في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*القدّيسة البارّة ميلاني الصّغرى *الشّهيد في الكهنة زوتكوس معيل الفقراء *القدّيس البار جيلاسيوس الفلسطينيّ*الشّهيد بوا المنبجي *القدّيس البار غايوس *عذارى نيقوميذية الشّهيدات العشر *القدّيسة الشّهيدة أوليمبيوذوره *الشّهيدة نعمة *القدّيس ثيوفيلاكتوس، رئيس أساقفة أوخريدا *القدّيس البار كرياكوس بيسيريكاني الرّومانيّ*القدّيس البار كيرياكوس تسلاوو الرّومانيّ.
* * *
✤القدّيس الشّهيد في الكهنة زوتيكوس مُعيل الفقراء (+ 337 م)✤
وُلد في رومية في كنف عائلة مؤمنة. تلقّى قسطًا وافرًا من العلم ونشأ محبًّا للفَضيلة. وقع اختيار القدّيس قسطنطين الكبير عليه ليُساعده في تأسيس عاصمته الجديدة. أصدر الأمبراطور أمرًا بإخراج المُصابين من العاصمة أو إلقائهم في البحر، أنّى تكن حالهم، لوضع حدّ للوباء. انعصر قلب زوتيكوس لهذا التّدبير فتوجّه إلى القصر الملكيّ وطلب من الأمبراطور كميّة كبيرة من الذّهب ليشتري بها، على حدّ تعبيره، “لآلئ وحجارة كريمة تزيد جلالته مجدًا فوق مجد، لا سيّما وله خبرة يُعتدّ بها في هذه المسائل”. حظي زوتيكوس بموافقة الأمبراطور. وبعدما وضع يده على ذهب وفير، أخذ يطوف المدينة ويجمع لا حجارة ثمينة صمّاء بل حجارة ثمينة حيّة من النّوع الّذي يتمجّد به الله. شرع يزور المَرضى ويُعيل الأيتام ويَفتدي المَسوقين إلى المَنفى أو المزمع إلقاؤهم في المياه. هؤلاء كلّهم جمعهم وسار بهم موكبًا من المُحطّمين، إلى هضبة تقع على الضّفة المقابلة من البوسفور، وتعرف بهضبة العريس. هناك نصب لهم خيمًا وأقام أكواخًا من أغصان الشّجر لإيوائهم وأمّن لهم كلّ عناية وتعزية. فلمّا تولّى قسطنديوس العرش محلّ أبيه سنة 337 م، وكان مناصرًا للفريق الآريوسيّ، لاحق المُستقيمي الرّأي واضطهدهم. وإذ كان بعض جلساء الملك من الّذين حسدوا زوتيكوس لمّا تمتّع به من امتيازات في عهد قسطنطين، فقد أوغروا صدر العاهل الجديد عليه لأنّه من غير مذهب الأمبراطور وهو يبدّد أموال الدّولة على البرص. وحدث أن ضربت المدينة الجديدة مجاعة فحاول الوشاة أن يصوّروا للملك أنّ المجاعة ما كانت لتكون لولا زوتيكوس وهذا الهدر الكبير في المال على يديه. ولكن، بلغ زوتيكوس ما دبّره له الوشاة لدى العاهل الجديد، فاستبق الأمور وجاء بنفسه إلى القصر. ولمّا وقف أمام الملك دعاه إلى مرافقته لرؤية ما اشتراه له من حجارة ثمينة. فخرج قسطنديوس معه بموكب. فلمّا بلغوا سفح الهضبة، دهش قسطنديوس لمرأى مسيرة تتقدّم منه قوامها عدد كبير من البرص يحمل كلّ منهم في يده مشعلًا. وكانت ابنة قسطنديوس على رأس المَسيرة، وهي إحدى الّذين أصيبوا بالوباء وأنقذوا من الموت غرقًا. ولمّا سأله الأمبراطور عن المشهد باستغراب، أجاب: “هؤلاء الّذين يتقدّمون منك يا جلالة الملك هم الحجارة الثّمينة واللآلئ البهيّة الّتي يزدان بها التّاج السّماويّ الّذي سوف تناله ميراثًا لك بفضل صلواتهم. من أجل خلاصك اقتنيت هذه الجواهر!” ولكن، بدل أن يتحرّك قلب قسطنديوس، لا سيّما لرؤية ابنته، اغتاظ أشدّ الغيظ وأمر جنوده بإلقاء القبض على زوتيكوس. فأمسكوه وقيّدوه إلى بغال وحشية ثمّ جرّروه إلى أن لفظ أنفاسه. فلمّا وصلت البغال إلى كنيسة القدّيس بندلايمون انقلعت عينه وقيل خرجت، للحال من الأرض، مياه نبع شفت الكثيرين. ثمّ تحوّلت البغال، في خط سيرها، إلى أعلى ولم تتوقّف إلّا بعدما بلغت القمّة. هناك حاول السّائسون حملها على السّير قدمًا فلم تعد تتزحزح. وإذا بالبغال تنطق على نحو ما نطق حمار بلعام في العهد القديم (عدد 22: 28 – 30) وتقول إنّه يجب دفن الجسد على الهضبة. انذهل الأمبراطور لهذا المشهد وقيل تاب، ثمّ عمد إلى دفن القدّيس هناك بإكرام. وقد أنشأ في المكان، بعد حين، مستشفى عُنِيَ بالبرص. أكرم القدّيس زوتيكوس فيما بعد كشفيع لمؤسّسات البرّ والإحسان في العاصمة البيزنطيّة.