في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
* أمّنا القدّيسة البارّة بيلاجية الأنطاكيّة *الشّهيدة بيلاجية البتول الأنطاكيّة *الشّهيدة بيلاجية الطّرسوسيّة *القدّيسة البارّة طهسي *الشّهيد في الكهنة أرتامن اللّاذقيّ*أبونا الجليل في القدّيسين سيسينيوس أسقف اللّاذقيّة *القدّيسة البارّة تائيس الزّانية التّائبة *الجديد في الشّهداء إغناطيوس الصّغير * القدّيس البار دوسيثاوس الرّوسيّ*القدّيس البار تريفون فياتكا *الشّهيدان أبادير وإيرائي أخته *أبونا الجليل في القدّيسين نيقولاوس بطريرك أنطاكية *الشّهداء الرّوس الجدد ديمتري دوبروسردوف ومَن معه.
* * *
✤ القدّيسة البارّة تائيس، الزّانية التّائبة✤
عاشت في الإسكندريّة في القرن الرّابع الميلاديّ. أودعتها أمّها بيتًا من بيوت الدّعارة وهي في السّابعة عشرة من عمرها. وإذ كانت على قسط وافر من الجمال اجتذبت الكثيرين إليها وجمعت ثروة كبيرة، حتّى كان بعض النّاس يبيعون مُمتلكاتهم لوالديها طالبين القرب منها. وصل خبرها إلى قدّيس راهب اسمه سيرابيون فحرّك الله قلبه صوبها وقرّر العمل على هدايتها. لبس سيرابيون ثيابًا عسكريّة وجاء إليها. أعطاها قطعة ذهبيّة فأدخلته إلى غرفة الخطيئة. قال لها: “أليست هناك غرفة أخرى غير هذه؟“، قالت: “بلى“، قال: “لندخل إليها إذن“، قالت: “إن كنت تخجل من رؤية النّاس لك فاعلم أنّه لن يرانا أحد في هذه الحجرة. ولكن، إن كنت تخشى الله فهو يستطيع أن يرانا في أيّ مكان نحلّ فيه“. إذ ذاك كشف لها سيرابيون ثوبه الرّهبانيّ تحت حلّته العسكريّة، وقال لها: “هل تعلمين، يا ابنتي، أنّ الله موجود؟”. قالت: “نعم أعلم أيضًا أنّه سوف تكون هناك دينونة ومُلك“. قال: “ما دمت تعلمين أنّ الله موجود وأنّه ستكون هناك دينونة، فلماذا تتسبّبين في هلاك هذه الكثرة من النّاس وخراب بيوتهم؟!“. عند ذاك استفاقت تائيس من دوار الشّهوة وازدحمت مشاعر التّوبة في قلبها فألقت بنفسها عند قدمي القدّيس سيرابيون، وقالت: “أنا أعرف أنّه توجد توبة للخطأة. لكن أسألك، يا أبتي، أن تصبر عليّ ساعة واحدة، وبعد ذلك أذهب معك إلى حيث تأخذني“. أسرعت تائيس وجمعت ثيابها ومثمّناتها والأثاث وأشعلت فيه النّار في وسط المدينة وهي تصرخ وتقول: “تعالوا يا مَن اشتركتم معي في النّجاسة! ها إنّي أُودع النّار ما جنيتُه منكم لتكون لي توبة، منذ الآن، عند ربّي“. وأخذها سيرابيون إلى دير للعذارى، فأقامت فيه حبيسة لا تتناول من الطّعام إلّا قليله، خبزًا وماء، مرّة كلّ يومين، تسكب الدّموع كلّحين وترفع زفرات قلبها إلى العلي سائلة إيّاه الرّحمة. بقيت على هذا النّحو ثلاث سنوات، إلى أن مضى سيرابيون إلى القدّيس أنطونيوس الكبير وسأله عمّا إذا كان الله قد قبل توبة تائيس أم لا. فدعا القدّيس أنطونيوس تلاميذه، وقال لهم: “ليحبس كلّ منكم نفسه هذه اللّيلة، لنرى لمَن منكم يكشف الله الأمر الّذي جاء البار سيرابيون من أجله“. ولمّا فعل التّلاميذ ذلك، رأى واحد منهم، وهو بولا البسيط، أنّ ثمّة مكانًا مُعَدًّا في السّماء جمالُه عظيم وثلاثة ملائكة يحملون المصابيح واقفين أمامه، وتاج الظّفر موضوع عليه. فلما عاين بولا هذا المنظر البديع قال: “إنّ هذا المجد لا يمكن أن يكون إلّا لأبي أنطونيوس“، فجاءه صوت من السّماء يقول له: “لا، بل هذا المجد هو للعابدة النّاسكة تائيس“. وعند الصّباح أخبر بولا بما جرى له ففرح القدّيس سيرابيون لأجل تائيس وذهب إلى دير العذارى ليخرجها من محبسها فلم تُرد قائلة: “اتركني هنا إلى يوم وفاتي لأنّ خطاياي كثيرة“. قال لها سيرابيون إنّ الله قد قبل توبتك، فقالت: “في الحقيقة يا أبي، أنّي قد جعلت خطاياي حملًا ثقيلًا وضعته أمام عينيّ منذ أن دخلت هذه القلّاية، وهكذا كما أن النَّفَس لم ينفصل عنّي كذلك خطاياي لم أدعها تعبر من أمام عينيّ“. قال لها سيرابيون: “إنّ الله لم يغفر لك خطاياك من أجل توبتك إنّما من أجل الفكر الّذي كان لك. ومن أجل إرادتك الصّادقة في تسليم نفسك للمسيح“.
وانضمّت تائيس إلى العذارى، لكنّها لم تبق معهن إلّا خمسة عشر يومًا انتقلت بعدها إلى حضن ربّها.