في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
* الشّهداء طروفيموس وسباتيوس ودوريماذون * أبونا الجليل في القدّيسين ثيودوروس رئيس أساقفة كانتربري * الشّهيد في الكهنة يناير ورفقته، فوستوس الشّمّاس وديداريوس القارئ وصوصياس وبروكلوس الشّمّاسان وأفتيشيس وأكوسيوس * الشّهيد زوسيما *القدّيسون الأمير الرّوسيّ ثيودوروس ياروسلاف وولداه داود وقسطنطين *الشّهيد الأنبا بيسوره المصريّ*الشّهداء الرّوس الجدد قسطنطين غولوبيف ورفيقاه * القدّيس البارّ الرّوسيّ ألكسيس سولوفييف.
* * *
✤أبونا الجليل في القدّيسين ثيودوروس رئيس أساقفة كانتربري✤
ولد القدّيس “ثيودوروس” في طرسوس الكيليكيّة، الّتي هي مدينة القدّيس بولس الرّسول، عام 602 للميلاد. درس في أثينا فلَمَعَ. ولسبب ما نجهله، قد تكون له علاقة بالتّغيّرات السّياسيّة الكبرى الّتي حصلت في البلاد السّوريّة، انتقل ثيودوروس، راهبًا، إلى مدينة روما حيث انضوى تحت لواء أحد الآباء المعروفين هناك واسمه “أدريانوس”. ثمّ إنّ “ثيودوروس” برز في مجال الدّراسات المَشرقيّة ونالَ إعجاب البابا “فيتالي”.
ويَشاء التّدبير الإلهيّ أن يتوفّى الرّئيس المُسمّى لأساقفة كانتربري قبل أن يُصار إلى سيامته في روما. ولمّا بحث البابا عن بديل، أوصى “أدريانوس بثيودوروس” فقبل به البابا، شَرط أن يبقى أدريانوس بجانبه. وقد جرت سيامة ثيودوروس في نيسان من العام 668 للميلاد. تجدر الإشارة إلى أنّ الأسقف الجديد لم يكن ولا حتّى كاهنًاعندما وقع اختيار البابا عليه، كما أنّ سِنَّهُ كانت قد جاوزت السّتّين.
وقد أثار تعيين البابا لثيودوروس استغرابًا واعتراضًا وجدلًا، فتأخّر استلامه لمهامه. لكنّه تمكّن، في شهر أيّار من العام التّالي، 669 م، من الوصول إلى كرسيّه حيث باشر عمله لتوّه.
وكان أوّل عمل قام به زيارة أَرجاء أَبرشيّته الواسعة كافّة والوقوف على حالها والمَفاسد والفوضى المُتفشّية فيها وعلى الخلل في الحياة الرّهبانيّة عامّة. وقد أعطى توجيهاته في شأن تعييد الفصح والقواعد الرّهبانيّة، كما عمل على إصلاح الإدارة الكنسيّة وضبط أنظمتها. ويشهد المؤرّخون في مجال التّوحيد الإداريّ والتّنظيميّ للكنيسة، في بلاد الإنكليز، أنّ ثيودوروس كان أوّل أسقف تمكّن من جمع الكنيسة كلّها هناك تحت سلطانه، علمًا بأنّه الأسقف السّابع لكانتربري.
ثمّ في العام 673 م رأس أوّل مجمع إكليريكيّ في هارتفارد، فاهتمّ بسَنّ التّشريعات الخاصّة بتنظيم الإدارة الكنسيّة والقوانين التّأديبيّة. كما اهتمّ بخلق أبرشيّات جديدة وقسمة الأبرشيّات القائمة. ويعتبر “ثيودوروس” أبًا للكنيسة الإنكليزيّة، تنظيمًا، بلا منازع. فالدّارسون متّفقون على أنّه أتى إلى الكنيسة في انكلترا وهي في فوضى عارمة، وغادرها إلى ربّه، بعد اثنين وعشرين عامًا، وقد انتظمت بصورة دقيقة.
ويبدو أنّ الأُطُرَ الإداريّة الّتي رسمها كانت من التّماسك والمتانة والفاعليّة بمكان، بحيث لم تزعزعها القلاقل الّتي ضربت الكنيسة في أوروبّا خلال القرن السّادس عشر، وهي ما تزال إلى اليوم في أساس النّظام الأبرشيّ في كنيسة بلاد الإنكليز، وقد كتب الأسقف المؤرّخ ستابس في هذا المجال يقول: “من الصّعب علينا، لا بل من المستحيل، إيفاء “ثيودوروس” حقّه، لما تدين له به انكلترا وأوروبا والحضارة المسيحيّة من فضل عليها”.
هذه السّيرة للقدّيس ثيودوروس الطّرسوسيّ استعرناها من السّنكسار اللّاتيني ومصادر أخرى. وقد أثبتناها هنا لأنّ الكنيسة اللّاتينيّة تعيّد له في مثل هذا اليوم.