في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*القدّيس يوئيل النّبيّ *أوّارس الشّهيد والشّهداء السّتّة المستشهدون معه *الشّهيد صادوق ورفاقه المئة والعشرون والثّمانية الّذين في سلفكية *الشّهداء والشّهيدات الواحد والخمسون الأنطاكيّون *القدّيس ليونتيوس الفيلسوف *الشّهيدان فيليكس الكاهن وأفسافيوس الشّمّاس *القدّيس البار يوحنّا العَجائبيّ مؤسّس دير ريلا البلغاريّ.
* * *
✤تذكار القدّيس يوئيل النّبـيّ✤
يوئيل ابن فنوئيل هو صاحب النّبوّة الثّانية في ترتيب الأنبياء الاثني عشر الصّغار بعد هوشع. أغلب الظّنّ أنّه تنبّأ في يهوذا، وربّما في أورشليم بالذّات. أمّا متى كان ذلك فليس الرّأي واحدًا. البعض يقول إنّه تنبّأ بعد الرّجوع من سبي بابل والبعض قبله. أمّا أصحاب الاتّجاه الأخير فيعتبرون نبوءته أنموذجًا مُقتضبًا نحا عليه اللّاحقون ووسّعوه.
يوئيل، فيما يبدو، كان رجلًا مُرهف الإحساس، غيورًا على ما لله، ثاقب البَصيرة، بليغًا، فَصيحًا، سلس التّعبير، دقيقًا في وصفه للأحداث واضحًا.
موضوع نبوءته الأساس هو يوم الرّبّ القَريب (1: 15). وما انقطاع المياه ونكبة الجَراد اللّذان حلّا بالبلاد سوى من علامات مجيئه. والسّبب ضلال الشّعب وعزوفه عن إلهه. من هنا حثّ السّيّد الرّبّ شعبه عبر نبيّه يوئيل أن “ارجعوا إليّ بكلّ قلوبكم وبالصّوم والبكاء والنّوح، ومزّقوا قلوبكم لا ثيابكم وارجعوا إلى الرّبّ إلهكم لأنّه رؤوف رحيم بطيء الغضب وكثير الرّأفة…” (2: 12 – 13). فإن هم فعلوا أرسل لهم القمح والمسطار والزّيت ورفع عنهم العار بين الأمم (2: 19). كيف لا والرّبّ يغار لأرضه ويرقّ لشعبه (2: 18).
وإله إسرائيل لا يقف عند هذا الحدّ لأنّ محبّته لشعبه هي بلا حدود، وما أعدّه لهم فائق، وسيمتدّ ليشمل كلّ الأمم. ومحبّة الرّبّ هي هذه: “أسكب روحي على كلّ بشر فيتنبّأ بنوكم وبناتكم ويحلم شيوخكم أحلامًا ويرى شبابكم رؤى. وعلى العبيد أيضًا وعلى الإماء أسكب روحي في تلك الأيّام وأُعطي عجائب في السّماء والأرض دمًا ونارًا وأعمدة دخان. تتحوّل الشّمس إلى ظلمة والقمر إلى دم قبل أن يَجيء يوم الرّبّ العظيم المَخوف. ويكون أنّ كلّ مَن يدعو باسم الرّبّ ينجو” (2: 28 – 32).
هذا الكلام الكبير لم يكن ليُفهم إلّا في نجازه، فكان تمامه في يوم العنصرة العظيم، وقد استشهد به بطرس الرّسول (أعمال 2)، بعدما انحدر الرّوح القدس على التّلاميذ بشكل ألسن ناريّة، ووقف اليهود وسكّان أورشليم متعجّبين.
يبقى أن نذكر أنّ للبُعد الرّؤيويّ لنبوءة يوئيل صدىً في سفر رؤيا يوحنّا، ليس أقلّه ما جاء في الإصحاح التّاسع عمّا صنعه الملاك الخامس حين بوّق وفتح بئر الهاوية “فصعد دخان من البئر كدخان أتون عظيم فأظلمت الشّمس والجوّ من دخان البئر، ومن الدّخان خرج جراد على الأرض فأعطي سلطانًا كما لعقارب الأرض سلطان…“. ففي هذا الكلام صدى صريح لما جاء في يوئيل (2) عن ذاك الجراد الرّهيب.
صورة الإله في انعطافه على العِباد وحثّهم على التّوبة ما كانت لتخرج على النّحو الّذي أخرجها يوئيل لو لم تعتمل محبّة إلهه والصّلاة إليه في قلبه نارًا ملتهبة تدعو النّاس إلى توبة صدوق إزاء إلهٍ حبُّه ولا أرقّ.