في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*الرّسول الشّهيد في الكهنة يعقوب أخو الرَّبّ *آباؤنا القدّيسون الأبرار مكاريوس (مقار) الرّومانيّوسرجيوس (سركيس) وأفجانيوس وثيوفيلوس الفراتيّون *أبونا الجليل في القدّيسين أغناطيوس القسطنطينيّ*القدّيس البار نيكيفوروس (نقفر) *القدّيس البار بترونيوس (صخر) *القدّيسون الأولاد العشرة المُعترفون *القدّيسة الشّهيدة أنسطاسية *نقل رُفات القدّيس البار يعقوب بوروفيتش *الشّهداء الرّوس الجدد نيقولاوس أغافونيكوف وآخرون.
* * *
✤تذكار الرّسول القدّيس الشّهيد في الكهنة يعقوب أخي الرَّبّ أوّل رئيس أساقفة لأورشليم✤
لا بدّ لنا أوّلًا، قبل أن نتعرّف إلى القدّيس يعقوب أخي الرَّبّ، من أن نُميّزه عن القدّيس الرّسول يعقوب بن حلفى، أحد الاثني عشر، الّذي تُقيم الكنيسة تذكاره في اليوم التّاسع من الشّهر الحالي (تشرين الأوّل).
فأمّا القدّيس يعقوب الّذي نحن في صدد الكلام عنه هنا فأوّل ما ورد ذكره في إنجيل متّى (13: 55) ومرقص (6: 3). وقد أُشير إليه كواحد من إخوة الرَّبّ يسوع الأربعة. والثّلاثة البَاقون هم يوسي وسمعان ويهوذا.
أمّا نسبة هؤلاء الإخوة إلى الرّبّ يسوع فقد كان لها، منذ البدء، أكثر من تفسير. أبرز التّفسيرات إثنان: الأوّل أنّهم كانوا أولاد أخت مريم أو أولاد أخ يوسف، وهؤلاء في عرف اليهود إخوة. والثّاني – وهو الأكثر شيوعًا في التّراث – أنّهم أولاد يوسف من زواج كان له قبل مريم، وهذا معناه أنّ يوسف كان أرملًا عندما اقترن بمريم.
ويبدو أنّ أحدًا من إخوة يسوع لم يؤمن به، أوّل الأمر، وإنجيل يوحنّا (7: 1 – 5) يذكر ذلك صراحة.
أمّا ماذا حدث ليعقوب حتّى آمن ودعا نفسه “عبد الله وعبد الرَّبّ يسوع المسيح” – كما جاء في الرّسالة الّتي تُنسب إليه وتحمل اسمه (1: 1) – فليس واضحًا تمامًا. غير أنّ الرّسول بولس يذكر في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس أنّ الرَّبّ يسوع ظهر ليعقوب شخصيًّا بعد قيامته من بين الأموات (1 كورنثوس 15: 7).
ويبدو، من النّصوص الكتابيّة، أنّ يعقوب كان أحد أبرز الوجوه في الكنيسة في أورشليم. فالرّسول بولس يذكره في رسالته إلى أهل غلاطية (1: 19؛ 2: 9) باعتباره أحد الثّلاثة المُعتبرين أعمدة الكنيسة فيها. والإثنان الآخران هما صفا (بطرس) ويوحنّا. والأمر عينه يبدو جَليًّا في كتاب أعمال الرّسل حيث ورد حديث عن اجتماع عقده الرّسل والمَشايخ (أعمال 15) لينظروا في أمر الختان وما إذا كان يشمل الأمميّين المُقبلين إلى المسيح أم لا. يومذاك وقف يعقوب، كرأس للجماعة في أورشليم، ولفظ الكلمة الفصل.
إلى ذلك، تُنسب إليه أولى الرّسائل الرّعائيّة السّبع (يعقوب، بطرس الأولى…) الّتي تشكّل مجموعة من مجموعات أسفار العهد الجديد. وهذه الرّسالة خرجت إلى الوجود – في رأي الدّارسين – بين العامين 50 و 60 للميلاد، وهي عبارة عن مجموعة حكم وإرشادات تتناول السّلوك المَسيحيّ والحياة الرّعائيّة كالصّبر في الشّدائد والإيمان الفاعل بالمَحبّة وضبط اللّسان وأهميّة الصّلاة والتّحذير من خدمة الله والمال سواء بسواء.
هذا أبرز ما نَستقيه من العهد الجديد عن يعقوب الرّسول أخي الرَّبّ. أمّا ما هو شائع عنه، غير ذلك، فينتمي إلى التّراث.
وفي التّراث أنّه كان يُعرَف بيعقوب البار وأنّه كان نذيرًا منذ الطّفوليّة لا يأكل الزّبد ولا يشرب الخمر ولا يعرف شعرُه الموسى وأنّه بقي عفيفًا إلى نهاية حياته وكان يكتفي من الطّعام بأقلّه وأنّه كثيرًا ما كان يُحيي لياليه في الصّلاة حتّى أضحت ركبتاه كالحجر من كثرة السّجود. وقد اختاره الرّسل بالإجماع أوّل أسقف على أورشليم فكان عليها ثلاثين عامًا. وإليه تنسب أقدم ليتورجيا، “قدّاس القدّيس يعقوب الرّسول” الّتي يظنّ الدّارسون أنّها في أصل قدّاس كلّ من القدّيسَين باسيليوس الكبير ويوحنّا الذّهبيّ الفم. وقد قيل إنّه جاء بالكثيرين، يهودًا وأمميّين، إلى الإيمان بالمسيح، فحقد عليه اليهود وقرّروا التّخلّص منه. وقد وعظ الشّعب مرّة من على سطح أحد البيوت أو ربّما من جناح الهيكل فجاءه الكتبة والفريسيّون وألقوه من علو فسقط أرضًا وأُصيب لكنّه لم يمت. غير أنّ مهووسًا عاجله بضربة عصا على رأسه قضت عليه، فرقد في الرَّبّ شهيدًا وهو في الثّالثة والسّتّين من العمر. وقد كان ذلك في العام 62 للميلاد. ثمّ إنّ يهودًا أتقياء أشاعوا، فيما بعد، أنّ مُحاصرة أورشليم وهدمها في السّنة السّبعين كان عقابًا من الله على قتله.