في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*أبونا الجليل في القدّيسين أندراوس الأورشليميّ الكريتيّ*الشّهيد في الكهنة ثيودوروس القيروانيّ ورفقته *الشّهيد في الكهنة دوناتوس أسقف ليبيا *القدّيسة البارّة مرتا أمّ القدّيس سمعان العموديّ العَجيب *القدّيسة البارّة أسكيبياس العجائبيّة *الشّهيد في الكهنة ثيوفيلوس *القدّيس البارّ مَنِيغنُوس *الشّهيد ثيودوتوس *أبونا الجليل في القدّيسين ميخائيل خونياتيس متروبوليت أثينا *القدّيس أندراوس أمير بوغوليوبوف الرّوسيّ*القدّيس البارّ أندره روبلاف *الجديد في الشُّهداء الرّاهِب الكاهن نيلوس بولتافا الرّوسيّ*القدّيس أندراوس الرّوسيّ*الشّهداء الملكيّون الرّوس القيصر نقولا الثّاني وأفراد عائلته *القدّيسة البارّة برتا الإنكليزيّة.
* * *
✤أبونا الجليل في القدّيسين أندراوس الأورشليميّ الكريتيّ✤
وُلد القدّيس أندراوس في دمشق حوالي العام 660 م. ومع أنّه من أكثر المنشدين طواعية فإنّه كان في سنيه السّبعة الأولى من حياته محرومًا من النّطق. ولمّا ينعتق من هذه العلّة إلّا بمُساهمة القرابين المُقدّسة. مذ ذاك برزت لديه مواهب غير عاديّة لا سيّما في البلاغة ودراسة الكتاب المُقدّس. نذره ذووه لخدمة كنيسة القيامة في أورشليم. وقد جعله قائمقام البطريرك، ثيودوروس، ابنه الرّوحيّ. كان قد لاحظ فيه مواهب جمّة فرغب في إعداده لخلافته وعيّنه، رغم صغر سنّه، أمينًا للوثائق البطريركيّة ومسؤولًا عن الشّؤون الكنسيّة. بهذه الصّفة، أُوفد، بعد قليل من انعقاد المجمع المَسكونيّ السّادس (حوالي العام 685 م.)، إلى القسطنطينيّة بمعيّة شيخَين قدّيسَين ليقدّم للإمبراطور والبطريرك اعتراف إيمان كنيسته دعمًا لإدانة هرطقة المشيئة الواحدة. وفيما عاد الشّيخان القدّيسان إلى فلسطين، بقي القدّيس أندراوس في العاصمة المتملّكة حيث توفّرت له ظروف مؤاتية للصّلاة والدّراسة والأعمال الرّسوليّة الّتي أعدّه الله لها.
بقي قدّيسنا منكفئًا لبعض الوقت لكنّه لم يخفَ طويلًا إذ استبانت موهبة الكلمة وخلاص النّفوس عنده لعيون البطريرك والإمبراطور فسيم شمّاسًا للكنيسة الكبرى. كذلك أُسنِدتْ إليه مهمّة العناية بميتم القدّيس بولس وملجأ الفقراء في حيّ أفجانيوس. وعلى مدى عشرين سنة ثابر بغيرة كبيرة على إدارة مؤسّستي الإحسان هاتين بحيث نمتا وتحوّلتا إلى مينائين للخلاص بفضل حثّه على التوبة والفضيلة. نجح في عمله لدرجة أنّه في العام 711 م صُيِّر رئيس أساقفة على كريت. لكنْ، قبل أن يغادر إلى موقعه الجديد انقلبت الأمور في القسطنطينيّة، فاغتصب فيليبيكوس العرش وأُطيح بالبطريرك كيروس وعُيِّن يوحنّا السّادس محلّه. مهمّة هذا الأخير كانت إلغاء قرارات المجمع السّادس وإنعاش هرطقة المشيئة الواحدة. ويبدو أنّ قدّيس الله رضخ، في ذلك الحين، لضغط السّلطة الجديدة عليه. ولكنْ ما إن استُبعد فيليبيكوس بعد سنتين حتّى عاد أندراوس إلى نفسه تائبًا مُعترِفًا بمشيئتين في المسيح. وثمّة مَن يقول إنّه وضع قانون التَّوبة الكبير المعروف باسمه تعبيرًا عن توبته لضلاله العابر يومذاك.
إلى القدّيس أندراوس يعود إنشاء عدد كبير من الميامر إكرامًا لأعياد السّيّد ووالدة الإله والقدّيسين. هذا شكّل ميراثًا ثمينًا في الأدب الآبائي. كذلك تزيينًا لاحتفالات كنيسته وضع، بجدارة منقطعة النّظير، عددًا كبيرًا من الأناشيد لا زالت محفوظة في كتبنا اللّيتورجيّة إلى اليوم. وكما أسلفنا، وضع قدّيس الله القانون الكبير الّذي يُرتَّل كلّ عام خلال موسم الصّوم الكبير، والّذي له وقع مميّز في نفوس المؤمنين كمحرِّك إلى التّوبة. في هذا القانون يُشير القدّيس أندراوس إلى كلّ صور العهدَين القديم والجديد الّتي يمكن أن تمثِّل نماذج لسبيل الهداية والتّوبة. بالنّسبة للمؤمن التّائب الّذي عاين، في مطلع الصّوم الكبير، صورة نفسه في آدم القاعد عند أبواب الفردوس، تحمل هذه الأمثلة، المستمددة من الكتاب المقدّس، على إدراك أنّه إذ يختزل في حياته خطايا العالم كلّه لا يسعه التماس الخلاص إلّا بالدُّموع والنُّسك والصَّلاة.
إلى ذلك رمّم القدّيس أندراوس الكنائس والأديرة وأسّس كنيسة لسيّدة بلاشيرن ذِكرًا للكنيسة الّتي تحمل الإسم نفسه في القسطنطينيّة. كذلك نظّم ملجأ للمرضى والعجزة والمعوزين. دعمه له لم يكن بالمال وحسب بل بالحضور الشّخصيّ، بالدّرجة الأولى. هكذا وُجد معتنيًا بذوي العاهات بنفسه، بالعمل اليدويّ الطيِّب وكلمة العزاء معًا.
ورد أنّه ردّ بصلاته هجمة للعرب المُسلمين ضدّ كريت ونجّى الجزيرة من موجة جفاف بالدّعاء والدُّموع وصدَّ وباءً ضرب البلاد. كان الكلّ لكلّ واحد. غادر كريت إلى القسطنطينيّة وعزّز الدّفاع عن الإيمان القويم في شأن الإيقونات وإكرامها. عرف بساعة مفارقته إلى ربّه سلفًا. في طريقه إلى كريت حطّ في جزيرة ميتيلين حيث قضى نحبه في 4 تمّوز سنة 740 م.