في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*الشّهداء مرقص العرطوزيّ الأسقف وكيرلّلس البعلبكيّ الشمّاس والخدّام والعذارى في غزّة وعسقلان *الشّهداء الفرس يونان وباراشيسيوس ورفاقهما *القدّيس البارّ ديادوخوس الفوتيكيّ *أبونا الجليل في القدّيسين أفستاتيوس كيوس *القدّيسان البارّان يونان ومرقص الرّوسيَّان *الشّهداء الرّوس الجدد بولس الكاهن وبولس وألكسيس.
* * *
✤ القدّيسون الشّهداء الفرس يونان وباراشيسيوس ورفاقهما (+327 م)✤
رفاق يونان وباراشيسيوس المذكورون بالإسم هم زانيتاس ولعازر وماروثاس ونرسيس وإيليا ومارس وحبيب وسمبيط وسابا. كتب سيرتهم فارس أرمني اسمه إشعياء كان جنديًا في جيش شابور الثّاني وعاين بأمّ العين وسمع ما دار خلال استجواب الشّهداء. دونك بعض ما ورد في التّرجمة:
في السّنة الثّامنة عشرة من حكم شابور الثّاني حمل مَن كان لقبه ملك الملوك على المسيحيّين حملة شعواء فسالت الدّماء غزيرة واندكّت الكنائس والأديرة. فلما سمع يونان وباراشيسيوس، وكانا أخوين من مدينة بيت آسا، ان عددًا من المسيحيّين حُكم عليه بالموت في حُباهام، توجّها إلى هناك ليشدّدا الموقوفين ويخدماهم. تسعة من هؤلاء نالوا إكليل الاستشهاد. فلما نُفِّذ فيهم حكم الموت جرى القبض على يونان وباراشيسيوس بتهمة تحريضهم على الموت.
حاول القاضي، بليونة، حمل الأخوين على إعلان الطّاعة لملك الملوك وعبادة الشّمس والقمر والنّار والماء. جوابهما كان ان المعقول، بالأحرى، ان يطيعا الملك الخالد للسماء والأرض ولا يطيعان أميرًا تحت الموت. فاستاء المجوس لسماعهم هذا الكلام عن ملكهم. وبإيعاز منهم فُصل الشّهيدان أحدهما عن الآخر وأُلقي باراشيسيوس في حفرة ضيّقة فيما أُبقي يونان موقوفًا لديهم عساهم يتمكّنون من إقناعه بالتّضحية. ولكن لما رآه أمير المجوس ثابتًا لا يلين أمر به فطرحوه أرضًا على بطنه جاعلين عصا تحت صرّته وأخذوا في ضربه بالهراوات المعقّدة والقضبان. خلال ذلك كان قدّيس الله يصلّي قائلًا:”أشكرك، إلهَ أبينا إبراهيم فاهّلني، أتوسّل إليك، ان أُقرِّب لديك ذبائح مقبولة. واحدة سألت الرّبّ وإياها ألتمس. أما الشّمس والقمر والنّار والماء فأُنكرها وأؤمن وأعترف بالآب والابن والرّوح القدس”. فأمر القاضي بإلقائه في بركة تجمّد ماؤها وان تُربط قدمه بحبل. ومن ثم تحوّل إلى باراشيسيوس فاستحضره وزعم أمامه ان أخاه أذعن وضحّى. فقال الشّهيد: ليس ممكنًا ان يكون أخي قد أدّى الإكرام الإلهي للنار وهي خلقة حقيرة! ثم استرسل فأخبر بعظمة الله الخالق. وقد كان باراشيسيوس على بلاغة في التّعبير وقوّة في الخطابة أخّاذَين حتّى اندهش المجوس لسماعه وقال أحدهم للآخر: لو انه سُمح لهذا ان يتحدّث في النّاس لاجتذب العديدين. فلا يناسب، والحال هذه، ان يكون استجوابه إلا سرًّا وفي اللّيل. في تلك الأثناء حمّوا حديدًا وجعلوه تحت إبطيه وأذابوا قصديرًا وسكبوا في منخاريه وعينيه ثم ألقوه في السّجن وعلّقوه من رجله.
إثر ذلك أخرج المجوس يونان من البركة المتجمّدة وقالوا له: كيف حالك هذا الصّباح؟ لا بد ان تكون قد أمضيت ليلة مزعجة؟ أجاب: كلّا! منذ مولدي لا أذكر ليلة نعمت فيها بالهدوء والرّاحة كما نعمت هذه اللّيلة! فقالوا: صاحبك كفر! فأجابهم: أنا أعلم انه كفر بإبليس وملائكته من زمان! فألحّوا عليه ان احرص ان تُهلك نفسك منبوذًا من الله والنّاس. فأجاب: لو كنتم حكماء، كما تزعمون، لحكمتُم في أي الأمرين أصلح ان يُبذر الحَبُّ أم ان يُخزن. فإن حياتنا حَبّ مبذور لينبت ثانية في العالم الآتي حين يتجدّد بالمسيح في النّور الّذي لا يخبو. قال المجوس: كتبكم أخرجت العديدين! فأجاب: أجل، أخرجتهم من متع الدّنيا. فحين يكون خادم المسيح غارقًا في الآلام لأجل سيِّده يكون سكران حبًا وشوقًا فينسى حال هذه الحياة العابرة وينسى غناها وكراماتها. لا يعود يهمّه، الملوك والأمراء والأسياد والنّبلاء بل معاينة الملك الحق الّذي مُلكه بلا نهاية وسلطانه إلى الدّهور.
ومن جديد أمر القضاة بيونان فقُطعت أصابع يديه ورجليه وبُعثرت وسُلخ جلد رأسه وقُطع لسانه وأُلقي في خلقين من الزفت المغلي فلم يتأذَّ. ثم عُرِّض للمكبس الخشبي ونُشر وأُلقي قطعة قطعة في خزّان جاف وأُمر الجند بحراسته ليل نهار لئلا يأتي مسيحيون ويسرقوه.
ثم جاء دور باراشيسيوس فنُصح بعدم التّفريط بجسده. فأجابهم: جسدي لم أصنعه ولن أدمّره. الله الّذي صنعه هو يستعيده ويدينكم أنتم وملككم! فتفنّنوا في تعذيبه هو أيضًا وزرعوا عيدان القصب عميقًا في بدنه وجعلوا يقلّبونه على الأرض وكبسوا على بدنه وسكبوا الزفت المغلي في جوفه فأسلم الرّوح ونال كأخيه إكليل الشّهادة.
كانت شهادة الإثنين، يونان وباراشيسيوس، ومن معهما في كانون الأول من العام 327 م. إلا ان ذكرهم في الشّرق والغرب اعتُمد في 29 آذار.