في هذا اليوم تُقيم الكنيسة المُقدَّسَة تَذكار:
*القدّيسة الشهيدة أنسيّة *القدّيس الرّسول تيمون *الشّهداء سابينوس ورفقته *الشّهداء ماجستريانوس وآخرون *القدّيسة البارّة ثيودورة الّتي من قيصريدا *الشّهيد فيلاتير *القدّيسة ثيودورة الّتي من القسطنطينيّة *القدّيس البار لاون *القدّيس مكاريوس متروبوليت موسكو وكلّ روسيّا *القدّيس البار جدعون الجديد في الشّهداء.
* * *
✤القدّيسة ثيودورة الّتي من القسطنطينيّة✤
وُلدت ثيودوره، بعد عقر، لوالدين من الأشراف، ثيوفيلوس البطريق وزوجته ثيودوره. جاءت ثمرة استشفاع بالقدّيسة حنّة، أمّ والدة الإله، ونذر لها. اسمها معناه “هبة الله” وكذا كانت. فلمّا بلغت سنّ الشّباب أخذها والداها إلى دير القدّيسة حنّة في ريغيديون لتترهّب فيه إتمامًا لنذرهما. كان فرح ثيودوره في الدّير كبيرًا وسعيها للحياة الفاضلة حثيثًا. لكنّها قبل أن تقتبل النّذور الرّهبانيّة مرّت بتجربة قاسية شاء الرَّبّ الإله من خلالها أن يمحِّصها ويزيدها إيمانًا به واتكالًا عليه. فلقد رغب الأمبراطور لاون الثّالث الإيصوريّ (717 – 741 م)، وهو الّذي أطلق شرارة الحرب على الأيقونات، في زفّ ولده[1] خريستوفوروس إلى فتاة مناسبة تليق به وبمقامه بعدما جرت تسميته قيصرًا. وبعد الأخذ والرّدّ، وقع اختياره على ثيودوره لحسن نسبها وجمالها وتربيتها. فلمّا سأل عنها عرف أنّها ترهّبت. وإذ كان يكنّ العداء لجماعة الرّهابين ولا يوليهم أيّ احترام، فقد أرسل جنوده الّذين أحاطوا بدير القدّيسة حنّة وأخرجوا ثيودوره عنوة ثمّ استاقوها إلى القصر حيث كان عليها أن تواجه المرّ الواقع. بشريًّا لم يكن أمام ثيودوره أيّ مخرج فأذعنت، على مضض، راجية الرَّبّ الإله أن ينجّيها بطريقة هو يعرفها. وقد أقامت، لذلك، في الصّلاة، عارفة، في قرارة نفسها، أنّ العليّ لن يتخلّى عنها. في تلك الأثناء أخذت الاستعدادات تجري في القصر على قدم وساق تهيئة للزّواج. وإذ قرب موعد الزّفاف ولم يلُح في الأفق أيّ تغيير يفرِّج الكربة، لازمت الفتاة الصّلاة ولم تيأس. فجأة بلغت القسطنطينيّة أخبار مفادها أنّ القبائل السّكيثيّة هاجمت حدود الأمبراطوريّة البيزنطيّة فاضطرب القصر وخرج خريستوفوروس قيصر لردع المعتدين. ولكن ما إن اشتبكت القوّتان حتّى سقط خريستوفوروس صريعًا وانحلّت مشورة إبليس على عروس المسيح فعادت إلى ديرها سرًّا بعدما أخذت كلّ ما اجتمع لها من خيرات وزّعت قسمًا منها على الفقراء وأفردت الباقي لحاجات الدّير. وعلى غير ما كان متوقّعًا، لم تكن هذه نهاية التّجربة الّتي تعرّضت لها الفتاة. فما إن انقضت فترة الحداد على الشّاب القتيل وعادت الأمور إلى نصابها حتّى جاء إلى الدّير شقيق خريستوفوروس راغبًا في الحلول مكان أخيه. وإذ سأل عن ثيودوره ألفاها تكرّست ولبست الزّيّ الرّهبانيّ وكان زيًّا خشنًا فقيرًا منفّرًا. فلمّا رآها على هذه الحال انطفأت رغبته بها وفترت همّته لها فغادرها ولم يَعد.
سلكت ثيودوره في التّقشّف الزّائد في دروب الحياة الملائكيّة. لم ترحم نفسها ولا رقّة عودها حتّى بدت، بعد حين، جلدًا على عظم. كانت تنام على فراش حجريّ وتسهر اللّيل بطوله في الصّلاة. كما اعتادت حمل سلسلة حديديّة حول وسطها. هذه انغرزت في لحمها، لكنّها صبرت. على هذا المنوال ثابرت ثيودوره إلى النّهاية سالكة في صلاة متواترة وأتعاب وافرة وجهادات صابرة إلى أن تكمّلت وانتقلت إلى قصر الملك السّماويّ.