في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*الشّهيد في الكهنة أكليمنضوس الرّوميّ*الشّهيد في الكهنة بطرس الإسكندريّ*القدّيس ثيودوروس المعترف الأنطاكيّ*أبونا القدّيس البار ملخس القنسرينيّ*الشّهيدان فيلومانوس وخريستوفوروس *الشّهيد أفجانيوس *الشّهيدان بروكوبيوس وخريستوفوروس الآخر *الشّهيد الإسكندر الكورنثي *الشّهيد خريسوغونوس *القدّيسان كاريون وهرموجانيس أسقف أغريغنتية *القدّيس البار غريغوريوس الّذي من آسيا *القدّيس البار مرقص رئيس دير تريكليا *أمّنا القدّيسة البارّة مستريديا *الشّهيد خريسوغونوس *الشّهيد مركوريوس سمولنسك *القدّيس البار سمعان *القدّيس البار لوقا الكييفيّ*القدّيس البار نيقوديموس الجديد.
* * *
✤تذكار القدّيس الشّهيد في الكهنة ّأكليمنضوس أسقف رومية (+ 101 م)✤
هو أسقف رومية الثّالث بعد الرّسول بطرس. خلف كلًّا من لينس وأنكلتس. أفسافيوس القيصريّ، صاحب “تاريخ الكنيسة“، يذكر أنّه كان على كرسيّ رومية بين العامين 92 و 101 للميلاد، وترتوليانوس يقول إنّ الرّسول بطرس سامه بنفسه. هذا فيما يعتقد البعض أنّه هو إيّاه أكليمنضوس المذكور في رسالة الرّسول بولس إلى أهل فيليبّي (4: 3). فإن صحّ هذا الزّعم كان أكليمنضوس من الّذين عملوا وجاهدوا مع الرّسول في خدمة الكلمة و”أسماؤهم مكتوبة في سفر الحياة“.
جاء عنه في بعض المصادر أنّه كان وديعًا متواضعًا يعرف الكتب المُقدّسة وحكمة الإغريق جيّدًا وكيف يتوجّه إلى اليهود والأميّين في آن ويقنعهم.
وإلى القدّيس أكليمنضوس تُنسب، منذ أقدم الأزمنة، رسالة إلى الكنيسة الّتي في كورنثوس. هذه الرّسالة اعتبرها الأقدمون في مصر وسورية جزءًا من الكتاب المُقدّس. منها نستخلص أنّ مشاغبين في كورنثوس انتفضوا على الشّيوخ في الكنيسة فأطاحوا بهم حسدًا وهم أبرياء لا عيب فيهم. وقد نتج عن هذا الوضع حالة من الفوضى والانقسام بدت معه كنيسة كورنثوس مهدّدة بالشّرذمة والانقراض. يقول كاتب الرّسالة: “يا إخوة إنّ المصائب والويلات الّتي أصابتنا فجأة… قضايا مشينة لا مبرّر لها، سبّبها بعض الأشخاص الدّعيّين الوقحين… نأت العدالة والسّلام منذ أن ترك كلّ واحد خوف الله وضعف منه نور الإيمان… لا أحد يحيا حياة جديرة بالمسيح. كلّ يمشي حسب رغبات قلبه الشّرير تاركًا المجال للحسد الظّالم الكافر الّذي أدخل الموت إلى العالم… أيّها الإخوة نكتب لكم لنصحكم… فلنتواضع… طارحين جانبًا كلّ عجرفة وخيلاء وحماقة… خاضعين لله لا تابعين لرجال الكبرياء والفوضويّين البغيضين… ما هو الأولى أن نصطدم بإرادات رجال جهّال مُتعجرفين يتباهون ويتكبّرون بكلامهم، أو أن نصطدم بإرادة الله؟… لنخجلنّ من الرَّبّ يسوع الّذي أعطانا دمه. لنحترمنّ رؤساءنا ونكرمنّ شيوخنا… من الخطايا الكبرى أن نبعد عن الأسقفيّة أولئك الّذين يحملون كلّ فضائلها بقداسة ونقاوة… إنّنا نرى أنّكم قد أعفيتم من الخدمة بعض مَن حملها بشرف وإخلاص وعاشها بكرامة واستحقاق… عار جدًّا أن نسمع أنّ كنيسة كورنثوس القديمة الرّاسخة قد قامت ضدّ متقدّميها بسبب شخص أو شخصين… فلنُسرع في إقصاء الشّرّ عن نفوسنا… أنتم يا مَن كنتم سببًا للفوضى اخضَعوا لشيوخكم… تعلّموا الطّاعة… أفضل أن تكونوا صغارًا في قطيع المسيح من أن تكونوا مشهورين خارج الرّجاء المسيحيّ… اقبلوا نصيحتنا فلن تندموا… أولئك الّذين يقاومون كلام الله الّذي يوجّهه لكم بواسطتنا… يرمون نفوسهم في خطر عظيم… نحن أبرياء من خطيئتهم… أرسلنا لكم رجالًا حكماء… سيكونون شهودًا بيننا وبينكم. فعلنا ذلك لتروا اهتمامنا في أن نرى السّلام موطّدًا بينكم… فأرسلوهم لنا بسرعة حتّى يبشّرونا بأنّ السّلام والاتّفاق… قد حلاّ بينكم لكي نفرح نحن أيضًا لثباتكم…“.
هذا وقد جاء في أخبار أساقفة رومية أنّ أكليمنضوس بقي على الكرسيّ تسع سنوات وشهرين وعشرة أيّام وأنّه عيّن كتبة، سبعة في العدد، وزّعهم على أنحاء رومية ليدوّن كلٌّ منهم أعمال الشّهداء في ناحيته. كذلك قيل إنّه أنشأ مصافًا للعذارى اهتمّ بالعبادة وخدمة القريب.
ويبدو أنّ قدّيسنا أصاب في البشارة وهداية الوثنيّين نجاحًا كبيرًا أثار القلق في نفوس ذوي السّلطان فنفوه إلى بلاد القرم، ناحية البحر الأسود. وهناك اكتشف أكليمنضوس وجود عدد كبير من المَسيحيّين يناهز الألفين محكوم عليهم بالأشغال الشّاقّة في مقالع المرمر. وقد جعل الله أكليمنضوس تعزية لهؤلاء الأشقياء فقوّاهم ونفخ فيهم الغيرة على الإيمان بالرَّبّ يسوع المسيح. وإذ كان الماء عزيزًا عندهم صلّى فأخرج الرَّبّ الإله من الصّحراء ماء. وكان لهذه الأعجوبة صدى طيّب لا بين المسيحيّين وحسب بل بين الوثنيّين أيضًا. هؤلاء بدأوا يتدفّقون عليه ويستمعون إلى كلامه ويهتدون بأعداد وافرة حتّى قيل إنّ أكليمنضوس نجح في غضون سنة واحدة في بناء خمس وسبعين كنيسة.
ومن جديد تنبّهت السّلطة المدنيّة إلى الخطر النّاجم عن أنشطة أكليمنضوس وهداياته الجَماعيّة فألقت القبض عليه وأعملت فيه تعذيبًا ثمّ ربط جلاّدوها مرساة في عنقه وطرحوه في البحر. الكنيسة اللّاتينيّة تعيّد له في 23 تشرين الثّاني، فيما تعيّد له الكنائس السّلافية في الخامس والعشرين منه. هذا وقد وجد القدّيس كيرللس، معمّد الشّعوب السّلافيّة، رفاته في القرن التّاسع للميلاد ونقل قسمًا منها إلى رومية زمن البابا أدريانوس الثّاني.