في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
* أبونا القدّيس البارّ منعم (خاريتون) الـمُعترف * القدّيس اسحق السّريانيّ (شرقي) * القدّيس باروخ النّبيّ، تلميذ إرميا النّبيّ * الشّهداء الّذين قضوا في أنطاكية بيسيدية، مرقص الكاهن والإخوة الثّلاثة ألكسندروس وحلفى وزوسيما، غالب (نيقون) وناون وهليوذوروس والعذارى والأولاد * الشّهيدان كلّينيكوس وأوسطاتيوس * الشّهيد ألكسندروس ورفقته الثّلاثون المستشهدون معه* أبونا الجليل في القدّيسين ألكسيون أسقف نيقوبوليس * القدّيس البارّ أوكسنديوس القبرصيّ* القدّيس البار هيروديوس الرّوسيّ* القدّيس البار خاريتون الرّوسيّ* القدّيس البار فاوست رييز * الشّهيد فانيسلاس التّشيكي * القدّيسة البارّة أستوخيوم الرّوميّة * الشّهيدة أنّا ليكوشينا.
* * *
✤تذكار أبينا البارّ منعم (خاريتون) المُعتَرف (+ 350 م)✤
ولد القدّيس منعم ونشأ في مدينة إيقونيّة¯ في آسيا الصّغرى، أيّام الأمبراطور الرّومانيّ أوريليانوس (270 – 276). وإيقونيّة هي المدينة الّتي نشأت فيها أولى الشّهيدات، القدّيسة تقلا. في العام 304 للميلاد حمل الأمبراطور ذيوكليسيانوس على المسيحيّين فكان منعم من أوائل مَن عانوا هذه الحملة. فقد قبض عليه الجند بعدما كان صيته في إيقونيّة ذائعًا كواحد من رجالات الله الغيارى. ولما مَثَل أمام الوالي اعترف، وبجرأة، بالمسيح ورفض الأصنام. جلدوه وأمعنوا في تعذيبه حتّى بدا جسمه جرحًا كبيرًا ثمّ ألقوه في السّجن. بقي في السّجن أيّامًا قليلة. ثمّ قبل أن يوقفوه من جديد أمام الوالي تمكّن من الهرب. لجأ إلى مصر وبقي فيها إلى أن اعتلى قسطنطين الكبير العرش وأصدر مرسومًا اعترف فيه بحقّ المسيحيّين في العبادة.
سلك منعم، بعدما خرج من السّجن، في النّسك والتّقشّف. وقد شاءت النّعمة الإلهيّة أن تضيف إلى سمات آلام الرّبّ يسوع الّتي كان يحملها في جسده، سمات الأخطار المتكرّرة الّتي جعلته يسلّم أمره إلى الرّبّ الإله بالكلّيّة كما جعلت خلاص إلهه يفعل فيه بشكلٍ عجيب. من ذلك مثلًا أنّه في طريقه من مصر إلى أورشليم عرض له أن وقع في أيدي اللّصوص، فجرّدوه من القليل الّذي كان بحوزته وساقوه إلى المغارة الّتي اعتادوا اللّجوء إليها. أسلم خاريتون أمره لله وبات ينتظر الموت ساعة بساعة. وفي المغارة، ألقى به اللّصوص جانبًا وأقبلوا على قربة الخمر متعبين. ولكن – ويا لتدبير العليّ! – ما كادوا يحتسون منها حتّى هووا، كلّ في ناحية، أمواتًا، ذلك أنّ حيّة دخلت القربة، في غفلة، ونفثت في الخمر سمّها. هكذا نجا منعم وحمل الأمتعة والمغانم الّتي خلّفها اللّصوص. ويقال إنّه باعها ووزّع قسمًا من ثمنها على الفقراء وبنى بالباقي كنائس لمجد الله. ثمّ خرج إلى مغارة في برّية فاران ونسك فيها.
قعد منعم في هذه المغارة ردحًا من الزّمان إلى أن أخذ خبره ينتشر، فصار النّاس يؤمّون المكان بكثرة سائلينه النّصح في شأن السّلوك في الحياة الملائكيّة. ولمّا رأى أنّ إقبال النّاس عليه يحرمه من الخلوة الّتي طالما أحبّ، أسند أمر الإهتمام بالقادمين الجُدد إلى واحد من خيرة تلاميذه، وانصرف هو إلى موضع آخر أكثر هدوءًا في نواحي أريحا. وقد أوصى تلاميذه بأن يحفظوا الإعتدال في الطّعام والمنام وأن يصلّوا في اللّيل كما في النّهار، في الأوقات الّتي عيّنها لهم، وأن يقبلوا الفقير والغريب كما لو كان المسيح بالذّات.
لم يدم المَقام لمنعم في منسكه الجديد طويلًا لأنّ النّاس اهتدَوا إليه وعكّروا عليه خَلوته فانتقل، من جديد، إلى مكان أبعد، ومكث فيه إلى أن أعلمه الله بساعة رقاده، فعاد إلى فاران، إلى الشّركة الّتي أسّسها أوّلًا. وهناك زوّد تلاميذه بإرشادات وعهد روحيّ جديد رسم لهم بموجبه الطّريق الأكيد إلى الإتّحاد بالله، طريق النّسك المَقرون بالتّواضع والمحبّة للجميع. ويقال إنّ منعم هو أوّل مَن أدخل خدمة قصّ شعر المبتدئين في الحياة الرّهبانيّة. وقد أعطاه الله موهبة صنع العجائب. رقد في الرّبّ مُمتلئًا أيّامًا في 28 أيلول سنة 350م.
¯ – جنوب غرب تركيا الوسطى.