في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
* تذكار حافل للنّبيّ الكريم السّابق المجيد يوحنّا المعمدان * نقل يمين السّابق المجيد من أنطاكية إلى القسطنطينيّة * الشّهيد الجديد أثناسيوس أتاليا المستشهد في إزمير.
* * *
✤تذكار حافل للنبيّ الكريم السّابق المجيد يوحنّا المعمدان✤
نقيم اليوم تذكارًا حافلًا للقدّيس النّبيّ السّابق المَجيد لأنّه أداة العيد الّذي احتفلنا به البارحة، عيد الظّهور الإلهيّ، على غرار العيد الجامع لوالدة الإله الّذي احتفلنا به في اليوم التّالي من عيد الميلاد المجيد. هكذا جرت العادة بالنّسبة لبعض الأعياد السّيّديّة. لن نُعيد الكلام الّذي سبق لنا أن أوردناه في أعياد أخرى مرتبطة بالسّابق المجيد كتذكار القدّيس زكريا النّبيّ (5 أيلول) وعيد الظّهور الإلهيّ (6 كانون الثّاني). هذا بإمكان القارئ العزيز مطالعته في موضعه. بل نكتفي بالصّورة الّتي ارتسمت عنه في خدمتنا اللّيتورجيّة ومكانته في ترتيباتنا الكنسيّة.
النّبيّ الكريم السّابق المَجيد، في خدمة اليوم، هو مُسارٌّ سماويٌّ للثّالوث ومِصباح بالجسم وغصن للعاقِر وصديق مولودِ البَتول مَريم. وهو عاشق الرّوح وبلبل النّعمة النّاطق بالله وإناء شريف كليّ النّقاوة لعدم الهوى. زيّنته حكمة الله وتلألأ بمصابيح الفضيلة الفائقة الطّبيعة وأظهر سيرة عادمة الهيولى. يعتبر أرفع الأنبياء شأنًا وأعظم مواليد النّساء. هذا بشهادة الرَّبّ يسوع نفسه (متّى 11). وهو الوسيط بين العهدَين القديم والجديد وخاتمة الأنبياء (صلاة السَّحَر – الأودية السّادسة)، مقامًا من الشّريعة والنّعمة في آن، مختتمًا الأولى ومفتتحًا الثّانية (صلاة السَّحَر – الأودية التّاسعة). خاتمة النّاموس وباكورة النّعمة الجديدة (صلاة السَّحَر– الأودية السّابعة). وهو مساوٍ للملائكة بسيرته الغريبة وقد أجاز حياته كمثل ملاك على الأرض وسكن القفر “منذ عهد الأقمطة” (صلاة السَّحَر – ذكصا الإينوس). كما أنّه بارتكاضه في الحشا (لوقا 1: 44) أنبأ بسرور بالثّمر البتوليّ في بطن مريم وسجد له (الأودية الأولى).
ويبقى السّابق المَجيد في الكنيسة بعد شهادته سابقًا للمسيح في حياة المؤمنين في كلّ جيل. فهو نموذج الزّهد والبتوليّة وحياة التّوبة واللّاهوى. وهو زعيم الرّهبان وساكن القفار لا يكفّ عن الإعداد لمجيء السّيّد فينا. “أعدّوا طريق الرَّبّ. اجعلوا سبله قويمة”. ونحن باتّباعنا صوته الدّاعي إلى التّوبة نستعدّ حسنًا لاقتبال المعموديّة المُقدّسة وتفعيلها، ونحفظ، في خطّه الزّاهد المُتقشّف، نعمة الله المستودعة بالمعموديّة وننمّيها إلى أن يستقرّ الرَّبّ يسوع المسيح فينا بالكليّة في ملء قيامته المَجيدة.
هذا وقد كانت الكنيسة قديمًا ترتّل له، في مثل هذا اليوم، الطّروباريّة التّالية:
“أيّها السّابق، يا نبيّ القفر ومُواطِن البرّيّة، يا مَن سمع الصّوت الإلهيّ للآب واستحقّ أن يعمّد الابن والسّيّد، الّذي عايَنَ الرّوح القدس بأمّ العَين وأذاع للجميع معموديّة التّوبة. سل أيضًا من أجلنا، نحن الخطأة، الشّفاء بالمياه وصلواتك لكيما تكون لنا من لَدُن المسيح الرّحمة الغنيّة العُظمى”.