القدّيس محبة وحكمة فائقين. سمح لكهنته أن يقيموا الصّلوات لنصرة اليابان فيما امتنع هو عن الإشتراك فيها.
رقد القدّيس نيقولاوس الجديد في 3 شباط 1912 بعد خمسين سنة من العمل الدّؤوب. للحال أكرمه أبناء كنيسته معادلًا للرسل وتحوّل ضريحه إلى محجّة وإلى مصدر للبركة للكنيسة الأرثوذكسية لا سيما في اليابان.