في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
* تذكار الوجود الأوّل والثّاني لهامة القدّيس النّبيّ والسّابق المجيد يوحنّا المعمدان * القدّيس البارّ أرازموس الكهفيّ الكييفيّ * الشّهداء القرطاجيّون مونتانوس ولوكيوس ويوليانوس وفيكتوريكوس وفلافيانوس ورفقتهم * القدّيس أثلبرت الملك.
* * *
✤تذكار الوجود الأوّل والثّاني لهامة القدّيس النّبيّ والسّابق المجيد يوحنّا المعمدان✤
بعدما قَطَعَ هيرودس الرّابع، رأس يوحنّا المعمدان “تقدّم تلاميذه ورفعوا الجسد ودفنوه” (متّى 12:14). أمّا رأسه فأخذته هيروديّا على طبق ودفنته في مكان غير لائق بالقرب من قصر هيرودس .
ويستفاد من التّقليد أنّ قبر يوحنّا المعمدان كان في القرن الرّابع في السّامرة موضع إكرام المؤمنين ثمّ دكّه يوليانوس الجاحد وبعثر عظامه، لكنّ بعض المسيحيّين تمكّنوا من إنقاذ ما أمكن وأتوا به إلى أورشليم ودفعوه إلى رئيس أحد الدّيورة واسمه فيليبوس الّذي نقل الرّفات إلى القدّيس أثناسيوس الإسكندريّ، غير أنّ الحج إلى المدفن في سبسطيا استمرّ بضعة قرون وثمّة تقليد وصل إلى السّلافيّين يفيد أنّ حنة، إمرأة خوزي، وكيل هيرودس الّتي أمست إحدى حاملات الطّيب (لو 10:24) لم تطق أن يكون رأس السّابق المجيد في مثل الموضع غير اللّائق الّذي كان فيه فقامت وأخذته سرًّا إلى أورشليم إلى جبل الزّيتون حيث وجده فيما بعد رجل من النّبلاء صار راهبًا .
بعد ذلك بزمن وصل إلى فلسطين رهبان من المشرق بقصد السّجود للأماكن المقدّسة فظهر لهما السّابق في حلم اللّيل، كلًّا على حِدَة، وقال: “توجها إلى قصر هيرودس فتجدان هامتي تحت الأرض”. وإذ قادتهما النّعمة الإلهيّة سهل عليهما نبش الرّأس فشكرا الله وعادا بالهامة أدراجها من حيث أتيا، في الطّريق التقيا فخّاريًّا من أصل حمصيّ كان بائسًا وترك موطنه سعيًا وراء الرّزق. هذا، يبدو أنّ السّابق ظهر له في الحلم وعلى الأثر خطف الهامة وعاد إلى حمص. هناك تيسّرت أموره ببركة السّابق. ولمّا كان مشرفًا على الموت، جعل الرّأس في صندوق وسلّمه إلى شقيقة له، طالبًا منها ألّا تفتحه إلّا بأمر المودع فيه وأن تسلّمه، متى أتت السّاعة، إلى رجل تقيّ يخاف الله. على هذا النّحو انتقلت هامة السّابق من شخص لآخر إلى أن وصلت ليد كاهن راهب اسمه أفسطاتيوس، اتّخذ لنفسه منسكًا في مغارة غير بعيدة عن المدينة حمص، عيب هذا الرّاهب كان إنّه اعتنق الآريوسيّة، فلمّا حضّه الغرور على إثبات نفسه ادّعى أنّ الأشفية الّتي كانت تجري بوفرة بواسطة هامة السّابق هي منه هو، ولم يمضِ وقت طويل على أفسطاتيوس حتّى بانت هرطقته وسيّئاته فطرد من ذلك الموضع. أمّا رأس السّابق فبقي موارًا في مغارة إلى زمن لاحق حدث فيه أن كان مركلوس وهو راهب تقيّ، رئيسًا لدير بقرب تلك المغارة، في زمن الأمبراطور مرقيانوس (450-457 م ), وأسقفيّة أورانيوس على كنيسة حمص. في ذلك الزّمان ظهر السّابق المجيد لمركلوس عدّة مرّات وأحبّه وقدم له إناء من العسل، ثم بعد ذلك
قاده إلى زاوية في المغارة. هناك بخر مركلوس وباشر بالحفر فبان له الرّأس تحت بلاطة من المرمر، في جرّة، وأنّ أسقف المحلّة نقله إلى الكنيسة الأساسيّة في حمص فأضحى للمدينة برمّتها نبع بركات وخيرات فيّاضة، هذا دام إلى زمان الأمبراطور ميخائيل الثّالث (842-867 م) وبطريرك القسطنطينيّة القدّيس أغناطيوس حين تمّ نقله إلى المدينة المتكلّمة، نقل الهامة الّذي جرى يومذاك كان في أساس العيد الّذي نحتفل به اليوم .
هذا ما جرى للهامة وفق ما ورد عند القدّيس سمعان المترجم، غير أنّ تقليدًا آخر يتردّد صداه لدى بعض المؤرّخين الرّوم كسوزمينوس يفيد أنّ الرّأس جرى اكتشافه في فلسطين بهمّة راهبين نقلاه إلى سيليسيا، فلمّا علم الأمبراطور البيزنطيّ والنس (364-375م) بذلك أمر بنقله إلى القسطنطينيّة، وفي الطّريق توقّفت العربة الّتي كانت تنقله بصورة غير عاديّة في بنتيخيون (بيثينيا) ولم تعد تتحرّك، فأودع لدى راهبة كانت تدين بهرطقة مقدونيوس اسمها مطرونا، رئيسة لدير رهبانيّ رجلي. فلمّا توفّيت مطرونا انتقل الرّأس إلى كاهن أرثوذكسيّ وبقي لديه إلى أن جاء الأمبراطور ثيودوسيوس الكبير وأخذه في جبّته، يوم الثّامن من آذار 392 م ليجعله في كنيسة بهيّة في حيّ أبدومون بناها خصّيصًا لتحتضن الهامة.