في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*القدّيس حبقوق النّبيّ*القدّيسون الأبرار يوحنّا وهيراقليمون وأندراوس وثيوفيلوس المصريّون *الشهيدة طيبة (ميروبا) *دخول جسد القدّيس العظيم في الشّهداء ديميتريوس إلى بيت المقدس *القدّيس البار كيرلّلس الفيلاويّ*أبونا الجليل في القدّيسين يسّى السّوريّ،أسقف سيلقان الجيورجيّة*أبونا الجليل في القدّيسين أثناسيوس الحبيس*القدّيس بورفيريوس الرّائي.
* * *
✤القدّيس حبقوق النّبيّ✤
هو صاحب السِّفِر الثّامِن من أسفار الأنبياء الاثني عشر الصّغار.
نكاد لا نعرف عنه شيئًا محقّقًا. اسمه مُشتقّ من النّبات المَعروف بـ “الحَبق”، أو لعلّه يَعني “أبا القيامة” إذا ما أخذنا برأي من يقلب الحاء ألفًا والقاف الأخيرة ميمًا.Habakkuk
اسم حبقوق ورد في بداية الإصحاح الأوّل على هذا النّحو: “الحمل الثّقيل الّذي كان لحبقوق النّبيّ في رؤيا”. لاحظ عبارة “الحمل الثّقيل” الّتي يشير بها الكاتب إلى النّبوءة.
خارج السّفر، هناك ذكر لحبقوق عند دانيال النّبيّ (النّص اليونانيّ المعروف بالسّبعينيّ 33:14-39). يقول سفر دانيال إنّ حبقوق النّبيّ كان في أرض يهوذا يعدّ طبيخًا. وإذ أزمع أن يخرج به إلى الحصّادين، في الحقل، جاءه ملاك الرَّبّ قائلًا: “احمل الغداء الّذي معك إلى بابل، إلى دانيال في جبّ الأُسُود”. فقال حبقوق: “إنّني لم أر بابل ولا أعرف الجبّ”. فأخذه ملاك الرَّبّ بشعره ووضعه في بابل عند الجبّ باندفاع روحه. فنادى حبقوق قائلًا: “يا دانيال، يا دانيال، خذ الغذاء الّذي أرسله لك الله”. فقال دانيال: “اللّهمّ، لقد ذكرتني ولم تترك الّذين يحبّونك”. وردّ ملاك الرَّبّ حبقوق من ساعته إلى مكانه.
في نبوءة حبقوق ما يُشير إلى أنّه نُطق بها على مراحل. الدّارسون يقولون أنّها امتدّت من السّنة 610 إلى ما بعد السّنة 587 ق.م، زمن سقوط أورشليم في يد الكلدانيّين وسبي العديد من السّكّان إلى بابل. يندّد السّفر بِعَدوّخارجيّ هو ملك الكلدانيّين لما يبديه من عنف وقتل ودمار، وكذلك بِعدوّ داخليّ لعلّه يوياقيم، ملك يهوذا (609- 598 ق.م) لظلمه.
يقع السّفر في ثلاثة إصحاحات وستّ وخمسين آية، وهو في صيغة قصائد يظن الدّارسون أنّها كانت تُنشد في احتفالات طقوسيّة.
من حيث الموضوعات، “تتضمّن النّبوءة ثلاثة عناوين عريضة، أوّلها حوار بين النّبيّ والله يبدو فيه حبقوق معاتبًا لربّه متألّمًا متحيّرًا. يسأل، وقد اتّخذ مأساة شعبه: “إلى متى يا رب أستغيث ولا تستجيب، أصرخ إليك من الظّلم ولا تخلّص؟” (1:1). “لِمَ تنظر إلى الغادرين ولِمَ تصمت عندما يبتلع الشّرّير من هو أبرّ منه، وتعامل البشر كسمك البحر، كزحّافات لا قائد لها؟” (13:1- 14). وإذ يطرح حبقوق مشكلته يقف على محرسه، ينتصب على مرصد قلبه ويُراقِب (1:2). ويأتيه الجَواب: الله حرّك الكلدانيّين (6:1)، والشّعب لا ضمان له غير أمانته. بكلمات النّبيّ نفسه: “النّفس غير المستقيمة غير أمينة. أمّا البار فبأمانته (أو بإيمانه) يحيا” (4:2). هذا بشأن العنوان العريض الأوّل.
أمّا العنوان الثّاني فجملة لعنات يسكبها النّبيّ على الظّالمين. هؤلاء كالموت لا يشبعون، لكن أفعالهم ترتدّ عليهم، وكما فعلوا يفعلون بهم (7:2- 8) وعوض المجد يشبعون هوانًا (16:2). وأنى بلغ شأن الممالِك والشّعوب فإنّما يتعبون للنّار ويجهدون للباطل (13:2)، لأنّ ربّ القوّات هكذا رسم.
أمّا العنوان العريض الثّالث للنّبوّة فمزمور يعلن فيه حبقوق أنّ الله آت وسيهشّم رأس بيت الشّرير(13:3). لذا يتهلّل حبقوق ويفرح ويُعلِن كما في القديم: “الرَّبّ الإله قوّتي وهو يجعل قدمي كالأيائل ويمشّيني على مشارفي”(19:3). كنسيًّا، احتلّ حبقوق مكانًا مرموقًا بين الأنبياء من حيث إنباؤه بتدبير الله الخلاصيّ بالرَّبّ يسوع المسيح. فالفصل الثّالث من سفره جعلته الكنيسة تسبحة من تسابيح صلاة السّحر، الرّابعة ترتيبًا، وعنونته هكذا: “صلاة حبقوق النّبيّ. يا حبقوق قل عن تنازل الكلمة: المجد لقدرتك يا ربّ”. وهي تنشد له في قنداق هذا اليوم (2 كانون الأوّل): “أيّها النّبيّ الملهَم من الله، لقد أذعت في كلّ المسكونة أنّ الله يأتي من الظّهيرة، أعني من العذراء مريم ومن نصف اللّيل حين سهرت أمامه. وقد أعلنت للعالم قيامة المسيح كما تلقنتها من ملاك نورانيّ. لذلك نشدو إليك بغبطة وسرور: افرح يا كنز النّبوءة البَهيّ”. من المُفيد أن نعرف أنّه إلى حبقوق، كما إلى أشعيا (9:11). يُعرى القول أنّ الأرض ستمتلئ من معرفة مجد الرَّبّ كما تغمر المياه البحر (14:2) وأن أصل التّقليد عن الثّور والبقرة في مزود بيت لحم يعود إليه (2:3) كما يعود إلى أشعياء (3:1).