في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*الشّهيد في الكهنة باسيليوس أماسيا والقدّيسة غلافيرة *القدّيسة البارّة يوستا *القدّيس البارّ نسطر *القدّيس البارّ كالنتيوس القبرصيّ*القدّيس البارّ جاورجيوس القبرصيّ*أبونا الجليل في القدّيسين كليتوس الرّوميّ*القدّيسة البارّة اسبيرانس الفرنسيّة * أبونا الجليل في القدّيسين بطرس براغا البرتغاليّ*القدّيس البارّ ركاريوس الفرنسيّ* أبونا الجليل في القدّيسين استفانوس برم الرّوسيّ* القدّيس البارّ جاورجيوس شنغورسكا الرّوسيّ* القدّيس البارّ يوانيكيوس دافيتش الصّربيّ الصّانع العجائب.
* * *
✤الشّهيد في الكهنة باسيليوس أماسيا والقدّيسة غلافيرة✤
تسقّف القدّيس باسيليوس على أماسيا، في بلاد البنطس، زمن الاضطهاد الكبير الذي نزل بالمسيحيّين في عهد الأباطرة الرومان ذيوكلسيانوس ومكسيميانوس ومكسيمينوس دايا. وقد أكّد باسيليوس، ببشارته ومثاله، في آن، ان على المؤمن بيسوع أن يكون مستعدّاً، كل حين، لبذل دمه من أجل سيِّده. ثم في نهاية القمع الدموي الذي تعرّضت له الكنيسة، يومذاك، ثبّت باسيليوس، في الإيمان، كنائس البنطس كما اشترك في مجمعي أنقرة وقيصرية الجديدة (314م) وعلّم المؤمنين كيف يحفظون أنفسهم من الهراطقة.
لما اهتدى القدّيس قسطنطين الكبير إلى المسيح وتولّى الحكم في الغرب، سنة 312م، بدا كأن الاضطهاد انتهى. لكن للشيطان أحابيله. فقد وجد في ليسينيوس (308 – 325) ضالته ليفتك، بواسطته، بالعديد من المسيحيّين. هذا كان من أصل وضيع، إلاّ أنه تمكّن بما أُوتي من مواهب عسكرية من السيطرة على مقاطعات الدانوب. وبعدما اعترف بسلطة قسطنطين وتزوّج من أخته قسطنسيا، جرى اختياره ليتوجّه إلى نيقوميذيا، العاصمة الشرقية للأمبراطورية، ويضع حدّاً لوحشية مكسيمينوس دايا. ولكن، ما إن تمّت له الإطاحة بمكسيمينوس حتى استأسر لنفسه بالقسم الشرقي من الأمبراطورية. فقط، إذ ذاك كشف عن وجهه وأمعن في الاضطهاد والتنكيل بتلاميذ الرب.
كانت لزوجة ليسينيوس أمة جميلة، عفيفة، اسمها غلافيرة، سبق لها أن اهتدت للمسيح. هذه أُخذ ليسينيوس بها وأرادها لنفسه. نقلت غلافيرة الخبر إلى سيِّدتها. فقامت الملكة بتهريب خادمتها في ثياب الرجال إلى أماسيا مدّعية، لدى الأمبراطور، أن غلافيرة أخذت تنتابها نوبات صرع. في أماسيا اهتمّ القدّيس باسيليوس بأمر غلافيرة. وقد سلَّمته هذه من سيِّدتها مبلغاً كبيراً من المال ليبني بها كنيسة للمسيحيّين. ولما كَتبت الأمة إلى مخدومتها، بعد حين، تطلعها على ما تمّ بشأن الكنيسة، وعلى حاجتها إلى المزيد من المال لاستكمال البناء، وقعت الرسالة في أيدي عمّال ليسينيوس، فأرسل، إلى أماسيا، جنوداً مزوّدين بأوامر لإلقاء القبض على الأسقف والمرأة معاً. فلما وصل الجنود علموا أن غلافيرة رقدت، في الرب، منذ أيّام، فأمسكوا بباسيليوس واستاقوه موثقاً كما إلى الذبح، وكان يرافقه شمّاسان: ثيوتيموس وبارثانيوس.
في نيقوميذية، أُودع باسيليوس السجن فكانت له فيه رؤيا إلهية أنبأته بأية ميتة كان مزمعاً أن يمجِّد الله ومَن الذي سيخلفه. في صباح اليوم التالي، وقف أمام ليسينيوس الذي أُخذ بصفائه وبهاء طلعته فترك المحفل وأسند إلى حاكم نيقوميذية مهمّة إتمام الاستجواب. هذا عرض على باسيليوس أن يغضّ الطرف عن قضية غلافيرة ويعفو عنه ويسبغ عليه، إلى ذلك، الكرامات إذا ما رضي بإكرام آلهة الأمبراطورية، مثله مثل أي مواطن روماني صالح. ففتح الأسقف القدّيس فاه وذكّر الوثنيّين بكل الفظائع والأعمال الخسيسة المردودة إلى الآلهة والأوثان. كما بيَّن مقدار حماقة عبادة مثل هذه الوحوش. ورغم ما بذله باسيليوس من جهد لمدّ النور الإلهي إلى سامعيه لم تَنْفُذ الكلمة إلى قلوبهم لكثافة أهوائهم. بالعكس حاول الحاكم، مرّة أخرى، استمالة باسيليوس. فلمّا تبيّن له، أخيراً، عقم محاولاته، ونقل الخبر إلى الأمبراطور صدر، في حقّ باسيليوس، حكم بالموت. كان ذلك في العام 322م.
الأمر بالإعدام، بالنسبة لباسيليوس، كان تتويجاً لتطوافه في دروب الرب وخاتمة جلجلته لمجد الله، فلم يخفِ فرحه في الروح القدس. عانق رفاقه ودعا لخرافه الناطقة، ثم مدّ عنقه مخاطباً جلاّده: “تمِّم، يا صاح، ما أُمرت به!”. فجرى قطع رأسه.
لم يكتفِ ليسينيوس بإعدام القدّيس بل ألقى جسده في البحر أيضاً. لكن ملاكاً، في الليلة التالية، أعلن لرفاق باسيليوس أن القدّيس ينتظرهم في سينوبي. فلما وصلوا إلى هناك، ظهر لهم الملاك من جديد ودلَّهم على مكان، عند الشاطئ، كان جسد القدّيس قد حطّ فيه. ورغم أن الجسد بقي في الماء لبعض الوقت فإنه وُجد بريئاً من الإنحلال تفوح منه رائحة طيِّبة. وكان الرأس موصولاً ببقية الجسد، لكن أثر ضربة السيف كان بيِّناً في خط أحمر على الرقبة. نُقل الجسد إلى أماسيا وأُودع الكنيسة التي سبق للقدّيس أن بناها.