في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
* القدّيس هزيخيوس الأورشليميّ* القدّيس البارّ هيلاريون الجديد * أبونا الجليل في القدّيسين ديونيسيوس الرّحيم * الشّهيد بويان البلغاريّ* أعجوبة تكسييوتيس القرطاجيّ* الشّهيد في الأبرار أفستراتيوس الكييفيّ* الشّهداء بريسكس وملخس وألكسندروس القيصريّون الفلسطينيّون * الشّهيدان كاستور ودوروثاوس الطّرسوسيّان.
* * *
✤تذكار القدّيس هزيخيوس كاهن أورشليم✤
المعلومات المتوفّرة لدينا عنه قليلة. لعلّه مولود أورشليم خلال القرن الرّابع الميلاديّ. تتلمذ شابًا للقدّيس غريغوريوس اللّاهوتيّ، فلمّا توفي معلّمه ترهّب في أحد مناسك فلسطين. وإذ تابع سعيه وتحصيله العلميّين انكبّ على دراسة المسيحيّة من المخطوطات، في حوارات وآخرين من الرّوحانيّين الّذين كانوا يوازونه خبرة وبصيرة.
سامه يوحنّا، أسقف أورشليم، عنوةً للكهنوت حوالي العام 412 م، وفرض عليه الإقامة في المدينة المقدّسة ليجمّل كنيسة القيامة بكنوز حكمته. فلمّا تسقّف جوفانال على أورشليم أضحى هزيخيوس أحد أبرز مساعديه في شؤون اللّاهوت والتّفسير الكتابي. وكلاهوتيّ متعمِّق كان واعظًا مُستنيرًا. برز كأحد أشهَر معلّمي الكنيسة في زمانه. كتاباته المُستفيضة، لا سيّما شروحه للكتاب المقدّس، كانت على غزارة قلّما عرفها الكتّاب الكنسيّون. إلّا أنّ ما بقي منها قليل.
عاصر هزيخيوس القدّيس أفثيميوس الكبير. ذكره كيرلّلس البيسانيّ في حديثه عن القدّيس أفثيميوس. ثيوفانس المعترف، في حوليّاته، ذكر أنّه رقد في الرَّبّ في السّنة السّادسة والعشرين من حكم الأمبراطور البيزنطيّ ثيودوسيوس الصّغير (432- 433) وقال عنه:”إنّه شرح وفسّر كلّ الكتاب المُقدّس في وضوح كبير، لمنفعة الكلّ، لذا كان مشهورًا ومثار إعجاب الجميع”. في قانون القدّيس ثيودوروس السّتوديتي يُحصى هزيخيوس بين آباء الكنيسة العظام جنبًا إلى جنب والقدّيسين باسيليوس الكبير وغريغوريوس اللّاهوتي ويوحنا الذّهبي الفم وأثناسيوس الكبير وكيرللس الأورشليمي وكيرللس الإسكندري وغريغوريوس النّيصصي. وقد دُعي أيضًا باللّاهوتي بصفته تلميذًا مستحق التّقدير للقدّيس غريغوريوس اللّاهوتي. كيرللس البيساني يمدحه باعتباره “معلّم الكنيسة” و”لاهوتيًا” و”كوكبًا مشهورًا جدًا”.
لا نعلم بالتّدقيق متى كان رقاده. أغلب الظّن، كما يميل الدّارسون، أنّه توفّي بعد العام 450 للميلاد.
بالنّسبة لكتاباته، رغم أنّ ما بقي منها يسير، يبدو أنّ البحث في المخطوطات المتضمِّنة بعض ما كتب يميل إلى تأكيد القول أنّه فسّر وشرح الكتاب المُقدَّس برمّته. المقالات والنّتف الباقية تبيّن أنّه، في قراءته، للكتاب المقدّس كان على المذهب التّأويليّ الإسكندريّ. إلى ذلك يبدو انّه كان عدوًا للفلسفة وقال بها أداة استعملها الهراطقة لتزوير تعليم الكنيسة، لا سيّما العقيدة المسيحانيّة. لاهوته كتابي برمّته وخريستولوجيّته لا فلسفيّة. ألفاظ كـ”الشّخص” و”الأقنوم” و”الجوهر” و”الطّبيعة” و”التّجسّد” اجتنبها عن قصد واستعاض عنها بتعابير كتابيّة بحتة. يتبع في نظرته الخريستولوجيّة خطّ القدّيس كيرلّلس الإسكندريّ دون أن يتبنّى أية مفردات تقنيّة. نقطة إنطلاقه كانت اللّوغس (الكلمة) الّذي اتّخد جسدًا. وقد دافع عن الأرثوذكسيّة ضدّ الآريوسيّة والأبوليناريّة والنّسطوريّة وهي هرطقات شاعت في زمانه.