في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
القدّيسة الشّهيدة أنسيّة *القدّيس الرّسول تيمون *الشّهداء سابينوس ورفقته *الشّهداء ماجستريانوس وآخرون *القدّيسة البارّة ثيودورة الّتي من قيصريدا *الشّهيد فيلاتير *القدّيسة ثيودورة الّتي من القسطنطينيّة *القدّيس البارّ لاون *القدّيس مكاريوس متروبوليت موسكو وكلّ روسيّا *القدّيس البارّ جدعون الجديد في الشّهداء.
* * *
✤ القدّيس البارّ جدعون الجديد في الشّهداء (+1818م) ✤
ابن عائلة فقيرة من قرية كابورنا القريبة من مدينة فولوس في اليونان. في الثانية عشرة من عمره أرسله والده إلى أحد أعمامه وكان تاجراً في ناحية فلسطينون. لاحظه أحد المسلمين هناك فأُعجب به لذكائه وحميّته في العمل فاتخذه عنوة وجعله في خدمة حريمه. بعد سنة من ذلك قبل الولد ختاناً بشرياً وصار مسلماً واتخذ إبراهيم اسماً. ولكن ما أن مرّ عليه شهران حتى أخذ ضميره يعذّبه لأنه تنكر للمسيح. هرب وعاد إلى منزله الوالدي وأطلع أهله على ما جرى له. خاف عليه والده أن يلاحقه المسلمون فسفّروه إلى جزيرة كريت. عمل هناك في مهنة البناء، لكن معلّمي البناء عاملوه بقسوة وعنف فهرب من جديد ولجأ إلى كاهن تقي. اعترف جدعون لدى الكاهن بخيانته للمسيح فعلّمه الكاهن طريق التوبة واستضافه واتخذه ابناً له بالتبنّي. انقضت على ذلك ثلاث سنوات عرف فيها جدعون طعم الاستقرار إلى أن رقد الكاهن في الرب فارتحل جدعون إلى الجبل المقدّس (آثوس) لاستكمال توبته. انضم إلى دير كاراكالو واتخذ اسم جدعون. صار قندلفت الكنيسة. أبدى خضوعاً وتواضعاً كاملين كراهب. تقدّم سريعاً في الصوم والسهر والسجود والبكاء وسائر أعمال النسك. وعلى مدى خمسة وثلاثين عاماً كان جدعون راهباً نموذجياً. سنة 1797م، جعلوه مدبّر ممتلكات ديره في جزيرة كريت. كان يحب هناك أن يقرأ سير القدّيسين الشهداء. طالع خيرة نماذج القداسة حباً بالله. قرأ عن قدّيسين كفروا بربهم ثم تابوا إليه. تحرّكت أحشاؤه والتهبت نفسه واشتهى محاكاة هؤلاء الأبطال فقام وعرض أمره على رؤسائه. وما أن نال بركتهم على سعيه إلى الشهادة الطوعية توبة وتكفيراً حتى ادّعى الجنون على غرار المتبالهين من أجل المسيح. توجّه إلى فلسطينون، وكان اليوم يوم الخميس العظيم. جاء إلى مخدومه المسلم مزيّن الشعر وعلى جسده رسوم أزهار متنوعة. لم يعرفه المسلم. عرّف عن نفسه فجرى القبض عليه للحال واستيق، في اليوم التالي، إلى القاضي، وفي يديه بيضتان فصحيتان. فلما وقف أمام القاضي قال له: “المسيح قام!”. قدّم له القاضي فنجاناً من القهوة فألقاه جدعون عليه وقبّح دينه. فعل كل ما في استطاعته لإغاظة القاضي ليجرّ على نفسه العقاب والموت. اعتبروه مجنوناً. وبعدما جلدوه جلداً عنيفاً تركوه نصف ميت. لم تنجح حيلته رغم كل شيء. لجأ إلى مغارة ثم عاد إلى آثوس وبقي هناك سنة كاملة. ولما حانت ساعة استشهاده سمع، في إحدى الليالي، صوتاً يخرج من إيقونة السيد قائلاً: “كل من يعترف بي قدّام الناس اعترف أنا أيضاً به قدّام أبي الذي في السموات. ولكن من ينكرني قدّام الناس أنكره أنا أيضاً قدّام أبي الذي في السموات”. (مت32:10_33). أدرك جدعون أن الساعة حضرت فقام إلى فلسطنيون واعترف بجرأة أنه كان مسلماً ثم ترك الإسلام واستعاد إيمانه بالمسيح. سُلّم للباشا في تيرنافوس القريبة من لاريسا في تساليا. جرّدوه من ثيابه وجعلوه على حمار وجعلوا على رأسه صوف الخروف. لهم كان المشهد للهزء والسخرية وله للمجد. أخيراً قطعوا أطرافه بالفأس. ارتبك جلاده لأنه رآه واثقاً يشجعه على إتمام عمله. لا صرخ ولا أنّ! ألقوه في جورة المراحيض فمات! كان ذلك في 30 كانون الأول سنة 1818م. في اليوم التالي، دفع مسيحيون أتقياء ثمن جسده ثم استخرجوه ودفنوه كما يليق. خرجت من جسده دماء حارة جرت بها جملة عجائب. سنة 1837م، بعد ظهورات عدة، استعاد دير كاراكالو في جبل آثوس معظم بقاياه.