في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*القدّيس كدراتس الرّسول *القدّيس يونان النّبيّ *الشّهيد أفسافيوس الطّرابلسيّ*القدّيس البارّ يوحنّا الشّبطيّ*الشّهداء أفسافيوس ونيستابوس وزينون ونسطر وبوسيريس * أبونا الجليل في القدّيسين اسحق القبرصيّ* الشّهيد بريسكوس * الشّهداء السّتّة حملة سلاح الأمبراطور مكسيميانوس * الشّهيدان هيباتيوس أفسس وأندراوس الكاهن * القدّيس البار يوسف زانيكييف الرّوسيّ* القدّيس البار دانيال كوجورا الرّوسيّ*أبونا الجليل في القدّيسين ديمتري روستوف * قدّيسو مغاور كييف * القدّيسون الشّهداء الرّوس الجدد ألكسيس ستابنيكوف وآخرون.
* * *
✤القدّيس النبـيّ يونان✤
هو يونان الّذي يتحدّث عنه السّفر المعروف باسمه، وهو أحد أسفار الأنبياء الاثني عشر الصّغار، من مجموعة كتب العهد القديم.
صار قول الرّبّ إليه هكذا: “قم اذهب إلى نينوى، المدينة العظيمة، وناد عليها لأنّه قد صعد شرّهم أمامي“. فلم يُرد أن يذهب بل قام وهرب وجاء إلى سفينة مسافرة إلى ترشيش. في الطّريق، فيما كانت السّفينة في عرض البحر، أرسل الرّبّ عليها ريحًا شديدة فحدث نَوْء عَظيم حتّى كادت السّفينة تغرق. وإذ خطر بِبال البحّارة أن يكون أحد المسافرين سبب هذه المُصيبَة الّتي ألمّت بهم لخطيئة شنيعة ارتكبها، ألقوا القرعة فيما بينهم فوقعت على يونان. فاعترف يونان بأنّه هارب من وجه ربّه. وعلى كلمة يونان، أخذه البحّارة وطرحوه في المياه فهدأت العاصِفة. أمّا الرّبّ – كما يقول السّفر – فقد أعدّ حوتًا عظيمًا ليبتلعه. فكان يونان في جوف الحوت ثلاثة أيّام وثلاث ليال.
وصلّى يونان إلى الرّبّ، إلهه، فأصغى إليه وأمر الحوت فقذف بيونان إلى البرّ.
وصار قول الرّبّ إلى يونان من جديد: “قم اذهب إلى نينوى، المدينة العظيمة، وناد لها بالمناداة الّتي أنا مكلّمك بها“. فقام يونان هذه المرّة وذهب صاغرًا.
ونادى يونان في نينوى أنّ الرّبّ مزمع، في أربعين يومًا، أن يخرب المدينة بسبب طرقها الرّديئة وكثرة الشّرور فيها.
ولكنْ، نخس أهل نينوى إلى قلوبهم فقاموا بنفسٍ واحدةٍ ونادوا بصوم ولبسوا المسح من الكبير إلى الصّغير – حتّى البهائم صوّمت – وصرخوا بصوت عظيم سائلين العليّ العفو والرّحمة. فلمّا رأى الرّبّ الإله توبة المدينة عدل عمّا كان مزمعًا أن يصنعه بها.
لم يرق الأمر ليونان لأنّه ظنّ أن مجيئه إلى نينوى كان بلا فائدة وأنّه تجشّم مشقّات السّفر سدىً. ثمّ أنّه كان يعرف أصلًا، على حدّ تعبيره، أنّ الرّبّ الإله رؤوف رحيم، بطيء الغضب وكثير الرّحمة، وسيغفر لأهل نينوى ذنوبهم في نهاية المطاف. هكذا بدا يونان بارًّا في عين نفسه.
وأراد الرّبّ الإله أن يلقّن يونان درسًا. فما إن خرج إلى مكان يطلّ على المدينة منتظرًا ما سيحلّ بها، أنبت له الله يقطينة في يوم واحد، ارتفعت وظلّلته، ففرح بها يونان فرحًا عظيمًا. ولكن، أرسل الله دودة، مع الفجر، نخرت اليقطينة فجفّت. ثمّ طلعت الشّمس ويبّستها. فاغتاظ يونان جدًّا وطلب لنفسه الموت. فنظر الله إلى غيظه وقال له: أتظن نفسك على حقّ في ما أنت فاعل؟ أشفقت على اليقطينة ولم تتعب فيها ولا ربّيتها، وكانت بنت يومها، أتريدني ألا أشفق على أهل نينوى وقد تابوا إلي*؟!
هذه هي قصّة يونان النبيّ كما وردت في سفره. بعض النّاس يتساءل: هل هذه القصّة حقيقة أم خيال؟ هل يمكن أن يكون الحوت قد ابتلع النّبيّ فعلًا وبقي في جوفه ثلاثة أيّام وثلاث ليال ثمّ لفظه؟ ليس في طاقتنا أن نجيب لا بـ “نعم” ولا بـ “لا“. حتّى لو تيسّر لنا الجواب يبقى ناقصًا. فالقصّة لا تنقل لنا وقائع بالمعنى الشّائع اليوم بقدر ما تعبّر، بأسلوب مميّز، عن حقيقة إلهيّة محدّدة. وهذا هو السّبب الأساس وراء حسبان سفر يونان واحداً من أسفار العهد القديم. ونحن، إذ نبحث في هذا السّفر عن كلمة الله، نعرف ونقرّ بأنّ للأقدمين، في تفسير الأحداث، مذاهب شتّى ليست بالضّرورة مُتجانسة أو مُتطابقة ومذاهبنا اليوم، وذلك تبعًا لنظرتهم إلى الوجود، وأنّ لهم طريقتهم الخاصّة في التّعبير، والقصّة عمومًا، كانت الطّريقة.
يونان، في هذه القصّة، صورة الرّبّ يسوع. بهذا المعنى قال السّيّد إنّه “كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيّام وثلاث ليال هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيّام وثلاث ليال“… (متى 12: 40). إنّه صورة الرّبّ يسوع في موته وقيامته.
ثمّ إنّ في النّبوة أكثر من تعليم: أولًا أنّه من غير الممكن أن يهرب أحد من وجه الله وأنّ في طاعة الله الحياة وفي عصيانه الممات. وثانيًا أنّ الله ليس بظالم وهو يقبل التّائبين إليه ويغفر لهم ذنوبهم لأنّه رؤوف ورحيم وبطيء الغضب وكثير الرّحمة.
❖طروباريّةالقدّيس النبـيّ يونان❖
ظهرت يا يونان لكلّ العالم، بوقًا رائعًا لأحكام الله، إلى التّوبة يدعو أهل نينوى، في بطن الحوت اختفيتَ مُصوِّرًا سرّ الرّبّ في اليوم الثّالث، لذلك تشفّع من أجل مادحيك ليُمنحوا الغفران وعظيم الرّحمة.